الجمعة، 15 مايو 2020

محاضرة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الرمضاني ( الحاديه والعشرون)

المحاضرة الحادية والعشرون 

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ ألا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
وتقبَّل الله منَّا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.
اللهم اهدنا وتقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
نواصل الحديث على ضوء الآيات القرآنية المباركة في سورة الأنفال التي عرضت لنا غزوة بدرٍ الكبرى، وضمَّنتها الكثير من الدروس والعبر المهمة جدًّا، والتي تستفيد منها الأمة في مواجهة كل التحديات والأخطار والأعداء.
يقول الله سبحانه وتعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[الأنفال: الآية17].
تاريخياً: في معركة بدر بعدما التحم الجمعان، واشتبك الفريقان، مكَّن الله سبحانه وتعالى المؤمنين من إلحاق الخسائر الكبيرة في صفوف العدو، وقُتِل الكثير من مقاتلي العدو، بينهم قيادات بارزة، وبينهم أيضاً فرسان ومقاتلون أشداء، فكانوا قرابة السبعين قتيلاً، وكانت هذه نكاية كبيرة وموجعة للعدو، وساهمت في هزيمته الهزيمة الساحقة، وكان لها تأثيرها الكبير في ضرب الروح المعنوية للعدو فيما بعد ذلك.
{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، يذكرون في كتب السيرة والتاريخ أنَّ رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله عندما اشتد القتال وحمي الوطيس- كما يقال في التعبير عن اشتداد المعركة أخذ في كفه الحصباء ورماهم بها، وقال: شاهت الوجوه، ودعا عليهم، مع تلك الرمية بدأت هزيمة الأعداء، وكأنه رمى عليهم بالكثير من الصواعق، أو القنابل، أو القذائف الفتَّاكة المدمِّرة، بمعنى: كان تأثيرها كبيراً عليهم على المستوى النفسي والمعنوي، فمع تلك الرمية بدأت هزيمتهم، وحصل انهيارهم فوراً، فكانت هذه الرمية العجيبة عند اشتداد المعركة من جانب النبي صلوات الله عليه وعلى آله رميةً مسددة من الله، أعطاها الله سبحانه وتعالى فاعليةً كبيرةً في التأثير على العدو، ولهذا قال هنا: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، فكانت رميةً إلهيةً مسددةً من الله سبحانه وتعالى، وبفاعلية عالية من الله جل شأنه.
{وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا}، أمدَّ المؤمنين المجاهدين في تلك المعركة بمعونته، ورعاهم بجميل رعايته، بما أمدهم به، وبما أيدهم به، وبما أعانهم به، وبما وفقهم له في تلك المعركة، {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، فهو سمع نداء المؤمنين، واستغاثتهم، والتجاءهم إليه، ودعاءهم، وهو العليم بحالهم، بظروفهم، بمعاناتهم، بصدق نياتهم.
الدروس والعبر من هذه الآية المباركة:{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ}:
أول درس هو: ثمرة الاعتماد على الله سبحانه وتعالى، والتوكل على الله جل شأنه، فالله جل شأنه يمنح من رعايته ومعونته وتأييده ما يمكِّن عباده المؤمنين في موقفهم الحق من إلحاق الخسائر الكبيرة بالعدو، بالرغم من محدودية الإمكانات على المستوى المادي والعسكري في يد المؤمنين، وما يمتلكه المؤمنون، ولكن الله يمكنهم فيعطيهم فاعلية عالية في المواجهة، ويمكنهم أيضاً من إلحاق خسائر حساسة وكبيرة، تصل أحياناً إلى قتل قادة من صفوف العدو أو في صفوف العدو، والقتل في صفوف العدو في المعركة العسكرية من أكبر ما يؤثِّر عليه، يؤثِّر عليه، ويسبب له الهزيمة، ويترك تأثيراً كبيراً عليه فيما بعد ذلك، ودائماً ما تحسب في مقدِّمة الخسائر العسكرية: القتلى؛ باعتبارهم في حساب الخسائر من أخطر الخسائر، ومن أكبر الخسائر العسكرية التي تترك تأثيراً كبيراً في ميدان القتال، والله سبحانه وتعالى يتدخل في هذا الجانب المؤثر أيضاً: التمكين من قتل الأعداء، من قتل قادتهم، من قتل فرسانهم وشجعانهم، فيمثل هذا نكايةً بهم، وتطهيراً للأرض منهم ومن شرهم؛ لأن العنصر البشري هو الأساس في المعركة وفي الصراع، العنصر البشري هو الفاعل، هو المؤثر، هو الذي يتحرك، فعندما يُضْرَب العنصر البشري للعدو، هذا يؤثر عليه، وهذا يفيد أيضاً في مهمة تطهير الأرض من المجرمين والأشرار، الذين يشكِّلون خطراً على البشرية في أمنها، واستقرارها، وصلاحها، وصلاح حياتها...إلخ.
