الاثنين، 30 مايو 2022

جغرافيا الخيانة والارتزاق كمائن موت للمسافرين

جغرافيا الخيانة والارتزاق كمائن موت للمسافرين 
مقال كتبه / مرتضى الجرموزي
ونُشر بصحيفة المسيرة عدد 1408 ليوم السبت 27 شوال 1443هـ الموافق 28 مايو 2022م
يتحدث فيه الكاتب عن جرائم مرتزقة العدوان بمناطق سيطرتهم بمأرب والجنوب والمتمثل باختطاف النساء والمسافرين من النقاط وفي مداخل المناطق وآخرها اختطاف الصحافية نزيهة الجنيد قبل ايام في مدينة مأرب
الى المقال ..


جغرافيا الخيانة والارتزاق كمائن موت العابرين
✍ أبو يحيى الجرموزي
قطعان من محافظات شتىّ خرجت من مخابئها بحثاً عن الارتزاق وطمعاً بالخيانة فكان أن كانت محافظة مأرب ومحافظات جنوبية ومناطق ساحلية وجهتها وقبلة ولاؤها لتحالف العدوان وها قد جعلوا من مدينة مأرب ومناطق سيطرة العدو أوكارٌ للجريمة والخيانة على أيادِ المرتزقة أفراد وقادة.
وعلى حسب هوى واطماع قوى الاستكبار وخبثهم الشيطاني فقد جعلوا من هذه الجغرافيا كمائن موت للعابرين ومصائد سطوٍ واختطاف للمسافرين والأمنين بمختلف مناطقهم وانتماءاتهم.
ومن القتل والاختطاف وجحيم النهب والسحل والاخفاء القسري لمجرد الاسم والقبلية يجد المرتزقة ضالتهم لتشبع غرائز ارتزاقهم حيث لا فرق بينهم ولا رجولة لديهم ولا دين أبقوه لأنفسهم وهم من جعلوا اليمن ساحة حرب وميادين استعراض القوى وتجريب السلاح بأنواعه.
وفي سياق الحديث عن الخيانة , عن الارتزاق ث وبيع الذمم والولاء حدّث ولا حرج عن أولئك الأقزام واللصوص وقاطعي الطرق وصنّاع الفتن ومنتهكو الحرمات.
حرابة في الطرقات من خلالها يحتجزون المسافرين نساء رجال وأطفال وبلا وازع ديني يقتادوهم الى سجون ومعتقلات تشرف عليها القوات السعودية والاماراتية وغيرها
وما بين فترة وأخرى ومع تجردهم الانساني والقيمي والأخلاقي يستمر المرتزقة في التعدي على حرمات وحقوق المسافرين بين المحافظات اليمنية طلباً للرزق او لقطع الجوازات او من يسافرون لغرض العلاج في الخارج فيتم توقيفهم لمجرد الاسم والمنطقة واللون واللغة.
حالات كثيرة اعتقلت وغيرها قُتلت على مداخل مأرب والجنوب وفي اوساط المدن يبحثون عن ضحايا يغدرون بهم في منازلهم ومقار اعمالهم لتهم باطلة جماعات وفرادى يُسجنون ويُعذبون بإشراف سعودي اماراتي أمريكي.
اليوم وفي ضل هدنة سارية اقدم المرتزقة في محافظة مأرب على اعتقال الصحافية نزيهة الجنيد أمرأه لا حول لها ولا قوة في مواجهة عتاولة الارتزاق وذنبها الوحيد انها صحافية ومن محافظة تعز ومن أصول هاشمية مناهضة للعدوان وتحالفه الاجرامي.
دائماً ما تتكرر الدناءة والخسة من قبل المرتزقة والمنافقين في مناطق سيطرة العدو والخطوط الرابطة بين المحافظات المختلفة.
وتعدٌ جريمة اختطاف الصحافية نزيهة الجنيد واحدة من مئات العمليات المشابهة حيث لا ينجوا منها إلَّا من كان محضوض.
أن تُختطف أمرأه وهي في مأرب بغرض قطع جواز كون تحالف العدوان يرفض سفر من يحملون جوازات حكومة صنعاء عبر مطاري سيئون وعدن هي جريمة وعار أسود في جبين الجناة والصامتين عن هذه الجريمة وغيرها من جردت مرتكبوها ما بقي فيهم من الرجولة.
وهي جريمة تضاف الى سجلهم الاجرامي واسلوب ارتزاقهم والدنيء والذي يثبتُ للعالم ان الخائنون والمرتزقة لا دين لهم ولا وطن ينتمون إليه خاصة بعد تجردهم من الوطنية وتجريد الشعب لهم الانتماء اليمني.
 حتماً سيلعنهم التاريخ وستلعنهم الاجيال وستكون خيانتهم وافعالهم تلك وصمة عار تطاردهم أينما ثقفوا ما دامت السماوات والأرض.

الأربعاء، 25 مايو 2022

مجلس العار والوحدة اليمنية

#مجلس_العار والوحدة اليمنية
#مقال كتبه / مرتضى الجرموزي ونُشر بصحيفة المسيرة العدد 1407 ليوم الاربعاء 24 شوال 1443هـ الموافق 25 مايو 2022م
تحدث فيه الكاتب عن الذكرى الـ32 للوحدة اليمنية
وحقارة احتفال المرتزقة و #مجلس_العار التابع لتحالف العدوان في ضل الارتزاق والخيانة 

https://twitter.com/aljrmuzi2022/status/1529208969067212800?t=ZyxcM52c0pd99onQl7TadA&s=19



مجلس العار والوحدة اليمنية
✍ أبو يحيى الجرموزي
يحتفلون بالوحدة وفي نفس الوقت يسعون الى تقسيم اليمن ليس إلى تشطيره شمالاً وجنوباً بل يسعون إلى تجزئته كحبات خردل اسموها أقاليم اتحادية.
عبيدٌ وأقزام ومطايا أرادوا لشعبهم وأمتهم التدمير والهلاك تحت عناوين كاذبة ويافطات ممزقة وشعارات قد عفى عليها الزمن مسميات الشرعية والوحدة ومحاربة الانقلاب والانفصال والامامية عملوها في حروبٌ عدّة , علموها في حرب صيف 94 ضد ابناء الجنوب وبمساعدة مرتزقة جنوبيين ساعدوا لاجتياح بلدهم , وعملوها في صعدة ست سنوات حروبٌ ظالمة ضد ما اسموها الامامية , وعادوها اليوم وبنفس الشعارات التافهة بحربٍ شاملة كبيرة تحالف فيها شُذّاذ الآفاق وعديمي الأخلاق وفاقدي الرجولة مرتزقة محليين وأجانب.
ومع احتفالات شعبنا اليمني بالذكرى الثانية والثلاثين من عمر الوحدة المباركة الذي صنعها بنفسه وخط معالمها بروحه وايمانه الصادق يعيش اليوم الحرب والحصار من قبل أنظمة وجيوش العمالة والتطبيع ومعهم لفيف من مرتزقة الداخل اليمني من يشرعون الحرب وأفتوا بوجوب الحصار دفاعاً عن ما أسموه الشرعية الدنبوعية التي جاءها المخاض في الرياض الى سبعة علوج مرتزقة اسماه العدو مجلس القيادة وهو في الاساس مجلس العار ومجلس الادوات وسلة النفايات التي اجتمعت تحت لواء تحالف العدوان بقيادة أمريكا.
اليوم ومع احتفالات شعبنا بعيد الوحدة التي عاشت عقود تحت التهديد بالعودة الى التمزيق في ضل نظام باغي متجبر واقليم حاك الدسائس والمؤمرات لوأد الوحدة وتمزيق النسيج الاجتماعي للشعب اليمني الواحد الذي ضل وما يزال متمسكاً بخيار الوحدة والتوحد رغم التكالب الدولي والعربي الخليجي لإفشالها من جديد خاصة وهم يخوضون حرباً مدفوعة الأجر مسبقاً كمرتزقة رخاص كيفما كانت رؤية سيدهم في البيت الأبيض وتل أبيب تحركوا عباداً فطنتهم الشر والمكر على حساب الوحدة والروح اليمني الواحد.
تراهم بصفوف مختلفة وأيدلوجيا مغايرة يقاتلون تحت لواء العدوان تحت عناوين الشرعية والوحدة واعادة اليمن الى الحضن العربي الذي اصبح اليوم مأوى للتطبيع وقبلة للمطبعين ومرتعاً خصباً للصهاينة وحدائق خلفية للإسرائيليين ومعابد وكنائس لليهودية والبوذية على حساب المسلمين ولم يراعوا حرمة الدين ومقدساته في مكة والمدينة.
أقزام ذات رؤى وتوجهات مختلفة عفاشية خبيثة وأداة من أدوات الماسونية في اليمن وإخوانية متطرفة دينا وعقيدتها الخيانة والارتزاق وذنب للإمارات انفصالي مقيت لا دينٌ ولا دنيا ولا وطن أبقوه جميعهم وبمختلف طموحاتهم وتوجهات ارتزاقهم وخيانتهم مفضوحين أينما ثُقفوا
وملعونين أينما سكنوا وحلوا وارتحلوا
ومرتزقة ومنافقين كلما تنفسوا وحارت عيونهم الشاخصة للخيانة والتي هي دينٌ يدينون به ومعتقدٍ يعتقدونه ويحسبون أنهم مهتدون.
الرئيس المشاط في خطابه الوحدوي بعشية ذكرى الوحدة عرّاهم وكشف حقائقهم وماهية اعمالهم وحشرهم جميعاً الى مجلس العار والانبطاح لا يحق له الاحتفال بالوحدة وهو في موقع الخيانة والارتزاق هو من ينخر بالسهام على جسدها
يحتفل بها وهو في الوقت معول هدم لمبادئها وثوابتها الوطنية والايمانية.
انها الدناءة بذاتها والوقاحة بعينها حينما تحتفل الأدوات برخصهم وحقارتهم وكان الأولى بهم الصمت والتغاضي حتى لا تتعاظم اللعنات عليهم وتُكال الشتائم ضدهم والشعب يراهم يرسخون ثقافة التدجين والتفرقة بين ابناء الشعب اليمني الواحد والذي سيضل وحدوياً جمهورياً وإن نبحت الكلاب وتهافتت الضواري وانحط المرتزقة اقزام بافعالهم الدنيئة وستبقى الوحدة ما بقي الدهر راسخة كجبال نقم وردفان.