الدرس الآخر هو درسٌ تربويٌ مهم، وهو: أنَّ الله سبحانه وتعالى يذكِّرنا بأنه -جل شأنه- الذي يمكِّن، لولا تمكينه، لولا تأييده، لولا معونته، لولا إمداده المعنوي، لولا تسهيلاته الكثيرة التي يحققها لعباده المؤمنين؛ لما تمكَّنوا من النكاية بالعدو بحساب إمكاناتهم المادية وقدراتهم البشرية، ولكن تأييد الله سبحانه وتعالى ومعونته كانت هي الحاسمة، والتي حققت هذه النتيجة، وبدونها لم يكن ذلك ليحدث، ولم تكن تلك النتيجة لتكون، فعلى المستوى التربوي يبقى الإنسان المؤمن معترفاً بالفضل لله -سبحانه وتعالى-، ويبقى مستشعراً فضل الله عليه، ونعمته عليه؛ حتى لا يصاب بالغرور، عندما تكون في ميدان المعركة، عندما يحقق الله على يديك البعض من النتائج، أو التنكيل بالعدو، أو القتل لقادة من قادة العدو، أو إلحاق نكاية شديدة بالعدو، لا تعش حالة الغرور والعجب بالنفس، وتتجه إلى نفسك فتحسب هذا إنجازك، وقدرتك، وخبرتك، وجدارتك... وهكذا تتجه إلى نفسك، بدلاً من التوجه إلى الله سبحانه وتعالى، هذا أمرٌ خطيرٌ جدًّا، هو يبعدك عن التوجه بالشكر لله -سبحانه وتعالى-، فأنت بدلاً من الشكر لله، والاعتراف بنعمته، والإقرار بفضله، والتأثر بالإنشداد نحو الله -سبحانه وتعالى- بالتعظيم له، والمحبة له، تخسر كل هذا، وتتجه نحو نفسك لتعيش حالةً سلبية من تضخّم الذات، من التعظيم للنفس، من الاستشعار لعظمة النفس... وهكذا تجعل من نفسك صنماً تتجه إليه، تعظِّمه، تمجِّده، تكبر أنت في نفسك على نحوٍ سلبيٍ، تكبر فيك حالة الغرور، حالة العجب، وحينها تفترض لنفسك مقاماً عند الله -سبحانه وتعالى- أولاً، فترى أنَّ لك حقاً على الله، هذه حالة خطيرة ورهيبة جدًّا، حقاً عليه أن يمنحك، وأن يعطيك، وأن يمكِّنك، وأن يجعل لك موقعاً مهماً في هذه الحياة، وفي وسط الناس، وتفترض لنفسك في واقع الناس كذلك أن يكون لك مكانة مهمة، وموقع كبير، مثلاً: على المستوى القيادي، على مستوى الإمكانات، على مستوى المزيد من الاحترام والتقدير والتبجيل والتعظيم، فتتحول الحالة لديك إلى حالة سلبية خطيرة جدًّا، أنت تجاه الله تفترض منه أن يعطيك أشياء تحددها أنت عليه، أن يجعلك طالوت عصرك، أو داوود زمانك، أو يجعل لك شيئاً معيناً، أو يمنحك شيئاً معيناً، تصبح ناقد على الله سبحانه وتعالى، يعني: تعيش حالة الاستشعار بأنَّ لك حقاً عليه سبحانه وتعالى، وكذلك ناقماً على الناس، أنت تفترض منهم أشياء كثيرة بحقك، أن يروك كبيراً، أن يروك مهماً، أن يروك عظيماً، أن يقدِّموا لك إمكانات معينة، أن يعطوك ماديات معينة، أن يعطوك مناصب ومواقع معينة، فتفسد نفسيتك، وتتحول إلى صاحب أطماع وأهواء، وتتحول رغباتك في هذه الحياة وتوجهاتك محكومةً بهذا الهواء وبهذا الهوس، وقد يصل الحد بالبعض إلى أن يصاب بجنون العظمة، وبالتمحور والغرق في الذات، فلا يبقى مفكِّراً إلَّا في نفسه، وفي أهمية نفسه، وفي عظمة نفسه، وفي... وهكذا. وغارقاً في نفسه، ويبقى حسَّاساً جدًّا تجاه الآخرين بهذا الحساب، وبهذه النظرة، من هذه التقديرات: [كيف هم؟ هل هم يحترمونني جدًّا أم لا؟ هل يقرون بمكانتي ودوري أم لا؟ هل هم كذا أم لا؟]