الاثنين، 23 مايو 2022

الصرخة ترسانة عسكرية لا تُكسر

الصرخة ترسانة عسكرية لا تُكسر
✍ أبو يحيى الجرموزي
بصدق الكلمة والعمل ومشروعية الانتماء والهُوية الإيمانية الحقة كان الشهيد القائد في مثل هذه الايام قد وضع لمسات البداية في مواجهة طغاة البشرية وأرباب الاستعمار والمتمثل بالصرخة في وجه المستكبرين واعتبرها سلاح وموقف وابسط ما يقدمه الانسان المؤمن وبها يغيض اعداء الله ويكشف نواياهم المقيتة واعمالهم الخبيثة التي تطال الأمة العربية والاسلامية دونما تمييز بين فئة وأخرى ولم يركز كذلك على دولة أو منطقة بعينها.
وبما ان المؤمن يرى بنور الله ويستبصر من خلال القران فقد رأى الشهيد القائد رضوان عليه بأن يقدّم للأمة من ينابيع الهدى ما يسعدها ويحفظ كرامتها في الدنيا والآخرة ومن دروسه المباركة والنيّرة وتوجهاته الايمانية الجهادية الهادفة والتي تُعتبر اضافة الى انها سلاح وموقف ترسانة عسكرية لا تُقهر ولا تنكسر أمام ضربات الباطل وهي الضمانة والمشروع الذي يضمن لنا العيش الكريم والفلاح والرفعة فيما يرضي الله وحسب توجيهاته.
هي براءة من اعداء الله وفقاً لما أمر الله به انبياءه ورسله بالبراءة من اليهود والنصارى من يستفحلون بشرّهم ويعيثون بفسادهم وبغيهم وغطرستهم بحق الشعوب المستضعفة والرافضة للهيمنة والاستكبار الاسرائيلي الامريكي والذي يسعى دائماً لاركاع الشعوب عبر الانظمة العملية والمطبّعة مع الصهاينة على حساب قضايا الأمة ككل وقضية فلسطين بشكل خاص
وهو ما انتهجه النظام اليمني البائد الذي شن حروبه الظالمة والعبثية على ابناء صعدة ومشروع وشخصية الشهيد القائد ومسيرة الحقة والمعطاءة والنابضة بالحياة في ضل الموت السريري التي كانت تعيشه الأمة والشعوب خنوعاً لأنظمة الجور وأئمة الضلال وأرباب النفاق.
لكن الشهيد القائد كان له رأيٌ آخر وتوجه قرأني ايماني صدع
 بالحق في مواجهة الظالمين وصرخ بالبراءة في وجه المستكبرين وقاتل دفاعاً عن مستضعفو الأمة نساؤها واطفالها ورجالها من ليس لهم سند أو عون يقف معهم وهو ما جعل السيد حسين بدر الدين الحوثي ان يقدّم نفسه شهيداً في سبيل الله وهو في مواجهة جيوش جرارة جلبها النظام العفاشي الذي ضن ان بمقتله ومقتل عدد من رفاقه قادة المشروع القرأني أنه قد انتصر ودفن مشروعهم وأنهى صرختهم وبرأتهم.
لكنه ومع مرور الأيام خسر الرهان وفشل من اماتة القائد والمسيرة وهو يرها تتلألأ وتسطع في السماء وتتقدم على الأرض كعصاء موسى تلقف ما جمع له عفاش وزبانيته ومن خلفهم النظام السعودي والأمريكي ليشهد العالم النهاية المخزية للنظام وسقوطه تحت اقدام رجال المسيرة القرآنية لتصل الصرخة الى كل مكان في اليمن وفي العالم أجمع بينما قُتل الطغاة وهرب الأنذال والخونة ليبقى المشروع القرأني ودماء الشهيد القائد ورفاقه أعاصير أغرقت المعتدين وقزمت من حجمهم ودفنت مشاريع الضلال والظلام ليعيش اليمن عصر الحرية والاستقلال والسيادة متبرئين من جبابرة البشرية وعتاولة الاجرام وهو حق ووعدٌ من الله بأن ينتصر لمن ظلموا والعاقبة للمتقين.

الاثنين، 16 مايو 2022

مؤتمر الرياض وكساء الوقاحة

مؤتمر الرياض وكساء الوقاحة
✍ أبو يحيى الجرموزي
بكل خسة ودناءة ووقاحة وحقارة ودياثة وشماتة وبعد ان عاثت الفساد والافساد والقتل والتدمير في شعوب المنطقة العربية والاسلامية الحرة والمقاومة للعدوان والاستكبار الصهيوني الأمريكي.
في الوقت الذي يصعّدُ الصهاينة من حربهم وجرائمهم بحق ابناء ومقدسات فلسطين
ها هي الوضعية السعودية من تخوض حرباً عبثية وعدوانية في اليمن تحطّ من نفسها أكثر وضاعة وتسقط في الحضيض مرغمة عن أنف نعاج السياسة والأسرة الحاكمة وعلماء التديُّن الوضيع والهش في قوامه وقواعده.
تستضيف مملكة السوء والبقرة الحلوب شُذاذ الآفاق أحفاد القردة والخنازير يهود ونصارى ومسيح وبوذيين وهندوس جمعتهم الرياض وكر الارهاب والتطرف الوهابي تحت سقف واحد وعلى طاولة واحدة هي الدجل والنفاق والتدجين وفق الثقافة الوهابية المنحرفة والتي اتخذت من اليهود والنصارى ارباب من دون الله واولياء من دون المسلمين.
كذباً وبهتاناً وزوراً اقاموا مؤتمرٌ اسموه ( مؤتمر القيم المشتركة بين اتباع الاديان)
فهل يمتلك هؤلاء الأنجاس ذات القيم والأخلاق التي يتبجحون بها أم انها ذات القيم التي نراها ضد شعب ومقدسات فلسطين ومسلمي الروهينجا في بورما وماينمار .
نعم هي ذاتها قيم الفسق والرذيلة قيم القتل والتشريد قيم التدمير والتطهير العرقي قيم من لا يرقبون في مؤمنٍ إلاً ولا ذمة قيم من يعضون علينا كمسلمين اصابع الندم من الغيض ومن الحقد الذي جعلهم ان يضرون ضعفاء الاسلام بأفواههم وتأبى قلوبهم من لا يرضون عن المسلمين إِلَّا بعد أن يتبعون ملتهم يسيرون سيرتهم وينتهجون نهجهم بثقافتهم ووعيهم الخبيث والمرصَّع بالكبرياء والاستعلاء على عوام البشرية بما فيهم من يعتقدون عقائدهم الباطلة والمضلة.
وعلى مرأى ومسمع ومقربة ومشاركة من علماء محسوبين على الاسلام اجتمعت الرذائل والقاذورات في الرياض ولم يعارضها أحد ولم تصدر فتاوى التحريم.
قالوا عنه مؤتمر القيم المشتركة الدينية والروحية والانسانية فأي دينٌ يمتلك هؤلاء وأي إنسانية وروحية يمتلكها هؤلاء وأيُّ أديانٌ سماوية يشرّعون لأنفسهم وهم بلا دينٌ وبلا عقيدة وبلا هوية أصلاً.
بكساء الوقاحة والرذيلة أُقيم مؤتمر الرياض وفق الرغبة والقرار الاسرائيلي ما هو إلَّا مسار من مسارات التطبيع والولاء لليهود والنصارى وما هذه المقدمات إلَّا عربون وفاء خليجي عربي للصهاينة وحتى تتقبل الشعوب هذه الفكرة المنحرفة والشاذة والتي ستهوي بهم إلى الوحل ولن تُرفع لهم رأيه بفضل الله ثم بفضل وعي وبصيرة الشعوب الحرة والشريفة المسلمة حقاً في القول والعمل والجهاد في محور المقاومة وغيره من شرفاء العروبة والدين.
نعرف ويعرف عامة المسلمين ان اليهودية ليست دين وليست البوذية ولا الهندوسية دينٌ سماوي ولا المسيحية كذلك.
الدين هو دين الله دين الاسلام الذي فطر الناس عليه وأرسل أنبياءه ورسله بدعوة الاسلام والنور والهدى ومن يتبغى غير الاسلام دينٌ فلن يُقبل منه.
والدين بريء من هذه الاديان وهذه المسميات التي لا صلة بالتوراة والانجيل والزبور وبريءٌ من رابطة العالم الاسلامي من تتخذ من السعودية مقراً وأمراً وفق المنهج الأمريكي الاسرائيلي كذلك هو براءٌ أيضاً ممن يناشد السلام والوئام والقيم ويطالب بالوحدة الانسانية من اليهود والنصارى وعقد الصفقات والمعاهدات معهم حتى أي مسميات كانت في الوقت الذي يقتل ويفتي بوجوب قتال ومحو من يرفضون هذه المعتقدات وهذه الثقافات المنحطة والعليلة.


https://twitter.com/aljrmuzi2022/status/1525961734980239361?t=EGFCqnZSSPzaoeJk45_ZsA&s=19

السبت، 14 مايو 2022

الدورات الصيفية محطات نورانية

الدورات الصيفية محطات نورانية.
✍ أبو يحيى الجرموزي
من جديد تعاود المراكز الصيفية الجهادية والتعليمية فتح أبوابها للطلاب التواقين للعلم الشريف والصادع بالحق في مواجهة المعتدين واصحاب الثقافات المغلوطة والمنحرفة عن الصراط.
لتقتبس من نورانيتها العلم الهادف والثمار الطيبة لإحياء الأمة الحياة الكريمة والعزيزة.
لترتشف من رحيق القران درر النور والهداية لتتثقف الثقافة الحقة الثقافة التي تؤتي أُكلها كل حينٌ بإذن ربها لتغيَّر من واقع الضلال والاضلال التي كانت وما تزال تعيشه.
لتغيّر كذلك من واقع الشعوب لتُصلح من ثقافة الاعوجاج والمفاهيم الساقطة والتدجين الأعمى والطاعة لمن حرَّم الله علينا طاعتهم والولاء لهم تحت أي مسميات كانت وأعذارٌ تواترت.
مدارس تربوية ومراكز تعليمية تحفيظٌ للقران والسنة النبوية الصحيحة محطات نورانية وإيمانية يتسابق إليها أبناء اليمن جماعات وفرادى من نبع القران الصافي ومن أنهاره العذبة يستمدون ثقافتهم ينهلون منه ثقافة تُنميّ وعيهم وترشد بصيرتهم وتصحح عقيدتهم لتسعدهم وتعزهم في دنيا جهادهم وأخرى فلاحهم وفوزهم بعون الله وتوفيقه.
مراكزٌ صيفية تعليمية فيها ومن هُدى القران وعبر علماء أجلاء وأساتذة مقتدرين يتزوَّد فلذات اكبادنا ابناءنا وبناتنا ونحن ومن نعول العلم النيَّر والسلاح القوي العلم الذي يبني الأمم ويُحصّن الأجيال وبه وبالجهاد تُحرر الأوطان وتُصان الكرامات وتُسترد الحقوق ويتمكن الانسان من حقوقه المكفولة في التشريعات السماوية.
لتصنع الأجيال مستقبلها الزاخر بالرقي والتحضر المشروع المنسجم مع ثقافة الاسلام بعيداً عن ثقافة الدجل والتدجين الأعمى والجهل المركب ( الثقافة الغربية) والتديَّن الوهابي ذات الافكار الهدامة والمضلة والتي لا تبني من مشاريع الخير والصلاح شيئاً وإن رأيته ورأيت طلابه وأتباعه عانقوا السحاب وعبروا القارات فما بُني على باطل فهو باطل ولا ينتج إلَّا باطلا.
ولهذا نجد ان العطلة الصيفية فرصة كبيرة وسانحة للجميع دون انتقاء فيجب علينا جميعاً ان نغتنمها لنخوض الدورات الايمانية والجهادية لما فيها من الصلاح ومعالجة الأخطاء وتجاوز القصور وإصلاح ثقافاتٍ باهتة هشة وضعيفة كانت هي السائدة في ضل الأنظمة الباغية من جعلت الأمة ممزقة متفرقة مشتتة الافكار والرؤى تطيع الظلمة وتمجّد العصاة وبإسم الدين تقتل بعضها وتسابق اليهود والنصارى بالانفتاح والتحضّر الذي يخرجها عن الدين وكمالية أخلاق الانسانية والفطرة السليمة.

‏‎#الدورات_الصيفية محطات نورانية
كتبة ‎#مرتضى_الجرموزي ونُشر بصحيفة المسيرة عدد اليوم السبت ( 1398) 13 شوال 1443هـ الموافق 14 مايو 2022م
تحدث فيه الكاتب عن الدورات الصيفية وضرورة الإلتحاق بها لنتزود بالعلم النير والهادف والسامي في ضل الثقافات المنحرفة والمغلوطة
 .. https://t.co/crWtP5eInI‎


https://twitter.com/aljrmuzi2022/status/1525348665501548544?t=0jEHlVKePLyiGoaHvjeopQ&s=19

الجمعة، 29 أبريل 2022

المحاضرة الرمضانية السابعة والعشرون للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1443هـ

المحاضرة الرمضانية السابعة والعشرون للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 28 رمضان 1443 هـ 29-04-2022
موقع المسيرة
    
المحاضرة الرمضانية السابعة والعشرون للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 28 رمضان 1443هـ 29-04-2022
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.

أيُّها الإخوة والأخوات

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

اللهم اهدنا، وتقبَّل منا، إنك أنت السميع العليم، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.

بدايةً نتوجه بالشكر إلى جماهير شعبنا العزيز في استجابتهم الواسعة، وحضورهم الكبير، لإحياء مناسبة يوم القدس العالمي.

نسأل الله "سبحانه وتعالى" أن يكتب أجر الحاضرين جميعاً، وأن يتقبل منهم.