، فيحكم علاقته بالآخرين من خلال هذا الاعتبار الشخصي، ويغرق في الشخصنة، في شخصنة الأمور من حوله، المواضيع من حوله، الأعمال من حوله يطبعها بالطابع الشخصي، هو يريد من كل عمل أن يكسب به المزيد من الأهمية، المزيد من تعزيز الموقع والشخصية، فيفقد إخلاصه لله سبحانه وتعالى، ولاحظوا كم تكثر الآفات عندما يصاب الإنسان بمثل هذه الحالة: يفقد الإخلاص لله سبحانه وتعالى، يفقد الاستشعار للقربة إلى الله سبحانه وتعالى بما يعمل، يعيش حالة الغرور، يعيش حالة العجب، يعيش حالة الكبر، يتحول من المختالين، والله -سبحانه وتعالى- كما يقول في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}[النساء: من الآية36]، يصبح كثير الافتخار والاعتداد بالنفس، فيكثر من قول: [أنا وأنا وأنا... وأنا الذي فعلت، وأنا الذي صنعت، وأنا الذي حققت، وأنا الذي أنجزت]... وهكذا، وهذه حالة رهيبة جدًّا، يعالجها القرآن الكريم بهذه التربية الإيمانية، التي يعيش الإنسان فيها حالة الذوبان لله سبحانه وتعالى، وحالة الاستشعار لفضل الله، وهي الحالة الصحيحة، ليست مسألة مجاملة مع الله، هي الحالة الصحيحة والواقعية، أنَّك بدون الله لا شيء، لاشيء، أنَّك بدون الله أنت الضعيف، أنت العاجز، أنت الذي لا تمتلك لا في روحك المعنوية، ولا في واقعك العملي ما كان من الممكن أن تحقق ما حققه الله على يديك لولا رعاية الله لك، لولا أنه هو الذي هيَّأ لك على مستوى الواقع العملي، وأمدك في واقعك النفسي والمعنوي، وهكذا هيَّأ الأشياء الكثيرة، لاحظوا مثلاً في قوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}، الله سبحانه وتعالى هو الذي ربط على القلوب، الله سبحانه وتعالى هو الذي منح الطمأنينة والسكينة، وهذا العامل المعنوي هو الرئيسي في أن يتم الثبات أولاً، ثم أن يكون الموقف أكثر من الثبات موقفاً متقدِّماً: الله سبحانه وتعالى هو الذي يسدد في الضربات والرمي، الله سبحانه وتعالى هو الذي يقذف الرعب في قلوب الأعداء، ويوهن من كيدهم... وهكذا، لولا الله، لولا رعايته، لولا مدده وتأييده ومعونته لما تم شيءٌ من ذلك أصلاً، فالحالة الإيجابية: أن يتجه الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يستشعر القربة إليه فيما وفَّقه له، وأن يتخلَّص كلياً من كل هذه المشاعر السلبية.
هناك أيضاً درس على المستوى الأمني،لا يستحسن أن يتباهى الإنسان بقتل أشخاص مثلاً في صف العدو، فيصبح يتباهى أنه الذي قتل فلاناً، أو أنه الذي تمكَّن من قتل فلان، على المستوى الأمني يمكن أن يركِّزوا عليه شخصياً، وتتحول القضية إلى قضية شبه شخصية وثأر شخصي.
هناك درس أيضاً على المستوى الاجتماعي، وهو أنَّ البعض قد يكون من أسرة معينة، أو من منطقة معينة، أو من قبيلة معينة، والتباهي بقتله قد يورث الضغائن في نفس أسرته، في نفس أصحابه، في قبيلته، وتكون المسألة حسَّاسة، تترك تأثيراً سلبياً على المستوى الاجتماعي، البعض قد يكون من نفس مجتمعك الذي أنت تعيش فيه، فيكون لهذا آثار سلبية حتى على مستوى المستقبل، على مستوى المستقبل قد يؤثِّر على البعض في موقفهم، في هدايتهم، في صلاحهم، فلهذا دروس متعددة، هذا بعضٌ منها.
{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، وكذلك يفيدنا كيف أنَّ الاعتماد على الله، والتوكل على الله سبحانه وتعالى، والتحرك الجاد في موقف الحق يساعد على التسديد من الله سبحانه وتعالى، وإعطاء فعالية كبيرة جدًّا للأشياء الممكنة والمتاحة، حتى لو كانت بنظر الناس بسيطة، فتلك الحصباء التي رمى بها النبي صلوات الله عليه وعلى آله تحوَّلت إلى ذات تأثير كبير في نفوس الأعداء وعليهم، عندما يتحرك الناس في سبيل الله سبحانه وتعالى في موقف الحق، بإمكاناتهم وما يستطيعونه، وبتوكلٍ على الله سبحانه وتعالى، فالله سيعطيها الفاعلية العالية في مواجهة العدو.
هناك أيضاً درسٌ مهمٌ من قوله -جل شأنه-: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا}، المؤمنون- والإيمان هو صلة عظيمة بالله سبحانه وتعالى عندما يتحركون في سبيل الله، عندما ينهضون في الموقف الحق ويتحملون مسؤولياتهم، فالله -سبحانه وتعالى- هو يوليهم من رعايته، من معونته، من تأييده، وهم في مثل هذا الظرف الصعب: وهم يخوضون المعركة، وهم يواجهون التحديات، يوليهم من رعايته، ومن فضله، ومن إحسانه الشيء العظيم والكبير والواسع، ويؤيِّدهم جل شأنه، هو يتدخل في الظروف الحسَّاسة والصعبة، ويواكبهم لحظةً بلحظة، فيمنحهم معونته وتأييده ورعايته العجيبة جدًّا، ولكن المهم جدًّا بالنسبة لنا أن نفهم أنَّ هذه الصلة التي تحظى الأمة من خلالها بمثل هذه الرعاية الإلهية، بمثل هذه المعونة من الله سبحانه وتعالى، بمثل هذا التمكين والتأييد الكبير من الله سبحانه وتعالى هي الإيمان، ولهذا يأتي العنوان هنا: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ}، فالإيمان هو الصلة الهامة والأساسية بالله سبحانه وتعالى، التي يحظى الناس من خلالها بمعونة عجيبة من الله، برعاية عجيبة من الله، بتأييد كبير من الله سبحانه وتعالى.
{إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، يسمع للمؤمنين دعاءهم، نداءهم، استغاثتهم، التجاءهم، ويعلم بصدق نياتهم، وإخلاصهم، وجدهم، وجهودهم، وتضحياتهم، وعنائهم، وصبرهم، وأعمالهم، وعطاءاتهم، يعلم بكل ذلك، فيكافئهم في الدنيا، ويكافئهم في الآخرة، ويجزيهم خير الجزاء، ويعينهم، وما يعطي من نعمة، من تأييد، هو في نفس الوقت اختبار إيجابي، إذا تعامل الإنسان معه بالشكر، يزداد الفضل من الله، وتزداد الرعاية من الله سبحانه وتعالى.
{ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}[الأنفال: الآية18]، {ذَلِكُمْ} ما ذكره من تأييده سبحانه وتعالى، من تمكينه من قتلهم في بدر، وما تحقق من النصر عليهم، {وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}، الكافرون يعني هم أعداء الله، أعداء البشرية، أعداء الإنسانية، هم المشاقون لله، هو الذين يتحركون في سبيل الطاغوت، هم الذين يستهدفون المؤمنين؛ ليمنعوهم من أن يتحركوا أمةً مستقلةً على أساس منهج الله وهديه، فهم يقاتلون في سبيل الطاغوت، ويعتمدون على الكيد، على مستوى الخطط، وعلى مستوى الوسائل التي يرون فيها وسائل تساعدهم على ضرب المؤمنين، وعلى السيطرة على المؤمنين، وعلى سحق المؤمنين، فالله -سبحانه وتعالى- في تدخله هو يوهن كيدهم، {مُوهِنُ}، وجاء هذا التعبير: {مُوهِنُ}، اسم الفاعل كما يقولون، {مُوهِنُ}، ليبين أنها سنة من سنن الله سبحانه وتعالى، وأنَّ الله جل شأنه مستمرٌ في ذلك وفي هذا النوع من التأييد لعباده المؤمنين في كل زمان، وفي كل معركةٍ وتحدٍ، طالما التزموا بأسباب نصره وتأييده، فهو سبحانه وتعالى يوهن {كَيْدِ الْكَافِرِينَ}: ما يعتمدون عليه من خطط، ومؤامرات، ووسائل، وإمكانات تمكِّنهم من السيطرة، تمكِّنهم من حسم المعركة، الله يوهنها، فيفقدها فاعليتها، ويفقدها تأثيرها، ويحد من مستوى فاعليتها، وهذا من أهم مظاهر التأييد الإلهي والمعونة الإلهية: أنَّ الله يحد ويضعف ويقلل من صلابتها وتأثيرها وفاعليتها، فتكون النتيجة كبيرة عليهم، تكون نتيجة الوهن التي تهيئهم للهزيمة، وتفشل عليهم في نهاية المطاف الكثير من خططهم، فتكون نجاحاتهم محدودة، وغير مؤثرة لصالحهم بالشكل الذي يحسم المعركة لصالحهم، وهذا يشمل كل المجالات: على المستوى العسكري، على المستوى الأمني، على المستوى الاقتصادي، إذا تحرَّكت الأمة معتمدةً على الله سبحانه وتعالى، وعززت الصلة الإيمانية بالله جل شأنه، واستجابت عملياً، وتحركت كما ينبغي، فالله سبحانه وتعالى يجعل جزءاً من معونته وتأييده لصالح المؤمنين يتجه إليهم كمدد معنوي، وتهيئة، وتسخير... وعوامل كثيرة، وجزءًا من التأييد يتجه إلى ضرب العدو في نفسه، مثل: قذف الرعب، أو أن يوهن كيدهم.