التحرك في إطار موقف الحق، وإعلان كلمة الحق، ومباينة الأعداء، أعداء الله، أعداء المسلمين، أعداء الإنسانية، هو من الأعمال العظيمة، من الأعمال الصالحة، من أعظم القرب التي يتقرَّب بها الإنسان إلى الله "سبحانه وتعالى".

كما أنَّ حضور الأمة في هذه المناسبة، ليكون لها صوتها المسموع، وموقفها المعلن، أمرٌ في غاية الأهمية؛ لأن حالة، الركود، والجمود، والسكوت، والصمت التام، والتوقف عن فعل أي شيءٍ تجاه العدو، وعن قول أي شيء، هو حالة ليست صحيحةً بكل الاعتبارات، لا هو أسلوبٌ ولا هي طريقةٌ تنسجم مع القرآن الكريم، توافق توجيهات الله "سبحانه وتعالى"، وأوامره في كتابه الكريم، ولا هي اقتداءٌ برسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، ولا هي الأسلوب المنطقي الصحيح، الذي يعتمده الناس فطرياً في طريقتهم في التعامل مع الأعداء، الذين يتحركون ضدهم بكل ما أوتوا من قوة، وبشكلٍ مكثف، وفي كل المجالات.

أن يكون الإحياء ليوم القدس العالمي إحياءً على مستوى واسع، في بلدانٍ متعددة، ومناطق متعددة، وأوساط واسعة هنا وهناك في العالم الإسلامي، فهذا أيضاً أمرٌ مهمٌ جدًّا، وإن كانت هناك مثلاً بعض البلدان تعيش الشعوب فيها وضعيةً مقهورةً، مغلوبةً على أمرها، لا تتحرك أي تحرك؛ نتيجةً لمواقف سلطاتها، وحكوماتها، وأنظمتها.

من المؤكد أنَّ الحالة الشعورية والوجدانية، وحالة التعاطف هي قائمة مع الشعب الفلسطيني، في مختلف شعوب هذه الأمة وبلدانها، ولكن التعبير عن ذلك، والتعبير عن الموقف من العدو الإسرائيلي، الذي يشكِّل خطراً على المسلمين، لا يقتصر خطره وشره وضره على بقعة فلسطين، والأجزاء العربية التي استولى عليها من الدول المجاورة لفلسطين، ضره وخطره شامل، وكما قلنا: كيانٌ فاسدٌ مفسد، موبوء، مُصدِّر للفساد، ينشر الفساد، ولذلك يفترض أن يكون موقف الأمة تجاهه، وتجاه القضية التي هي واضحةٌ جدًّا لا التباس فيها لدى الجميع، ومحل إقرارٍ قد سبق من الكل، عن أنه عدو، وأنَّ الموقف الصحيح منه هو التحرك ضده، وأنَّ الشعب الفلسطيني جزءٌ من الأمة، وفلسطين وطنٌ وبلدٌ من بلدان الأمة الإسلامية، فالموقف الصحيح، الموقف الطبيعي، الموقف الحق هو واضح، لا التباس فيه أصلاً، والذين يرتدون عنه إلى تبني مواقف مختلفة، متباينة، تتحالف مع العدو الإسرائيلي تحت عنوان التطبيع، توالي العدو الإسرائيلي، هم في حالة ارتدادٍ عن الثوابت الواضحة، والحقائق الواضحة، التي سبق أن كانوا هم من يعترفوا بها فيما مضى، وقد يتظاهرون في بعض الأحيان أنهم يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني، أنهم ضمن الأمة في موقفها العام المعلن، في مراحل كثيرة مما قد مضى.

العدو الإسرائيلي، وإن كان الكثير من أبناء الأمة، نتيجةً لأسباب متنوعة، بين من يعيشون حالة المخاوف، والكبت، والقهر، بين من قد اتجهوا في حالة الانحراف نحو الولاء للعدو الإسرائيلي والتأثر به، بين من لديهم نقص كبير في استشعار المسؤولية، وتقوى الله "سبحانه وتعالى"، وإدراك خطورة التفريط، والإهمال، والتقصير، أسباب متفاوتة جعلت الكثير من الناس مع ما يعيشه عالمنا الإسلامي من ضغطٍ كبير، وراءه أعداؤنا من اللوبي اليهودي الصهيوني العالمي، والعدو الإسرائيلي، في كثيرٍ من المشاكل والفتن والأزمات، الضاغطة، المشوشة لذهنية الكثير، والتي تهدف إلى زعزعة كيان هذه الأمة، ألَّا تكون أمةً مستقرة، بل أن تكون في وضعيةٍ مضطربةٍ بشكلٍ دائم، ومضغوطةٍ بشكلٍ مستمر، وأن تتحقق للعدو من خلال طبيعة المؤامرات، الفتن التي يخطط لها، الأزمات التي يستثمر فيها ويفاقم منها، المشاكل التي يغذيها ويدرس كيف يستفيد منها، كل هذا أراد منه العدو أن يحقق له أهدافه الرئيسية: في إضعاف هذه الأمة، في تشتيتها، في بعثرتها، في إفقادها كل عناصر القوة المعنوية، والعملية، والإيمانية، والمادية، وصولاً إلى السيطرة التامة عليها، والاستغلال التام لها، في واقعٍ سيء، سيطرة من واقعٍ عدائي، بدافعٍ عدائي، يريد لهذه الأمة أن تكون- وهو مسيطرٌ عليها- في وضعية سيئة جدًّا، وضعية سيئة بكل الحالات: على المستوى الأخلاقي، والإيماني، والقيمي، وعلى مستوى الدين والدنيا، في كل شيء.

فهذه الحالة جعلت الكثير من الناس يغفلون عن واجباتهم، عن مسؤولياتهم، تجاه هذه المسألة: القضية الفلسطينية، الخطر الإسرائيلي على المسلمين جميعاً، الخطر الذي مصدره اللوبي الصهيوني العالمي، الذي يتحرك على نطاق واسع، من خلال أمريكا، من خلال بريطانيا، من خلال دول غربية تنفذ سياساته، تتحرك وفق مؤامراته.

وهذه الغفلة والتجاهل لدى الكثير من أبناء الأمة، هي مصدر ضررٍ على الأمة نفسها؛ لأنها لا تجدي شيئاً، لا تجدي شيئاً لا في دفع الشر، ولا في دفع الخطر عن الأمة، ولا تعفي من المسؤولية، لو كانت حالة الغفلة والتجاهل، وعدم الاهتمام بما علينا أن نقوم به، بما علينا أن نهتم به، تنفعنا بشيء، لكانت قد نفعت المسلمين إلى أقصى حد؛ لأنها السمة الغالبة في واقع العالم الإسلامي، في واقع الشعوب، ولكان واقع الأمة قد صلح إلى أقصى حد، لو كانت تفيد شيئاً، لكن الواقع يثبت أنها تخدم الأعداء، تضر بالأمة، وتفيد أعداء الأمة، تفيد اليهود، اللوبي الصهيوني العالمي، تفيد العدو الإسرائيلي، تفيد الأعداء بشكلٍ عام؛ لأنهم يتمكنون من العمل على تنفيذ مؤامراتهم ومخططاتهم في داخل الأمة، وهي في وضعية ليست في حالة استعداد، في حالة تصدٍ، في حالة ردة فعلٍ لمواجهة ذلك الخطر، بل الكل في وضعية جامدة، راكدة، بيئة مفتوحة، مسرح مفتوح، تنجح فيه المخططات، تنجح فيه المؤامرات.

من الحقائق القرآنية المهمة جدًّا، والجديرة بالالتفات إليها، والتأمل لها، والاهتمام بها: أن نشوء العدو الصهيوني الإسرائيلي في وطنٍ من أوطان المسلمين، بالقهر، والغلبة، والإجرام، والكيد، والمكر، والعدوان، وتحويله- لذلك الموطن الذي هو من بقاع المسلمين، وفيه مقدسات من أهم مقدساتهم- إلى قاعدة وأرضية ومنطلق يتحرك من خلاله، لنشر فساده وشره في أوساط الأمة، هذا الأمر- بحد ذاته- يعبِّر عن خللٍ كبير حصل في واقع الأمة، حتى أمكن للعدو أن يحقق مثل هذا الاختراق، في بلدٍ من بلدان العالم الإسلامي، أن يأتي، فيأخذ على المسلمين بلداً من بلدانهم، موطناً من أوطانهم، ثم أن يسيطر عليه، بالقهر، بالجريمة، بالاضطهاد، بالظلم، بالعدوان، بارتكاب أبشع وأفظع الجرائم، وأن ينكِّل بشعبٍ هو من هذه الأمة، جزء من هذه الأمة، من المسلمين، من العرب، ثم أن يبني كيانه، ويحوِّله إلى كيان يمتلك جيشاً، وقوةً عسكرية، ثم يتحرك من خلال ذلك إلى العدوان على بقية البلدان في العالم العربي آنذاك، ثم يبقى أيضاً منطلقاً للتآمر على العالم الإسلامي، ويطمح إلى أن يسيطر عليهم بأساليبه، ليس فقط بالحرب العسكرية، وإنما أيضاً بالحرب الناعمة، بالحرب التي يشتغل فيها بأسلحةٍ أخرى أيضاً إلى جانب الحرب العسكرية.

الله "سبحانه وتعالى" قال عن اليهود في القرآن الكريم: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}[آل عمران: من الآية112]، {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا}، {أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} تعبِّر عن كل زمانٍ ومكان، وهي وضعية تؤثر عليهم في أن يتحركوا لقهر أمة، لضرب أمة، للسيطرة على أمة بحجم الأمة الإسلامية، بحجم العالم الإسلامي، ولذلك عندما قال: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}، هذه المسألة المهمة جدًّا، التي على المسلمين أن ينتبهوا لها، لم يتمكن العدو الإسرائيلي أن يفرض له وجوده في بقعةٍ من بقاع العالم الإسلامي، فيها مقدساتٌ من أهم مقدساتهم، وأن يضطهد شعباً من أبناء هذه الأمة، وأن يتحول هو إلى مصدر لنشر الفساد في هذه الأمة، والإضلال لهذه الأمة، إلَّا نتيجة خللٍ كبيرٍ في واقع الأمة؛ لأن منهجية الإسلام في كل جوانبها: على المستوى التربوي، على المستوى العملي، على مستوى نتائجها عندما تسير الأمة عليها، هي تحصن الأمة من الاختراق، تبني الأمة لتكون في مستوى مواجهة أعدائها، تحظى الأمة من خلالها بالنصر من الله، وبالمنعة، وبالعزة، وبالقوة، فتكون في مستوى مواجهة التحديات، ومواجهة الأعداء، فكيف يأتي الأعداء الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، فيذلوا الأمة الإسلامية، يذلوها، ويتمكنوا من تحقيق أهداف كبيرة وخطيرة، ويتحدوا هذه الأمة لزمنٍ طويل، لعقودٍ من الزمن، هذه حالة خطيرة، هذه حالة سلبية، تستدعي من أبناء الأمة أن يلتفتوا إلى واقعهم؛ لاكتشاف كل جوانب الخلل، كل جوانب القصور، كل جوانب التقصير، التي فقدوا فيها النصر والتأييد من الله "سبحانه وتعالى"، وكانت سبباً في أن يتمكَّن أعداؤهم الأذلاء- الذين قد ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة- من هزيمتهم.

عندما يقول الله: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ}، الحبل من الله هو: التسليط، هو أن يترك لهم هذه الفرصة نتيجة تقصيرٍ كبير، وخللٍ كبير، من الجانب الآخر، من جانب المسلمين، مثلاً: في واقعنا الإسلامي.

{وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}، ما يأتي مثلاً من جانب الآخرين من مساندة، مثلما هو حال الغرب، الذي وقف مسانداً للعدو الإسرائيلي الصهيوني، وتفريط وتقصير أيضاً- حبل آخر- من جانب الناس بشكلٍ عام، من جانب المسلمين أيضاً، من جانب المسلمين، في تقصيرهم، في تفريطهم، ببترولهم، بإعلامهم، بكل ما يفيد العدو، ويصبح وسيلةً لخدمة العدو، ودعم العدو من جانبهم.