{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال: الآية19]، {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، هم خرجوا على أساس أن تحسم المشكلة بينهم وبين المسلمين، وأن يحسموا المعركة لصالحهم، وطلبوا من الله الفتح، وتظاهروا بأنهم هم في موقف الحق بالنسبة لقريش والجيش الذي خرج لمحاربة النبي صلوات الله عليه وعلى آله، وطلبوا من الله أن يهلك المبطل من الطرفين؛ فأهلكهم الله سبحانه وتعالى وضربهم، وكانت المعركة بتلك الظروف، بتلك الإمكانات، في تلك الوضعية بحد ذاتها، شاهداً على مصداقية النبي والمؤمنين على أنهم أهل الحق، كانت شاهداً للحق، كانت دلالةً على تأييد الله سبحانه وتعالى.
{وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}، وهذه نصيحةٌ لهم ليكفوا عن محاربتهم، عن عدوانهم، عن إصرارهم على بغيهم، ومن المهم النصح للعدو والتذكير له بأن الخير له في أن يكف، يكف عن عدوانه، يكف عن استهدافه، يكف عن محاربته للحق، فهذا هو خيرٌ له وأسلم له؛ لأنه بإصراره واستمراره لن يحقق النتائج التي يسعى لتحقيقها، ولن يتكبد إلا المزيد والمزيد من الخسائر.
{وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ}، عادةً يسعى العدو بعد هزيمة معينة، أو في معركة معينة، إلى أن يرتب من جديد ويهيئ من جديد ويستعد من جديد لخوض المعركة مرةً أخرى، في سياق إصراره وتعنته، أحياناً على مستوى المعركة في ظل حرب مستمرة، وأحياناً على مستوى حرب أخرى، في كلتا الحالتين الله سبحانه وتعالى يقدم تهديداً ووعيداً للعدو، ويقدم وعداً وطمأنةً لعباده المؤمنين الذين هم في موقف الحق، فإذا عاد العدو من جديد إلى المعركة، إلى معركة جديدة، أو إلى حربٍ جديدة، فإن الله سبحانه وتعالى يعود بنصره، بتأييده، بمعونته لعباده المؤمنين، وهذه طمأنه مهمة للمؤمنين.
أحياناً بعد أن تحسم معركة أو تنتهي معركة معينة حصل فيها التأييد والمعونة الإلهية، يعيش المؤمنون والمجاهدون حالة القلق من المعركة القادمة، عليهم أن يطمئنوا، أنهم عندما يستمرون في موقفهم الحق، ويعززون صلتهم الإيمانية بالله سبحانه وتعالى، ويستمرون في الأخذ بأسباب النصر المعنوية والعملية، فإن الله سبحانه وتعالى لن يتخلى عنهم، لن يتركهم في المعركة القادمة، الله سبحانه وتعالى هو القوي العزيز، ومعونته ونصره لعباده المؤمنين المظلومين في موقفهم الحق ليست فقط لمرة واحدة، لن يتعب، هو جلَّ شأنه لن يتعب، لن يقول: [مشكلتكم كبيرة، ومعارككم كثيرة، وكم عليّ أن أعينكم، وأساهم معكم، وأتدخل إلى جانبكم، كل يوم وهي معركة، أو كل شهر وهي معركة]. هو جلَّ شأنه القوي العزيز، لا يمكن أن يتعب، ولا أن يمل، ولا أن يتغير عليه حال جلَّ شأنه هو العلي العظيم، والقوي العزيز، والقاهر المهيمن فوق العباد.
ولذلك لإصرار الأعداء وتعنتهم على الاستمرار في موقفهم الباطل، الظالم، المعتدي، الباغي، ضد الحق وأهله، ضد المؤمنين، هنا الله سبحانه وتعالى سيمد عباده أكثر بالنصر والتأييد، كلما تعنت العدو أكثر، وكلما طغى أكثر، وكلما تجبر واستكبر أكثر؛ كلما سبب لنفسه سخطاً أكبر من الله سبحانه وتعالى، وكلما كان التأييد الإلهي أكبر، حتى كلما كبرت التحديات والأخطار؛ كلما كبر معها التأييد من الله والمعونة من الله.