فهذه المسألة تبين خطورة الغفلة عن هذا الموضوع؛ لأن جانباً منه يعود- وهو جانبٌ رئيسيٌ وأساسيٌ تجاه ما حصل- يعود إلى واقعنا، ويبين لنا عندما نريد أن نتحرك مثلاً تحت عنوان التصدي لهذا العدو، أنَّ جزءاً كبيراً من المهام، من الأعمال، من المسؤوليات، تتصل بتصحيح واقعنا، تحت عنوان التصدي لهذا العدو، التصدي لهذا الخطر، التصدي لهذا الشر، الذي هو شرٌ كبيرٌ علينا كأمةٍ إسلامية، جزءٌ كبيرٌ منه يعود إلى العناية بواقعنا الداخلي؛ لتصحيحه، ولتحصينه، وهذا ما لا يستوعبه الكثير من الناس؛ لأنهم يرون المعركة فقط معركةً عسكرية، الجانب العسكري جزءٌ أساسيٌ ورئيسيٌ فيها، لابدَّ أن يكون محط اهتمامٍ كبير، وسنتحدث عن ذلك، ولكن من ضمن ذلك، ومع ذلك، وإلى جانب ذلك: الجوانب الأخرى المتصلة بواقع حياتنا في بقية المجالات، ذات التأثير الكبير في هذه المعركة، وفي نفس الوقت يجب أن يكون العنوان حاضراً: عنوان القيام بالمسؤولية في التصدي لذلك العدو، العداء لذلك العدو، أن نتخذه عدواً، وهذا جانبٌ يهدي إليه القرآن الكريم، وهو يبين لنا طبيعة هذه المعركة، أسباب وحيثيات تطوراتها.

عندما نأتي مثلاً لندرس كيف نشأ هذا الكيان على بقعةٍ من بقاعنا الإسلامية، في مراحل متعددة، بدءاً بعصابات يهودية توافدت إلى أرض فلسطين، كيف كان موقف الأمة بشكلٍ عام؟ كيف كان مستوى اهتمامها بهذه المسألة آنذاك في وقتٍ مبكر، هل تعاطت مع الموضوع كما ينبغي؟ بالتأكيد لا، بالتأكيد لا، ولا زالت هذه الروحية سارية في واقع الأمة، وقائمة تجاه مختلف الأخطار.

لا يستوعب الكثير أهمية التحرك المبكر كما ينبغي للتصدي للخطر، ويريدون أن يكتمل الخطر في الواقع؛ لكي يصدِّقوا بأنه خطر، ولكي يصدِّقوا بأن مستوى خطة العدو تهدف إلى أن يصل الوضع إلى ما يصل عليه، هذا هو الحال عندما نقول: هناك فعلاً مؤامرات واضحة لأعداء الأمة للسيطرة على كل العالم الإسلامي، على كل بلداننا، للسيطرة علينا جميعاً في هذه الأمة، على كل الشعوب، لا يستوعب البعض هذه الحقيقة، لا يدرك أنَّ أولئك- بالتأكيد- لهم أطماعهم، لهم نزعاتهم ودوافعهم العدائية، وإذا وجدوا الظروف مهيَّأة، ووجدوا هذه الأمة مهيَّأة، لا تمتلك المنعة، العزة، القوة، لا تمتلك المشروع، الذي تتصدى به لمؤامرات أعدائها، فلن يترددوا في اغتنام هذه الفرصة، التي وصفها النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" فيما روي عنه، عندما قال: ((يوشك أن تتداعى عليكم الأمم، كما تتداعى الأكلة على قصعتها))، كأنهم يتداعون إلى وليمة، وليمة دسمة، وليمة مغرية، وليمة جذَّابة، يتداعون إليها من هنا وهناك، ((قالوا: أمن قلةٍ نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل))، هذه الحالة السلبية التي تصاب الأمة فيها- وهي أمة كبيرة، بمقدرات ضخمة، ورقعة جغرافية كبيرة- بالوهن، بالوهن، عندما قال: ((ويزرع الوهن في قلوبكم))، هذه الحالة الخطيرة جدًّا، غثاء كغثاء السيل، تحول الأمة تفقد القيمة لإمكاناتها، وعددها، وعدتها، الفاعلية اللازمة لذلك، فلا تكون قويةً بمقدار ما تمتلك، أو ما يتهيَّأ لها وما هو متاحٌ لها من عناصر القوة، والإمكانات اللازمة، مما هو متوفر، أو متاح، متاحٌ بين أيديها؛ إنما هي لا تقبل على ذلك؛ لأنها غافلة عن الموضوع من أساسه.

فأن تكون الأمة في وضعية من التفريط، والتقصير، والعصيان، والغفلة، والبعد عن منهج الله الحق، تسبب لنفسها التسليط عليها، تمكين أعدائها منها، هذا- بحد ذاته- أمرٌ خطيرٌ للغاية.

ثم عندما نأتي إلى طبيعة الصراع مع هذا العدو، كما نشوؤه حالة تدل على واقعٍ غير سليم في أمتنا، وخللٍ حصل، حتى حدث ما حدث، فكذلك هو وجود حالة المسارعة من البعض من أبناء الأمة لتولي ذلك العدو، للتحالف معه، للتعاون معه، ونحن قلنا بالأمس: إنما هم يمكِّنون ذلك العدو من السيطرة عليهم، وإضلالهم، وإفسادهم، واستغلالهم، لن يتحول إلى صديقٍ حقيقيٍ لهم، مهما فعلوا له، مهما قدَّموا له، لن يتحول إلى صديق حقيقي، لا للسعودي، ولا للإماراتي، ولا لآل خليفة... ولا لأي عربيٍ، أو مسلم، من أي بلدٍ يتجه هذا الاتجاه الخاطئ في الولاء للإسرائيلي، يبقى عدوٌ، لكن يستغل الفرصة، يتمكن أكثر من السيطرة بتلك الطريقة الناعمة، من أجل الإضلال، والإفساد، الإضلال في كل شيء، بما في ذلك في المواقف والتوجهات، وأيضاً الإفساد، الإفساد لهم، والإفساد داخل شعوبهم؛ لأنهم يفتحون كل الأبواب أمام العدو الإسرائيلي، يفتحون له كل شيء، ويعطونه الامتيازات ليتمكَّن أكثر، وكل التسهيلات اللازمة التي يتمناها هو، ليتمكن من خلالها أن ينشط بدون قيود، ولا عوائق، ولا حواجز، لتنفيذ مؤامراته في الإضلال، والإفساد، والاستغلال، في نهاية المطاف يبقى أولئك بالنظر له، في نظره يبقون مجرد بقرات حلوبة، وأتانات مركوبة... وغير ذلك، حيوانات لا قيمة لها، تستغل إلى غاية الاستغلال، وأقصى مستوى من الاستغلال، هذا الذي يحدث.

الحالة- بحد ذاتها- هي حالة غير سليمة أبداً، ليست مجرد رأي سياسي، وخيار سياسي، ليقول لك: [أنا بلد حر، أتخذ أي خيار سياسي في علاقاتي الدولية]! هذا ليس من هذا القبيل، الولاء للعدو، الذي هو عدوٌ لك، ولأمتك، ولدينك، ولرسولك، ولكتابك، عدوٌ لكل شيء، لكل ما هو عزيزٌ ومقدَّس لديك بحسب انتمائك الإسلامي، وإن لم يبق لديك شخصياً، لكن بحسب انتمائك، ليست مسألةً بسيطة.

ولهذا يقول الله "سبحانه وتعالى" في القرآن الكريم: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]، فتصبح المسارعة في توليهم، المسارعة والعمل النشط- وهذا ظاهرٌ في واقع المطبعين- العمل النشط السريع في خدمة أولئك، فيما يخدمهم، في تقديم التسهيلات لهم، في الانتقال بقفزات إلى الأمام في العلاقات معهم، قفزات غريبة، غريبة جدًّا، هذه الحالة تكشف عن حقيقةٍ مهمة ذكرها الله في القرآن الكريم، عندما قال: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، حالة ليست سليمة على المستوى الأخلاقي، على المستوى الفطري السليم، أولئك فقدوا الإيجابيات للفطرة، القيم الفطرية، وفقدوا أيضاً القيم الإسلامية، فقدوا القيم الإسلامية، لم يعد لديهم إيمان، ولا تقوى، ولا عزة، ولا كرامة، ولا إباء... ولا أي شيءٍ من القيم الفطرية والأخلاقية، الإسلامية أيضاً.

وهذه الحالة من الخلل الكبير التي تحدث، فتبنى عليها مواقف، هي تعبِّر عن انحراف حقيقي عن مبدأ الإسلام، ودخول في حالة النفاق، وجزءٌ أساسيٌ من خطة العدو الإسرائيلي هو الاختراق لهذه الأمة إلى الداخل؛ ولذلك هو يركِّز- ومعه اللوبي الصهيوني بشكلٍ عام من ورائه- يركِّز على الولاء والتطويع، كأسلوب أساسي يعتمد عليه في السيطرة على أبناء هذه الأمة، أن يكسب ولاءهم، وأن يحولهم إلى مطيعين له، ينفذون هم مؤامراته عليهم، وهو يقدمها بشكل سياسيات، وبشكل خطط، تحت عناوين مخادعة، ينخدع بها الكثير منهم؛ فيتجهون هم يمولون تنفيذها، وينفذون ما فيها، وهي تضعفهم، تفسدهم، تضلهم، وهي تُمَكِّنه منهم، وهي تبعدهم عن تأييد الله "سبحانه وتعالى".

ولذلك عندما يبقى الحس العدائي غائباً، وتحل محله الغفلة؛ تظهر هذه السلبية إلى حدٍ كبير، عندما يركِّز العدو يركِّز على أن ينشر حالة الولاء له، وأن يفقد الأمة شعورها العدائي تجاهه، الشعور العدائي نحوه كعدو، والتعبئة العدائية نحوه كعدو، من أهم ما ركز عليه القرآن الكريم، ومن أهم ما فرَّط فيه المسلمون، إلى درجة أن البعض يعارض ذلك، يعتبر هذا الأمر لا داعي له، لا ضرورة له، ويظهر انزعاجه، عندما يكون هناك نشاط تعبئة عدائية ضد ذلك العدو، وهي الحالة التي تحصِّن من الولاء له، التعبئة العدائية الشديدة، التي تترجمها مواقف، تترجمها أنشطة، تترجمها هتافات، تترجمها شعارات، ولا تبقى حالة مخفية، لا يعبَّر عنها حتى بالكلام، أمر سخيف للغاية، البعض من الآراء آراء سخيفة، لا تنسجم بأي حالٍ من الأحوال لا مع القرآن، ولا مع الواقع أيضاً.

فلذلك عندما يركز العدو على التطويع، ويركز على الولاء، ويركز على بيئة مفتوحة أمامه، لا يوجد فيها أي تعبئة عدائية تجاهه، يجدها بيئةً سهلة، قابلة للاختراق، قابلة لأن تنجح فيها مخططاته ومؤامراته؛ بينما إذا كان هناك نشاط يتمثل في تعبئة عدائية، وفي نشرٍ للوعي من خلال القرآن الكريم؛ لأن الله "سبحانه وتعالى" ركَّز في القرآن الكريم أن يحذر من الولاء للعدو، وتحذير واسع ومتكرر في القرآن وبشدة، وهذا يجب أن يكون عبارة عن نشاط قائم في واقع الأمة، في التثقيف، في التعليم، في الإعلام، وليس أمراً مسكوتاً عنه، إذا لم يكن هناك داعٍ للكلام حول ذلك، فلماذا يتحدث الله عنه في القرآن الكريم، ويركز عليه، ويأتي له بأهم العبارات، وبلهجة قوية، يعني: بعبارات قوية جدًّا، بالتحذير الشديد جدًّا؟ إلا لأهمية المسألة، وأنها تتطلب الحديث عنها في واقع الأمة.