المهم دائماً هو: تعزيز الصلة الإيمانية بالله، هذه أهم مسألة، والالتجاء الدائم إلى الله، والاستجابة العملية، والأخذ بأسباب النصر، هذه هي الأمور المهمة جدًّا؛ ولذلك على المؤمنين ألَّا يشعروا بالوهن، ألَّا يكترثوا وتكبر عليهم مسألة أن العدو يعد لمعركة جديدة، أو يريد شن هجوم مجدداً هنا أو هنا، أو يتحرك عسكرياً من جديد من هنا أو هنا، المهم هو أن يركزوا على تلك العوامل الأساسية للنصر، ولمعونة الله، ولتأييده، القضية المحورية والرئيسية جدًّا كيف نكون بحيث يكون الله معنا، بحيث يكون الله معنا، إذا كنا على النحو الذي يكون الله فيه معنا، فلا قلق في مواجهة أي تحديات مهما كانت، أي أعداء مهما كانوا ومهما كانت إمكاناتهم، أي مؤامرات من جانب الأعداء مهما كان حجمها، في كل المجالات، لكن الذي يجب أن نركز عليه جدًّا، وأن ننتبه له جيداً، وأن يكون محط اهتمامنا الكبير: كيف تكون صلتنا الإيمانية بالله -سبحانه وتعالى- قوية؛ حتى يكون الله معنا، أهم عامل وعنصر قوة: أن نكسب معية الله، أن يكون معنا.
فهو يقول: {وَإِنْ تَعُودُوا} أنتم الأعداء{نَعُدْ}، من؟ الله سبحانه وتعالى، الله القوي العزيز، الله العلي الكبير، الله القهار الجبار، وعندما يعود فهو الذي سيحسم المعركة لصالح عباده المؤمنين، {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ}؛ لأن العدو قد يعمد إلى التحشيد من جديد، وإلى أن يزيد من عديد قواته وزخمها البشري، أن يحشد المزيد والمزيد والمزيد من قواه العسكرية، ليشغلها ويحركها إلى المعركة، لو كثرت فئتكم ليست شيئاً؛ لأنه عندما يأتي الله سبحانه وتعالى، يتدخل الله سبحانه وتعالى، يعود الله -سبحانه وتعالى- بتأييده ونصره، فأنتم لا شيء أمام قوته وجبروته، {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، وما أعظم هذه الآية المباركة{وَأَنَّ اللَّهَ}! الله سبحانه وتعالى بقوته، بتأييده، بمعونته، بنصره، هو القائل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ}[آل عمران: من الآية160]، (فَلَا غَالِبَ لَكُمْ): ما أحد أبداً، لا أحد أبداً يستطيع أن يغلبكم، فهو مع المؤمنين، والمسألة المهمة هي هذه: تعزيز الصلة الإيمانية على كل المستويات: على مستوى الطاعة، الالتزام العملي، التقوى، التحرك وفق توجيهات الله سبحانه وتعالى، تعزيز الصلة الإيمانية، والالتزام الإيماني، والعلاقة الإيمانية بالله سبحانه وتعالى هو أهم شيء لكي يكون الله معنا.
ثم يأتي في الآية المباركة بعد ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال: 20-23].
هذه الآية المباركة (الثلاث الآيات المباركات) هي ركزت على موضوع مهمجدًّا، وجدنا مثلاً فيما سبق كثيراً من التوجيهات المهمة والأوامر المهمة من الله سبحانه وتعالى من أول السورة، في أول آيةٍ منها ثلاثة أوامر: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[الأنفال: من الآية1]، ثم تأتي البعض من الأوامر المهمة، والنواهي والتحذيرات المهمة، التوجيهات من الله -سبحانه وتعالى- هي توجيهات من منطلق رحمته وحكمته، وهو ربنا العظيم، ومن منطلق علمه بما هو الخير لنا، وكلها مهمة، ولها نتائج مهمة في واقع الحياة، ويترتب على الالتزام بها النتائج الإيجابية، من مثل هذه: المعونة من الله والتأييد من الله سبحانه وتعالى، وأكبر خلل، وأخطر خلل هو الخلل في الالتزام بمدى الطاعة العملية تجاه التوجيهات الإلهية، التوجيهات تأتي، والأوامر من الله سبحانه وتعالى نسمعها، ولكن المهم هو الالتزام، هو العمل، هو الطاعة، هو التنفيذ، والخلل يكون هنا عادةً، الخلل هو في الالتزام العملي، وفي الطاعة، وفي التنفيذ، وفي الاستجابة العملية، وحينها لا نستفيد من تلك التوجيهات الإلهية، ونخسر في نهاية المطاف يفوتنا أشياء مهمة جدًّا، بل يترتب على ذلك نتائج سيئة علينا في واقعنا في هذه الحياة؛ أما في الآخرة فالمعصية لله، والمخالفة لتوجيهاته وتعليماته وأوامره هي جهنم، النتيجة هي جهنم والعياذ بالله.