والله "سبحانه وتعالى" حذَّر من طاعتهم، هو القائل: {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران: من الآية100]، يردوكم كافرين، هذه الحالة التي يسعون فيها في واقع الأمة، من خلال التطويع للأمة، أن يسيروا بالأمة في حالة الارتداد، الارتداد عن قيم هذا الدين، عن مبادئ هذا الدين، عن أخلاق هذا الدين، شيئاً فشيئاً بأسلوبهم الترويضي، وهذه حالة واضحة في واقع الذين اتجهوا للولاء لهم تحت عنوان التطبيع، يرتدون عن مبادئ الدين، عن قيمه، عن أخلاقه، عن تشريعاته، وبشكلٍ مستمر ومتسارع، بخطى متسارعة، وهذه مسألة معروفة لمن يرصد حالهم.

من أهم ما يرشد إليه القرآن في ذلك، هو: الاعتصام بالله، الالتجاء إلى الله تعالى، والانطلاقة الإيمانية، التي لابدَّ منها في الارتقاء بالأمة، لتكون في مستوى مواجهة هذا التحدي والخطر، والاهتداء بالقرآن الكريم، والاقتداء برسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وأن تسير الأمة على منهجية الهدى بشكلٍ موحد، في إطار قيادةٍ موحدة، وتوجهٍ موحد، وأن تعتصم بحبل الله جميعاً، وأن تحذر من الفرقة، وأن تحذر من الخلاف، وأن تتجه على أعلى مستوى من الإحساس بالمسؤولية، ومن التقوى، {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: من الآية102]، تتجه هذا التوجه بجدية، تستشعر الخطورة الرهيبة للتفريط في أدائها لمسؤولياتها، وفي اهتمامها بهذه القضية، وهو الموقع الوحيد في القرآن الذي أتى فيه ذلك التعبير القرآني: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}؛ ليدل على الخطورة البالغة والرهيبة في التفريط تجاه هذه القضية، وأنه لابدَّ أن تكون الانطلاقة فيها بأعلى مستوى من التقوى، من الجدية، من الاهتمام، من الحذر من التفريط.

ثم يأتي الأمر في القرآن الكريم، في الآيات المباركة من سورة آل عمران، في هذا السياق نفسه، ليتحدث عن أهمية الأخوّة، والتعاون، أن تنطلق الأمة متكاتفة للنهوض بمسؤوليتها في الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كل هذا يرشد إليه في القرآن الكريم في سياق رسم خطةٌ للأمة في التصدي لذلك العدو، فالمسألة في غاية الأهمية.

يبين كذلك في الآيات المباركة من سورة المائدة ما يتعلق بهذه المسألة، وما يحصِّن الأمة منها، وأن الواقع الذي ستعيشه الأمة أمام هذا التحدي هو لا يخلو من حالتين: إمَّا حالة ارتداد وتراجع، أو حالة توجه وفق المواصفات التي رسمها الله في القرآن الكريم، في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: الآية54].

لو كانت المسألة مجرد ناس يرتد عن الإسلام، وناس يبقى مسلماً عادياً، لكان قال: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يسلمون، ويصلون، ويصومون، ولا يفطرون في رمضان... إلى آخر الروتين المعتاد)، لكن المسألة أكبر من ذلك، مستوى الالتزام الإيماني والديني يمتد أيضاً ليشمل جوانب المسؤولية، فيأتي بتلك المواصفات في مقابل من؟ في مقابل حالة الارتداد، وهذا التقابل لهذه الآية من أهم ما يهز ضمير الإنسان، ويحرِّك مشاعره، ويجعله يدرك أهمية المسألة؛ لأنه إن لم يكن متجهاً ليكون ضمن تلك المواصفات، فالحالة البديلة هي: حالة الارتداد عن مبادئ من هذا الدين، عن قيم أصيلة وأساسية من هذا الدين، عن مسؤوليات ومهام رئيسية، هي من صميم هذا الدين الإلهي، فهذا التقابل مهمٌ للغاية: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

ثم يتحدث القرآن الكريم قبل ذلك مبيناً خسارة الذين يسارعون في الأعداء، بأي شكلٍ كانت أشكال المسارعة، وهي في الاتجاه المنحرف، الاتجاه الذي يخدم الأعداء، يفيد الأعداء، يستغله الأعداء، فيبين كيف سيصبحون نادمين وخاسرين، {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}[المائدة: من الآية53]، تذهب آمالهم، تتلاشى آمالهم تلك، التي خططوا لها من وراء مسارعتهم، فيصبحوا نادمين.

هذه حقائق أكد عليها الله في القرآن الكريم، ولذلك نحن نلحظ مثلاً في واقع الأمة إيجابية، ثمرة ونتيجة ملموسة للتحرك في الاتجاه الصحيح، ضمن الروحية الجهادية، ضمن تحمل المسؤولية، والنهوض بها، رأينا الثمرة الإيجابية، النجاح يتحقق في فلسطين في واقع المجاهدين هناك، النموذج الراقي والمميز والكبر والناجح جدًّا في حزب الله في لبنان، رأينا هذه النماذج، رأينا النجاح الكبير عندنا ضمن هذا التوجه الإيجابي في اليمن، هو توجهٌ يرضي الله "سبحانه وتعالى"، ويبني الأمة، يبني الأمة في وعيها، يبني الأمة لتكون قوية، ينتشلها من حالة الضعف، ينتشلها من حالة الوهن، ينتشلها من الحالة التي تخدم أعداءها، تمكِّن أعداءها منها، يبنيها في كل المجالات، لتكون بمستوى التحديات، هذا هو الخير للأمة، والمصلحة الحقيقية للأمة، هو المفيد للأمة، هو الذي يحفظ لها دينها، ويحفظ لها دنياها، وهو الذي يفيدها في مستقبلها، وهو الذي يصلها بالله "سبحانه وتعالى"، برحمته، بنصره، بعونه، بتأييده.

نكتفي بهذا المقدار...

ونسأل الله "سبحانه وتعالى" أن يوفِّقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛

الأربعاء، 27 أبريل 2022

المحاضرة الرمضانية الخامسة والعشرون للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1443هـ

المحاضرة الرمضانية الخامسة والعشرون للسيد عبدالملك الحوثي 1443 هـ -2022م
نشر في أبريل 26, 2022
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.

أيُّها الإخوة والأخوات

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

اللهم اهدنا، وتقبَّل منا، إنك أنت السميع العليم، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.

في سياق الحديث عن المبدأ الإسلامي العظيم: الاعتصام بحبل الله جميعاً، والأخوة الإيمانية، والحديث عن خطورة الفرقة بين المؤمنين، تجلَّى لنا أهمية هذا المبدأ، وأهمية تلك الفريضة العظيمة، بالاعتبار الإيماني، فلا يمكن أن تكون متقياً لله، مؤمناً كامل الإيمان، صادق الإيمان، مستجيباً لله “سبحانه وتعالى”، ملتزماً بدين الله “سبحانه وتعالى”، إلَّا وتهتم بهذا المبدأ، وتسعى للالتزام به، وتسعى لتطبيق تلك الفريضة، التي هي: الأخوة الإيمانية.

وتبيَّن إلى جانب الأهمية الإيمانية لهذه المسألة، أهميتها أيضاً على مستوى الواقع، في أن تكون الأمة قويةً في مواجهة أعدائها، وفي النهوض بمسؤولياتها، وفي إنجاز أهدافها المقدَّسة، وفي الاهتمام بمصالحها الكبرى، كل هذا لابدَّ فيه من وحدة الكلمة، من التعاون على المستوى العام، الأمة الإسلامية بشكلٍ عام، أو على مستوى أي مجتمع من مجتمعات أمتنا، يريد أن يستجيب لله “سبحانه وتعالى”، وأن يتحرك على أساس هذا المبدأ العظيم، الذي ثمرته معلومةٌ، ومعروفةٌ، ومؤكَّدة.

وكما قلنا في سياق الحديث في المحاضرات الماضية: هذا المبدأ يلقى أشد المحاربة من الشيطان، ومن أعداء المسلمين بشكلٍ عام؛ لأنهم يعون أهميته، يعون كم أنه يشكِّل عائقاً أمام مؤامراتهم، وأهدافهم، وأحقادهم، ومساعيهم للسيطرة على هذه الأمة، أو على أي مجتمع من أبناء هذه الأمة، يسعى وفق ذلك المبدأ العظيم، وينطلق على أساسه، هم يدركون أنه يمثِّل عامل قوة للأمة بشكلٍ عام، أو لبعضها، من يتحرك على أساسه من أبناء هذه الأمة، وهم يريدون أن يزيحوا من أمامهم كل ما يمكن أن يشكِّل عائقاً لهم في تحقيق أهدافهم، في السيطرة على أمتنا الإسلامية، وعلى أوطانها وثرواتها، وحتى على ثروتها البشرية، فهم يتحركون لمحاربة هذا المبدأ العظيم بكل الوسائل، وتحت كل العناوين، ومنذ زمنٍ طويل، ليست حربهم على هذا المبدأ، واستهدافهم للأمة في هذا المبدأ العظيم شيئاً جديداً، إنما يتطور مع الوقت، وتتطور أساليبهم فيه، ووسائلهم لتحقيقه.

من المعروف أنَّ أعداء الأمة سعوا إلى تقسيم العالم الإسلامي الكبير إلى دويلاتٍ متفرقة، ففصَّلوه جغرافياً وسياسياً، وأطَّروا كل بقعةٍ منه على المستوى الجغرافي والسياسي؛ ليفصلوها عن البقعة الأخرى، فهم كانوا وراء هذا التقسيم الذي عليه بلاد المسلمين، وفيما سبق كان العالم الإسلامي عالماً واحداً، ولكنهم سعوا إلى تجزئته، وتقطيع أوصاله؛ لإضعاف أبنائه، وهذا شيءٌ معروف، عُقِدَّت له مؤتمرات، وكانت لها مخرجات، ووثائق معينة، إلى درجة أنَّ أبناء العالم الإسلامي إذا اختلفوا، وتنازعوا أحياناً على الحدود، هم يحتكمون- البعض منهم- إلى العدو الذي فرَّقهم، وقسَّم أوطانهم، وجزَّأ بلدانهم؛ لأنهم يعتبرونه هو الأعرف كيف فعل، كيف قسم هذه المنطقة عن تلك المنطقة، وهذا البلد عن ذلك البلد، وكيف قطَّع أوصال ذلك الوطن، فيحتكمون إليه، يحتكمون عند البريطاني، ليقول لهم كيف قسم أوطانهم، أين هي الحدود وفق تقسيمه.

لم يكتفوا بذلك، أن قسموا العالم الإسلامي إلى أوطان مؤطَّرة سياسياً وجغرافياً، وفرقوا بين أبنائه على هذا الأساس، بل عملوا بكل جهد إلى توسيع الفرقة المذهبية، وإلى استنساخ مذاهب إضافية، وإلى إحداث الفرقة حتى داخل كل مذهب؛ ليشتتوا الأمة فكرياً، وثقافياً، ودينياً.

وأكثر من ذلك: يحاولون أن يزرعوا في العالم الإسلامي من جديد أقليات دينية، يعملون على إنشاء أقليات دينية، بديانات جديدة غير الإسلام، ثم إلى فرضها سياسياً، إلى أن يفرضوا لها حقوقاً سياسية، وأن يؤقلموا الوضع العام في البلد على مستوى النظام، وعلى مستوى ما يعتمد عليه أبناء البلد في نظم شؤون حياتهم، إلى أن يكون وفقاً لذلك لإزاحة الإسلام وشريعة الإسلام من شؤون الحياة، فعملوا على أن يزرعوا في كثيرٍ من العالم الإسلامي ديانات جديدة غير الإسلام، ويعملون على أن يوسعوا دائرتها بكل جهد، واستغربنا في الآونة الأخيرة حينما جلبوا إلى اليمن البهائية، والأحمدية، وأصبحوا يجلبون أيضاً عناوين أخرى، ويحاولون أن ينشروها، وأن يوسعوا دائرتها.

أمَّا على مستوى ما هو محسوبٌ على الإسلام من مذاهب، وأفكار، وتوجهات ثقافية وفكرية مشتتة، فهم يشتغلون باستمرار، وتحريف المفاهيم، وتغييرها، والشتات الفكري والثقافي الذي يسعون من ورائه بعثرة الأمة؛ حتى لا تعتصم بحبل الله جميعاً، تتوجه على أساسٍ واحد، ورؤيةٍ واحدة، وهم يشتغلون بشكل مستمر، ويستفيدون في هذا العصر من الإمكانات التقنية، وبالذات من الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع على الإنترنت، ويحاولون أن يستغلوا فقدان المنعة الثقافية لدى الكثير من أبناء الأمة، والضعف الثقافي لدى الكثير من أبناء الأمة، والفراغ الثقافي لدى الكثير منهم، في التأثير عليهم، وهم يعملون في هذا الاتجاه عملاً واسعاً.

من أبرز ما عملوه لإثارة الفرقة، تحت العنوان الديني، في أوساط المجتمع الإسلامي، هو: المد التكفيري، هم وراء إنشاء المد التكفيري، وزرعه في أوساط الأمة، وتوسيعه وتوسيع نطاقه في أوساط الأمة، الظاهرة التكفيرية هي تكررت في الواقع الإسلامي مع الزمن، لكنهم في هذا الزمن استغلوها، ووظفوها إلى أقصى حد، ودعموها، ووفروا لها الدعم الكبير من عملائهم من المنافقين، من الأنظمة التي هي مواليةٌ لهم، والحكومات التي تُمَوِّل مخططاتهم ومؤامراتهم، فاتجهوا إلى توسيع رقعته، ليمتد إلى مختلف بلدان العالم الإسلامي، وليتحرك لإثارة الفتن بين أبناء العالم الإسلامي بشكلٍ كبير وعنيف جدًّا، لإثارة الفتن، والقتل، والجرائم، والإبادات الجماعية، وتوسيع دائرة الفرقة على أشد ما تكون، لتكون فرقة عقائدية بشدة، ينظر إلى أخيه من أبناء الأمة الإسلامية إلى أنه كافر يجب ذبحه على الفور وبدون تأخير، أو تمزيقه إلى أشلاء، من خلال التفجيرات الإجرامية، كما رأيناه مؤخراً في أفغانستان، وتكرر مثله كثيراً في العراق، وفي اليمن… وفي بلدانٍ كثيرة.

فهم يعملون على إثارة الفرقة، وتدمير الأمة الإسلامية، وخلخلتها من الداخل، ويبذلون في ذلك كل جهد، هذا بالنسبة لهم هو توجهٌ أساسيٌ، يعملون عليه بكل اهتمام، وبكل جد، ويوظفون له كل الجهد والإمكانات اللازمة، وهذا ما يجب أن نعيه جيداً، وأن نستوعبه بحجم أهميته وتأثيره، هذا مما يعملون عليه.

يعملون على الاستثمار في كل المشاكل والأزمات والخلافات، أي خلاف يظهر في هذا البلد الإسلامي، أو ذلك البلد، سواءً في الوطن العربي، أو غيره، فهم يتجهون إلى استغلاله، إلى تغذيته، إلى أن يزداد أكثر وأكثر، وأن يتوسع أكثر وأكثر، إلى أن يخدم أهدافاً لهم محددة هنا أو هناك، وهذا مما يعملون عليه، ويشتغلون فيه بشكلٍ جاد.

يتجهون حتى في الاستثمار في المشاكل الاجتماعية، المشاكل بكل أشكالها في عالمنا الإسلامي يستثمرونها.

يتجهون حتى على مستوى الفرز الاجتماعي، فهم وراء العمل على أن يفصلوا المرأة ككيانٍ لوحده، والشباب ككيانٍ لوحده، هذا ما يعملونه عندنا في العالم الإسلامي، ثم يتجهون بالمرأة إلى أن تفهم أنها كيان لحالها، ولديها اهتمامات سياسية، ولديها معركتها مع الرجل، في الصراع على الحقوق، وما إلى ذلك؛ لأنهم يسعون حتى إلى تفكيك الأسرة، لا تبقى الأسرة التي هي اللبنة الأساسية في الإسلام في داخل المجتمع، المجتمع لبناته الأسر، يتكون من الأسر، الاستقرار على مستوى الأسرة له أهمية في الاستقرار على مستوى المجتمع، فهم يسعون بكل جهد، والبعض من النساء السذج يستجبن لهذه التوجهات، وهذه الأنشطة، ويغفلن عن أنها أنشطة استهدافية؛ لأن قوة المجتمع في أن يكون أبناؤه في حالةٍ من الوحدة، قوة الأسرة في أن تكون متوحدة، قوة المجتمع كذلك.

فيتجهون على مستوى المرأة، على مستوى الشباب، على مستوى الطفل… وهكذا، تقسيمات وبعثرة، كما قلنا في مناسبة من المناسبات: لو استطاعوا أن يبعثروا الإنسان نفسه إلى عدة اتجاهات، ويجعلوا كل يدٍ من يديه تخاصم الأخرى، وكل شيءٍ فيه يخاصم الآخر، لفعلوا، هم يعملون على تجزئة هذه الأمة إلى أنهى حد، إلى أقصى ما يمكن، هذا ما يعملون له، ويلقون بيئةً مهيأةً لذلك إلى حدٍ كبير.

فاشتغلوا في كل هذه الاتجاهات، وفي الأزمات، وفي تفرقة الأمة في المواقف والسياسات، تجاه أي موقف مهم يسعون إلى أن يكون واقع الأمة تجاهه في حالة اختلاف وتشتت، السياسات كذلك، في كل الاتجاهات.

وعانا المسلمون من هذه الفرقة، ضعفوا، تجرأ عليهم أعداؤهم في كل مكان، في كل اتجاه، اطمأن أعداؤهم إلى حدٍ كبير، من أن تكون ردة الفعل العامة من كل المسلمين تجاه ما يفعله ببعضهم هنا، أو هناك، مع أن تربية الإسلام تربيهم على الشعور بأنهم أمة واحدة ((كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تتداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى))، أن يعملوا على أن يكونوا كالبنيان المرصوص، والذي يربي على الشعور بالمسؤولية تجاه كل المسلمين من كل فردٍ منهم، ((من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن سمع منادياً ينادي يا للمسلمين، فلم يجبه، فليس بمسلم)) وفي بعض الروايات ((فليس من المسلمين)).

هكذا عملوا داخل بلدان العالم الإسلامي، يعني: عملوا على المستوى العام كأمة، ثم داخل كل بلد من بلدان العالم الإسلامي، يشتغلون بعد أن فككوا الأمة إلى دويلات، يتجهون داخل كل بلد، كل دولة، بنفس العمل، بنفس الاتجاه؛ لتمزيق صف أبناء ذلك الوطن، للتفرقة بينهم إلى أقصى حد، تحت كل العناوين، لتشتيتهم في كل شيء، لبعثرتهم في كل شيء، لزرع التباين بينهم في كل الأمور وفي كل المجالات: المجالات السياسية، والمجالات الاجتماعية… وفي كل شيء، ويعملون على ذلك بشكلٍ مستمر ومنظم، ووفق خطط، وهذا أمرٌ واضح، هذا ليس أمراً خفياً، وليس افتراءً عليهم، أو ادعاءً عليهم بغير حقيقةٍ، هم يعملون ذلك، لديهم خطط منظمة، معلنة، وأنشطة واضحة، ويشتغلون على ذلك بكل جد، وبكل اهتمام.

من ضمن ما يعملون على استهدافه، ولمحاربته، هو: عندما يتحرك أيٌّ من أبناء هذه الأمة في الاتجاه الصحيح، الذي فيه التبني للموقف الصحيح، سواءً تجاه قضايا الأمة بشكلٍ عام، أو تجاه أي بلدٍ من البلدان، فعندما يتجه البعض من أبناء هذا البلد، أو ذاك، في اتجاه أن يكون بلدهم حراً، مستقلاً، كريماً، مستقلاً من التبعية لأعدائه، وأن يحظى بالحرية والكرامة من سيطرتهم، ومن نفوذهم، والانعتاق من هيمنتهم، ويتجه إلى أن يتكامل إيجابياً مع أبناء أمته، وأن يتبنى قضايا أمته، فهم يستهدفونه على أشد مستوى من الاستهداف: الاستهداف العسكري، الاستهداف الاقتصادي، الاستهداف بهذا المجال نفسه، بهذا الجانب نفسه، لتفكيكه من الداخل، وأيضاً لبعثرة الأمة من حوله أن تتجه نفس التوجه الصحيح.

وهذا ما حصل عندنا في اليمن، عندما اتجه شعبنا على هذا الأساس، ضمن هذا التوجه الصحيح الإيجابي، المنسجم مع مبادئه، مع انتمائه للإسلام، مع هويته الإيمانية، يريد ألَّا يخضع لسيطرة أعدائه من الكافرين والمنافقين، توجه الاستهداف له عسكرياً، واقتصادياً، وتوجه الاستهداف له تحت كل عناوين التفرقة بين أبنائه، واستهداف الأحرار فيه بكل شكلٍ من أشكال الاستهداف.

وهذا ما حصل في فلسطين، في استهداف المجاهدين هناك، هذا ما يحصل في لبنان، ضد حزب الله في لبنان، هذا ما حصل في العراق، هذا ما حصل في مختلف البقاع الإسلامية، أيُّ توجهٍ صحيحٍ بنَّاءٍ، يتجه نحو عزة الأمة، وكرامتها، وحريتها من أعدائها، والتصدي لأعدائها، والتصدي لطغيانهم وشرهم، والعمل على إعاقة مخططاتهم ومؤامراتهم، يتوجه نحوه الاستهداف بشكلٍ مكثف، وهذا أيضاً أمرٌ معلن، وأمرٌ واضح، وليس خفياً.

ويستغلون من ضمن ما يستغلونه في تحقيق هذا الهدف، وفي إطار هذا الاستهداف: مواقع التواصل الاجتماعي، بحملات التشويه المنظَّم، سواءً التشويه العام، مثلاً: عندنا في اليمن يتوجه بشكلٍ رئيسي التشويه ضد أنصار الله؛ لدورهم مع بقية أحرار هذا البلد في الاتجاه الصحيح، في التصدي لأعداء هذا البلد، في السعي لحرية وكرامة أبناء هذا البلد، ويتجه أيضاً ضد الآخرين الذين يتجهون معهم في هذا الموقف: الموقف الصحيح.

في فلسطين ضد المجاهدين، في لبنان ضد حزب الله… وهكذا في بقية العالم الإسلامي، حملات منظَّمة، حملات دعائية، مشحونة بالافتراءات، ومشحونة أيضاً بتوظيف أي إشكاليات، وتكبيرها، وتضخيمها، وتعميمها، وتحويلها إلى عناوين أساسية تملأ كل مواقع التواصل الاجتماعي، حملات للتشويه؛ لهدف صد الناس عن تبني الموقف الصحيح، وصرف أنظارهم عن العدو الحقيقي، وصرف اهتماماتهم عن النهوض بمسؤولياتهم في الاتجاه الصحيح، والموقف الحق، الذي ينبغي أن يكون محط اهتمامهم.

إضافةً إلى توظيف أي خلافات، وأي إشكالات، وأي سلبيات، إلى أقصى حد، مهما كانت السلبية جزئية، أو محدودة، تتحول إلى قضية رئيسية، وتتحول إلى موضوع أساسي، يطغى على كل شيء، ويتحول هو محط كل الاهتمام، والأخذ والرد، وتبنى عليه المواقف، والأحكام العامة، وتبنى عليه توجيه الإساءات إلى أقصى حد، حتى لتتحول الجزئية البسيطة من الإشكالات، أو السلبيات، أو حتى قضية لا أساس لها من الصحة، هي مجرد افتراء، وكأنها قضية القرن الحادي والعشرين، التي ينبغي أن يتحول كل اهتمام الناس حولها، وأن يبنى عليها كل الأحكام، والمواقف، والإساءات، وكل الإجراءات، وكل شيء، وكل العداء، وكل السخط يبنى على أساسها، على نحوٍ غير طبيعي، على نحوٍ هستيري، جنوني، على نحوٍ فيه إفراط، وفيه مبالغات غريبة جدًّا.