فالطاعة هي المسألة المهمة والأساسية، والمعيار المهم لمصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، أن يكون مطيعاً فينفذ التوجيهات، فيلتزم بالتعليمات، فيطيع الله في تلك الأوامر، ويلتزم بها على الواقع العملي، هذا الالتزام العملي هو الميزة الصحيحة والصادقة والمهمة للإنسان المؤمن حقاً، وقد تقدم في قوله -جلَّ شأنه-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال: من الآية2]، والنتيجة لهذا كله هي ماذا؟ الالتزام؛ حتى لو كان مقصراً في شيءٍ معين فذكر يتذكر؛ فيتلافى تقصيره، حتى لو كان قد خالف في مسألة معينة، أو في توجيهات معينة، عندما يذكر يتذكر؛ فيرجع، وينزجر، ويتقي الله سبحانه وتعالى.
قد تكون الأشياء التي تؤثر على الإنسان فلا يطيع، فلا يلتزم عملياً: إما رغبات وأهواء وأطماع ، وإما شهوات، وإماغضب وانفعال وكبر وغرور، وإمامخاوف معينة، مثل هذه المؤثرات التي تؤثر على الكثير من الناس، بحسب طبائعهم وتوجهاتهم واهتماماتهم في هذه الحياة، ولكن الشيء المهم الذي يؤكد عليه القرآن الكريم هو: أن الطاعة معيار لمصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، قد يأتي الكثير ليقول عن نفسه أنه مؤمن، وأنه مجاهد، وأنه من أنصار الله سبحانه وتعالى، وأنه من زمرة المؤمنين، ولكنه في سلوكياته، أو في مواقفه، أو في التزامه العملي، بعيدٌ عن ذلك، بعيدٌ في التزامه العملي، يصدر منه تصرفات ومخالفات يخالف بها التوجيهات من الله سبحانه وتعالى، أو لا يستجيب لتوجيهات مهمة، توجيهات لها أهميتها الكبيرة التي تبني الأمة، وتساعد الأمة لتكون في مستوى مواجهة التحديات، وللنهوض بالمسؤوليات التي عليها، فيأتي هنا التأكيد على الطاعة، وعلى الالتزام العملي، وعلى الاستجابة للتوجيهات، والاستجابة للتعليمات.
{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}، (وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ): هذا الإعراض، وهذا التنصل عن المسؤولية، هذا التهرب من الاستجابة، التهرب من الالتزام العملي، (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ): تسمعون التوجيهات، وتسمعون الآيات، وتسمعون التذكير، فهي تعتبر من أسوأ الحالات على الإنسان عندما يصل إلى هذا المستوى من الاستهانة بالتوجيهات والتعليمات من الله -سبحانه وتعالى-، وفي كتابه الكريم، والتي تأتي إلى الواقع العملي، إلى الأداء العملي.
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}، حالة سلبية جدًّا أن يصل الإنسان إلى هذا المستوى، فهو يصغي أو يسمع، ولكنه لا يلتزم، وكأنه لم يسمع، لا يتأثر وكأنه لا يسمع، لا يتجه عملياً على ضوء ما سمعه من توجيهات وتعليمات من الله سبحانه وتعالى، مثلاً: البعض قد يكون سمع قول الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}[الأنفال: من الآية1]، وهو لا يزال يحمل الضغينة في نفسه على إخوته المؤمنين، وهو بعد لم يتجه عملياً ويلتزم عملياً ليسعى لصلاح ذات البين، فكأنه لم يسمع، البعض قد يكون سمع التعليمات والأوامر من الله سبحانه وتعالى عن التحرك في سبيل الله، عن العمل، عن الإنفاق... عن أشياء كثيرة، كم يسمع الناس من الأشياء الكثيرة من توجيهات الله وتعليماته، وكأنهم لم يسمعوا، كما يقال في المثل الشعبي: [دخل من أذن، وخرج من الأذن الأخرى]، كأنهم لم يسمعوا، في واقعهم العملي لم يتجهوا للتنفيذ وللتطبيق وللالتزام العملي.
فيأتي هنا التركيز على الالتزام العملي،وعلى الاستجابة لتعليمات الله وتوجيهاته، وهنا ستحقق الثمرة، ستأتي النتائج لهذه التوجيهات؛ لأن مخالفة هذه التوجيهات وهذه التعليمات له أضرار كبيرة على الأمة في دنياها وفي آخرتها، الأمة تدفع ثمن مخالفة التوجيهات والتعليمات الإلهية ثمناً باهضاً: ذلةً، هواناً، فشلاً، تمكيناً للعدو، خسارةً، مشاكل كثيرة على كل المستويات، أزمات كبيرة في كل المجالات، وكل ما يعيشه المسلمون في واقعهم من حالةٍ سلبية، وأزمات كثيرة، ومشاكل كثيرة؛ إنما هي نتيجة للخلل في مدى الالتزام العملي والاستجابة العملية.