أيضاً على مستوى استغلال أي خلافات، سواءً خلافات في الرأي، خلافات في الواقع العملي، خلافات تظهر كخلافات شخصية، أي خلافات، فتأتي معها الحملات الدعائية، التي تجعل منها أمراً كبيراً، ورئيسياً، كل هذا بهدف: التفرقة، توسيع الفجوة، زرع حالة التباينات، تفكيك الناس عن الموقف الصحيح، عن الاتجاه الصحيح، وأيضاً إشغال الناس وصرف اهتمامهم عن القضايا المهمة فعلاً، عن القضايا الحقيقية، عن القضايا الأساسية، عن الأخطار الحقيقية، عن العدو الحقيقي، عن المسؤوليات المهمة، وحتى عن معالجة أمورهم على المستوى العملي بشكلٍ صحيح، يصرفونك عن الأسلوب الصحيح، عن التوجه الصحيح، إلى الأسلوب غير الصحيح، الهدَّام، المدمِّر، المسيء، الذي يفاقم المشاكل أكثر، ولا يسهم في حلها أصلاً… وهكذا.

يبرز مع نشاط الأعداء المنظَّم في ذلك، والذي يشتغل ضمن خطط واضحة، وحملات بعد كل فترة وأخرى، حملة معينة يطلقونها، ينسجم ويتلاقى معه دور بقية المنافقين، بقية الذين في قلوبهم مرض، مثلاً: على مستوى واقعنا في اليمن، من هم في إطار الصف الوطني، ولكنهم ليسوا جادين، ليسوا صادقين، ليس لهم اهتماماتهم الحقيقية الصادقة، أو لديهم بعض الاهتمامات الشكلية والمحدودة جدًّا، والموضوع بالنسبة لهم في مستوى هامشي وعادي، ليس توجهاً جاداً، صادقاً، له شواهده في الواقع، له مداليله في الأداء العملي؛ إنما هو مجرد كلام عادي، ولكن يبرز اهتمامهم الكبير، عنايتهم الفائقة، تركيزهم الكبير، شدتهم، جرأتهم، وقاحتهم، في الاتجاه السلبي، المناوئ، المعارض، الذي يصرف الناس عن الاهتمام بالأمور المهمة، بالقضية الأساسية، بالموقف الصحيح، فينسجمون مع أي حملة معادية، عندما يطلق الأعداء حملة، سواءً تستهدف أشخاصاً محددين، أو تستهدف الاتجاه بكله، الاتجاه الذي يتصدى للأعداء، الذي ينهض بالمسؤولية، الذي يقف الموقف الحق، فينسجمون ويتماهون مع ذلك.

والبعض أيضاً من ذوي العقد، أو المشاكل الشخصية، لديه مشكلة شخصية، لديه أهداف شخصية لم تتحقق، لم يحصل عليها، يتبنَّى بالنتيجة موقفاً سلبياً معادياً، لكنه يتجه مع الموجه، موجه من جانب الأعداء، فيها نشاط عدائي، فيها إثارة للسخط، فيها تحريض عدائي، فيتماهى معها من منطلق أن لديه عقدة شخصية، ومشكلة شخصية، وهذا أسلوبٌ خاطئٌ، ولا أخلاقي، ولا إنساني، وأي شيءٍ لا يبرر للإنسان مهما كان أن يتماهى مع الأعداء، أن يتجه مع الأعداء من أجل شفاء غيظه، أو من أجل عقده الشخصية.

الأعداء يشتغلون بشكلٍ مكثف، ويصبون نشاطهم نحو الاتجاه الداخلي؛ لتفكيك الناس من الداخل، إلى درجة أن يوظِّفوا في ذلك ما يفعلونه هم؛ بهدف صرف ردة الفعل، وتوجيه ردة الفعل بالاتجاه الخاطئ، فمثلاً: عندنا في اليمن، عندما يحاصرون شعبنا، عندما يرتكبون بحقه أبشع الجرائم، يحاولون أن يؤلِّبوا الناس حتى تجاه ما فعلوه هم، ضد من؟ ضد من يتصدى لهم، ضد من يقف بوجههم، ضد من يحاربهم، ضد من ينتقم منهم لشعبه، فيتَّجهون بتوجيه اللوم تجاه ما حصل، تجاه ما يرتكبونه من جرائم، تجاه ما يعملونه من حصار، ضد أنصار الله، وضد من يقف معهم من أحرار هذا البلد في التصدي للعدوان، ويحمِّلونهم المسؤولية، واللائمة، ويتحرك معهم الطابور الخامس، والمعقَّدون، والسيئون، ممن لا يمتلكون الضمير، والأخلاق، والقيم، ولا يكترثون لأن يقولوا أي شيء، فيتماهون معهم في ذلك، فتأتي المحاولات لأن تتوجه حالة السخط تجاه ما فعله العدو ضد الصديق، ضد الذي يقف بوجه العدو، ضد من يتصدى للعدو، ونفس هذا التصرف، نفس هذه السياسة، نفس هذا الأسلوب يفعلونه في فلسطين.

يقوم العدو الإسرائيلي باعتداءاته على الشعب الفلسطيني، وأحياناً بتصعيد كبير، مثلما حصل في العام الماضي بتصعيده على غزة، وفي أعوام سابقة، حملات وحرب شاملة مفتوحة، وحصار شديد، ثم يحرِّض الأهالي والشعب الفلسطيني ضد المجاهدين تجاه جرائمه، هو يقتل، ويدمِّر، ويحاصر، ويريد من الناس ألَّا يسخطوا عليه تجاه ما فعل، وأن يسخطوا على الذين يقفون بوجهه من أبناء شعبهم، الذين يتصدون لجرائمه من أبناء شعبهم، الذين يقفون بوجه عدوانه وإجرامه من أبناء شعبهم، الذين يسعون لإنقاذ شعبهم، لتحرير شعبهم، يريد منهم (من الفلسطينيين) أن يعادوهم هم، بدلاً من أن يعادوه هو على جرائمه، وعلى حصاره.

نفس المسألة عندنا في اليمن، يأتي تحالف العدوان ليقتل، ويريد من الناس ألَّا يغضبوا منه هو لأنه قتل، لأنه ارتكب الإبادات الجماعية، يحاصر، ويعذِّب المجتمع اليمني في قوته، وفي معيشته، وفي اقتصاده، لكن يريد من الناس ألَّا يسخطوا منه هو لأنه فعل بهم ذلك، ألَّا يغضبوا منه لأنه يعذبهم، يضطهدهم، يحاصرهم، أن يغضبوا ممن يقفوا بوجهه، ممن يتصدى له، ممن يحاربه، ممن يقف بوجه عدوانه، ممن ينتقم للشعب منه، أن يبغضوه هو.

في لبنان كذلك حملات كبيرة دعائية ضد حزب الله في لبنان، ومطالبات مستمرة بنزع سلاحه؛ لأنه حرر لبنان من أعدائه، لأنه تصدى للعدو الإسرائيلي، الذي يعتدي على لبنان، الذي سعى إلى احتلال لبنان، الذي سعى إلى مصادرة الحرية على الشعب اللبناني، والاستقلال والكرامة، الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق الشعب اللبناني، وعند كل حربٍ مفتوحة مع حزب الله، يرتكب أبشع الجرائم، يقوم بتنفيذ عمليات وحشية وإجرامية، لكن- في نفس الوقت- يطلب من اللبنانيين ألَّا يبغضوه على ذلك، وألَّا يكرهوه على ذلك، ألَّا تكون ردة فعلهم تجاهه تجاه ذلك؛ إنما أن يبغضوا حزب الله؛ لأنه يقف بوجهه، لأنه يحاربه، وحصل هذا في العراق، وحصل… يحصل بشكلٍ عام في واقع الأمة الإسلامية.

المسألة هذه مسألة واضحة، حملات الأعداء فيها عادةً ما تكون واضحة، وسياساتهم في ذلك سياسات مكشوفة، لكن عندما يكون لدى البعض حالة من العقد، تسبب لهم العمى، عمى البصيرة، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: من الآية46]، أو البعض أيضاً مفلسون إنسانياً، وأخلاقياً، وقيمياً، فيتجهون نفس الاتجاه الذي يريده العدو، وهو اتجاه خاطئ، وغبي، وظالم؛ لأنك عندما تتوجه بسخطك، وكرهك، ولومك، وتحميلك المسؤولية، إلى من هو بريءٌ، وتناصر المعتدي الذي يرتكب الجريمة، تقف مع ذلك الذي يقتل، ويحاصر، ويرتكب الجرائم البشعة، والإبادة الجماعية، تؤيِّد سياساته، تتبنى منطقه، تتبنى ما يقوله، وتوجِّه اللوم إلى من يقف بوجهه، توجِّه اللوم فيما فعله ذاك، هذا افتراء، وبهتان، وظلم، وإجرام، وانحراف، وغباء، ويجمع كل الأوصاف السيئة والمقيتة.

في الواقع الداخلي عادةً ما يكون هناك استهداف في اتجاهات متعددة، فمن يقف في وجه الأعداء، من يتبنى الموقف الحق، كجزءٍ من أبناء هذه الأمة، يتوجه الاستهداف له حتى لتفرقته من الداخل، وحتى في استهداف بيئته الشعبية، والحاضنة، وجمهوره، عادةً ما يكون هناك نشاط مكثف في هذا الاتجاه، وشغل لتوظيف أي إشكالات، أو أي خلافات، أو أي تباينات إلى أقصى حد، كما شرحنا في بداية الحديث.

وفي الواقع العملي هناك سنَّة من سنن الله “سبحانه وتعالى” مع عباده المنتمين للحق، المتجهين على أساس الاتجاه الإيماني، هي: سنَّة الاختبار، التي تبيِّن الصادق عن غيره، الوفي عن الخائن، والصادق عن الكاذب، الله “سبحانه وتعالى” قال: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران: من الآية179]، ومن أهم ما يأتي فيه الاختبار، ويجلِّي الناس هو: في الموقف الحق، في تبني الموقف الحق، وفي الثبات على ذلك، في الثبات على ذلك، والاستمرار على ذلك.

في مسيرة الحياة في كل زمن، يأتي الفرز، ويأتي نتيجةً لذلك الاختبار من ينكشف زيغهم، من يتجهون على نحوٍ آخر، من ينحرفون عن الموقف الحق، من ينحرفون عن الاتجاه الحق، هذا حصل حتى في عهد الأنبياء “عليهم الصلاة والسلام”، وحصل في كل زمن، هي سنَّة الله “سبحانه وتعالى”، {مَا كَانَ}، يعني: أنها سنَّة مستمرة، {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، فيأتي البعض مثلاً في مرحلة من المراحل فيزيغ ويخرج عن تبني الموقف الحق، والاتجاه الحق، ويصبح منطقه منطق الأعداء، اتجاهه اتجاه الأعداء، يتخلى نهائياً وبشكلٍ تام عن تبني الموقف الحق، والتوجه الحق، ويتبنى موقفاً مغايراً سلبياً، تجاه من؟ تجاه الذين يتبنون موقف الحق، يتحول إلى مخاصم لهم، إلى مسيء إليهم، إلى معادٍ لهم، إلى محرضٍ ضدهم، إلى مسيءٍ إليهم، إلى مفترٍ عليهم، ويتبين أنه أصبح موقفه موقفاً مغايراً، قد تخلى عن الموقف الحق، وتخلى عن القضية الحق، وتخلى عن الاتجاه الحق، وبقي اتجاهه متماهٍ تماماً مع اتجاه الأعداء.

يحصل هذا في كل زمن، الزائغون الذين ينحرفون عن تبني الحق، ثم يتحول نشاطهم إلى نشاطٍ من أجل الفرقة، يكونون دعاةً للفرقة، دعاةً للخلاف، يسعون إلى خلخلة الصف الداخلي، يسعون إلى صرف اهتمام الناس عن القضايا الرئيسية، عن الموقف الحق المهم، عن القضية الأساسية، يسعون إلى صرف أنظار الناس عن ذلك نهائياً؛ حتى لا تبقى قضيةً للناس، ولا تبقى محط اهتمامهم، وأن يتجهوا بالناس إلى تبني مواقف عدائية مختلفة، تنسجم مع توجهات الأعداء، وهذا يحصل في كل زمن.

الذين يتجهون هذا الاتجاه المنحرف، فيزيغون عن الموقف الحق، والاتجاه الحق، ويتحولون إلى دعاةٍ للفرقة، يصفهم الله في القرآن الكريم بـ(الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ).

يعني: البعض من الناس قد ينطلق في الاتجاه الحق، ويتبنى الموقف الحق، وقد يبرز في ذلك، أو يلقى شيئاً من السمعة والشهرة، ولكنه في حقيقته، في داخله، في ضميره، في وجدانه، في قلبه، بقي لديه مرض، ما هو المرض هذا؟ هو مرض معنوي، مرض تربوي، إمَّا أنه بقي مرتاباً تجاه شيءٍ من الحق، لم يؤمن به في الواقع، أظهر اقتناعه بالحق، لكنه بقي مرتاباً تجاه شيءٍ من الحق، لم يؤمن به حقاً، لم يؤمن به حقيقةً، واحتفظ بحالة الريب تلك، بقية معه، لم يتخلص منها، لم يستنر بنور الله، لم تكتمل بصيرته، ولم يتم يقينه، فبقي ذلك الريب فيه، يكبر، يعظم، يصطدم باختبارٍ معين، فيتجلى في موقفه، ويظهر مثلاً تنكره لمبدأ من مبادئ الحق، أو لمبادئ من الحق، أو لشيءٍ من الحق، أو حتى للموقف الحق بكله، وهذا يحصل للكثير من الناس على مدى التاريخ وفي كل زمن، وسيبقى إلى قيام الساعة.

والبعض أيضاً إلى جانب ارتيابه باتجاه شيءٍ من الحق لم يؤمن به، يحتفظ أيضاً بخللٍ تربوي، لا يتزكى، لا يتزكى في طريق الحق، لا يتخلص من الشوائب الخبيثة، فهو يحتفظ في قلبه بشيءٍ من الخبث: إمَّا كبر، إمَّا حقد، إمَّا العجب والغرور، إمَّا شيءٌ من الخلل التربوي الذي لا يستقيم معه الإيمان، لا يكتمل معه الإيمان، يبقى متعارضاً مع الحالة الإيمانية، ويعظم لدى الإنسان، فيصطدم في مرحلة من المراحل باختبارٍ معين؛ فيتجلى لدى الإنسان ذلك الخبث، فيظهر ويتبين في موقفه المغاير، في زيغه وانحرافه.

وهذه أيضاً من سنن الله “سبحانه وتعالى”، وقد يتفاجأ الناس من البعض، كيف تغيَّر تماماً، كيف تبنى موقفاً معادياً، كيف أصبح موقفه منسجمٌ مع الأعداء، متماهٍ مع الأعداء، مغايراً لما كان عليه في الماضي، فانحرافه واضحٌ عمَّا كان عليه سابقاً.

الله “سبحانه وتعالى” قال في القرآن الكريم: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}[محمد: 29-30]، فالله “سبحانه وتعالى” من سنته أن من يحتفظ في قلبه بالمرض، المرض على مستوى الارتياب والشك في شيءٍ من الحق، لا يؤمن به، يحتفظ بارتيابه ذلك، أو معه أيضاً اختلالات تربوية، لا تنسجم مع الإيمان، شيءٌ من الخبث، أن يظهر ذلك، أن يتجلى؛ لأن الله لا يقبل من عباده إلا الصدق، يريد من عباده أن يكونوا صادقين في إيمانهم، صادقين حتى في تبنيهم للموقف الحق، لا يقبل إلَّا الصدق، وإلَّا الصادقين، فمن يتمسك معه بشيءٍ من الارتياب، لا يتركه، لا يستبصر، لا يتم يقينه، لا تكتمل بصيرته، أو أنه يحمل شيئاً من الخبث ولا يتزكى، تأتيه الفرص التربوية والإيمانية والعملية، التي تساعده على أن يتزكى، فلا يتزكى، فهو يصل إلى مرحلة معينة، يصطدم فيها بالاختبار الإلهي، ويفضحه الله، ويكشفه الله، ضمنن سنته في أن يميز الخبيث من الطيب في الواقع الإيماني نفسه.

مثل هذه الحالة يجب أن يكون الجميع على وعيٍ تجاهها، أولاً: من أجل أن يحذر الإنسان هو نفسه، ألَّا يحتفظ بشيءٍ من الريب، وأن يضل متمسكاً به، وألَّا يحتفظ بشيءٍ من الخبث، ليسعى الإنسان إلى أن تكتمل بصيرته، إلى أن يتم يقينه، إلى أن يكون على وعيٍ كبير، على وعيٍ تام، وأن يتزكى، يسعى دائماً في أن يتزكى، يسعى دائماً في صلاح النفس، يستفيد من كل الفرص التربوية.

ثم لا يتفاجأ الإنسان، أو يتأثر سلباً عندما يشاهد شيئاً من هذه الحالات، التي حصلت في كل زمن، وتحصل في كل عصر، فإذا وجد شيئاً من هذه الحالات، وجد من يزيغ، من ينحرف، من يتبنى الاتجاه المغاير، من يصبح منسجماً مع الأعداء، يتبنى اتجاههم، معادٍ لأمته، معادٍ لمن يتجهون الاتجاه الحق، ويتبنون الموقف الحق، أن ينظر إليه نظرة القرآن، يمكن أن ينصحه، يمكن أن يذكره، إذا لم يقبل، إذا أصبح مخذولاً، قد خذله الله “سبحانه وتعالى”، وسلبه التوفيق، فلا يبالي به، لا يعطيه أي قيمة، لا يتأثر به، لا يهزه هو في موقفه، يعرف أن هذه سنة الله في الأولين والآخرين، وأنها على مرِّ الزمن، وفي كل عصر، ومع كل أمة، وفي كل قومٍ مؤمنين، يأتي هذا الاختبار، يميز الله الخبيث عن الطيب منهم؛ حتى يتجلى كُلٌّ من الصادق والكاذب، إلى غير ذلك.

ثم ليكن مثل هذا النوع من الناس منبوذاً، لا قيمة له لدى الناس، لا قيمة لموقفه لدى الناس، وعادةً ما يكونون أيضاً حتى عند الأعداء لا قيمة لهم، إذا أصبح لديهم لهم ولو قليلٌ من الأهمية، فهي بحساب ما كانوا عليه، العدو ينظر إليهم فقط من هذا المنظور: بحساب ما كانوا عليه، وإلَّا فلا شأن لهم ولا قيمة لهم عند أحد.

يجب أن يكونوا منبوذين، ثم ألَّا تتحول هذه الحالة إلى ظاهرة تتوسع دائرتها كظاهرة تخلخل الصف من الداخل، يجب أن يكون الداخل دائماً محصناً بالوعي، بالإيمان، بالبصيرة، باليقين، ألَّا يكون ساحةً مريضة، تنشط فيها الفئات الذين في قلوبهم مرض، فتلقى القابلية، تلقى التأثير، تلقى التجاوب، يجب أن تكون مثل هذه الحالة منبوذة؛ لأنها خرجت عن الموقف الصحيح، عن الاتجاه الصحيح، فلا يكون لها أي قابلية، ولا أي تأثير.

الله “سبحانه وتعالى” يقول في القرآن الكريم: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: الآية115]، من يتبع غير سبيل المؤمنين، بعد أن قد تبين له الهدى، وكان في الاتجاه الإيماني، وكان يتبنى الموقف الحق، ثم انحرف عن ذلك، وزاغ عن ذلك، وأصبح له موقفٌ مغاير، فهو إنسانٌ مخذول، خذله الله “سبحانه وتعالى”، ويسلبه التوفيق، {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}، يتركه الله في اتجاهه الخاطئ، في اتجاهه الذي انحرف إليه وزاغ إليه، ويخذله، ويسلبه أسباب التوفيق، وهو الخاسر، عاقبته جهنم، {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.

كيف هي سبيل المؤمنين؟ سبيل المؤمنين يتبنون المواقف الحق، يثبتون عليها، مواقفهم من أعداء الله مواقف ثابتة، مبدئية، أساسية، مواقفهم الإيمانية مواقف ثابتة، لا يزيغون عنها، لا يتزحزحون عنها.

فمثل هذا النوع من الناس يجب أن نحمل الوعي تجاهه، وألَّا يلقى أي قيمة، وألَّا نكترث به، يبقى منبوذاً، لا قيمة له، لا أثر له، وننظر إليه النظرة القرآنية.

من الحالات التي قد تكون حالةً سلبية، تتطور أحياناً لتصل إلى مستوى الفرقة: حالات التذمر، والاستياء، والمشاكل العملية:

يعني: هناك حالات ليست بعد حالات زيغ، وخروج عن الموقف الحق، لكنها مشاكل عملية في الإطار الداخلي في الموقف، أو في العمل، أو في إطار المسؤولية، أو في الإطار العام، مشاكل تحصل، واقع الحياة هكذا: يحصل فيه أحياناً إشكالات معينة، أو اختلافات في الرؤى، أو سوء تفاهم في بعض الأمور، لا يجوز أن تتحول مثل هذه الحالة إلى حالة فرقة، إلى حالة ينشر فيها البعض ويعمم حالة التذمر، والاستياء، والعقد، بما يؤثر سلباً على الاتجاه العام، على الاهتمام بالقضايا الأساسية، بالقضايا المهمة، بالقضايا العظيمة، التي مسؤولية الناس فيها مسؤولية مقدسة، مسؤولية إيمانية، مسؤولية جهادية، فيجعل البعض من إشكالية جزئية معينة ما يصد عن الاهتمام بكل ذلك، أو يؤثر سلباً على كل ذلك.

هذه الحالات يجب التوجه لمعالجتها بأسلوبٍ عمليٍ، مجدٍ، سليمٍ، صحيحٍ، أخوي، هذا ما يجب، هذا ما يجب في مثل هذه الحالات، بدلاً من أن تصبح الحالة حالة يتحدث الناس عنها بطريقة سلبية، يعملون على أن تزداد كمشكلة، على أن تتفاقم كمشكلة، على أن تكبر كمشكلة، ثم تأتي عنها الاجتماعات واللقاءات التي هي في هذا الاتجاه، الاتجاه السلبي، الذي يفاقم من المشاكل، الذي يُكَبِّر السلبيات، الذي يزيد من الفجوة ومن حجم المشكلة.

الله “سبحانه وتعالى” حذَّر في القرآن الكريم من أن يتحول الأسلوب تجاه ذلك، أو تجاه حتى الأمور الشخصية والعقد الشخصية، إلى أسلوبٍ تخريبي، يُخَرِّب حالة الأخوّة، يصرف الناس عن الاهتمام بالقضايا المهمة والأساسية والمقدسة، يقول الله “سبحانه وتعالى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[المجادلة: الآية9]، أحياناً تصبح هناك ظواهر منعزلة، يجتمع هؤلاء ويجتمع هؤلاء، ليتدبروا قضيةً معينة، أو يتحدثوا عن قضية معينة، لكن بطريقة سلبية، تصبح مثل تلك الاجتماعات الخاصة اجتماعات يتم فيها الحديث بطريقة سلبية، فيها الإثم، أو فيها العدوان.

البر هو في صلاح ذات البين، التقوى هي في صلاح ذات البين، البر والتقوى في كل ما يساهم على الحفاظ على وحدة أصحاب الموقف الحق، على أخوتهم، على تعاونهم، على تظافر جهودهم، على تطوير وتحسين أعمالهم، على حلِّ مشاكلهم بطريقةٍ مجديةٍ، أخويةٍ، نافعةٍ، مفيدة، فالبر والتقوى يجب أن يكون هو القاعدة الأساسية، العنوان الأساس، الأرضية التي ننطلق منها لمعالجة كل مشاكلنا، وكل همومنا، وكل خلافاتنا، فنصل إلى ما يرضي الله “سبحانه وتعالى”، وإلى ما فيه الخير والصالح العام.

نكتفي بهذا المقدار…

ونسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفِّقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام، والقيام، وصالح الأعمال، إنه سميع الدعاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛

هل يعي النظام السعودي الخطر القادن

هل يعي النظام السعودي الخطر القادم ✍ أبو يحيى الجرموزي  النظام السعودي ومن خلال المراوغة والهدنة القاصرة يبدوا انه استغل التواضع والحكمة ال...