الإنسان إذا وصل إلى هذه الحالة، إلى حالة يستهين فيها بالتوجيهات، لا يقدس أوامر الله، لا يعظم توجيهات الله سبحانه وتعالى، لا يتفاعل معها، فقد وصل إلى حالة خطيرة جدًّا، ولذلك قال الله جلَّ شأنه: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}، يصبح الإنسان من شر الدواب، يكون الثور أحسن حالاً منه، أحسن حالاً منك إذا وصلت إلى هذه الحالة، الثور، البغل يمكن أن يكون أحسن حالاً منك، عندما تصل إلى حالة لا تتفاعل فيها مع توجيهات الله، مع تعليماته المهمة والتي لها نتيجة مهمة، أنت تذكر عدة أمور: تذكر مصدر هذه التوجيهات، أنه الله سبحانه وتعالى، وهذا كافٍ لو بقي فيك خير، لو بقي فيك إيمان، أن تخجل من الله، أن تستحي من الله، أن تخشى الله؛ فتهتم بالتوجيهات التي مصدرها الله، التعليمات التي هي من الله سبحانه وتعالى، يكون لها أهميتها عندك، قيمتها عندك؛ لأن مصدرها الله سبحانه وتعالى.
ثم أيضاً كل هذه التوجيهات التي تأتي من الله هي لخيرنا، ولمصلحتنا، ولفائدتنا، ولفلاحنا، ولنجاحنا، ولعزتنا، ولكرامتنا، ولصلاح حياتنا، والإخلال بها وعدم الاستجابة لها له نتائج سلبية جدًّاوخطيرة علينا في واقع حياتنا، وراء كل توجيه من الله خير، ووراء الإخلال به وعدم الاستجابة له شر، ونتائج سلبية في الواقع، هذا أيضاً يمثل دافعاً للاستجابة؛ لأن في هذا الخير لنا، وهو لمصلحتنا، وإذا لم نستجب فهو وراء ذلك شرٌ علينا، وهو خطرٌ علينا وليس لمصلحتنا؛ فإذاً المفترض أن يكون هذا أيضاً حافزاً ودافعاً للاستجابة.
ثم ما يأتينا من الله سبحانه وتعالى فيه الكثير مما يفيدنا تربوياً: يمنحنا الرشد، التفكير الصحيح، يزكي نفوسنا؛حتى تكون نفوساً زاكية تتفاعل مع الأشياء الإيجابية في الحياة، مع الأشياء الصحيحة في الحياة، وتحمل الهمم العالية، وتدرك قيمة هذه التوجيهات فيما لها من آثار ونتائج مهمة وإيجابية وكبيرة في هذه الحياة، فالنفوس الزاكية، والهمم العالية، والرشد والنضج الفكري، يساعد الإنسان أن يدرك قيمة التوجيهات الإلهية، أن يدرك أهمية أوامر الله سبحانه وتعالى، وما يترتب عليها من النتائج المهمة، فيكون ذلك دافعاً للاستجابة.
فإذا وصل الإنسان إلى مستوى لا يتفاعل فيه مع توجيهات الله سبحانه وتعالى، مع أوامر الله جلَّ شأنه، وحتى عندما يسمع كأنه لم يسمع، لا يتأثر ولا يتفاعل؛ فلا يتجه عملياً على أساس التنفيذ، فهو في هذه الحالة أصبح في وضعيةٍ نفسيةٍ خطيرة، وأصبح شر الدواب، أصبح شر دابة تدب على وجه هذه الأرض، كما قلنا يكون الحمار أحسن حالاً منه، والبغل أحسن حالاً منه، والثور أحسن حالاً منه، لقد أصبح شر دابةٍ تدب على وجه هذه الأرض، وكأنه أصم لا يسمع، والتوجيهات والتعليمات من الله سبحانه وتعالى وهدى الله فيه ما يكفي في التأثير على الإنسان، ما يخلق قناعةً لدى الإنسان، ما يترك تأثيراً عظيماً لدى الإنسان، فإذا وصل الإنسان إلى هذه الحالة في حالة خطيرة جدًّا، إذا وصل مجتمع إلى هذا المستوى فحاله سيء جدًّا، حاله سيء جدًّا، يفقد الإنسان قيمته الإنسانية فيما أولاه الله وما أعطاه من مؤهلات، تساعده على أن يكون أكثر وعياً ونضجاً وفهماً وتفاعلاً وإيجابيةً في الحياة من بقية الدواب، كأنه أصم وكأنه أبكم لا ينطق، وكأنه لا يعقل ولا يفهم شيئاً.
{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}؛ لأنالإنسان إذا وصل إلى درجة لم يعد يتفاعل مع ما يسمع، فقد فقد الخير في نفسه، ما فيه خير، {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}؛ لأنهم في حالة حتى ولو سمع، حتى ولو فهم الموضوع لم يعد يتفاعل معه، يتجه للإعراض للتنصل عن المسؤولية، للتهرب وكأنه لم يسمع، يحاول أن يتجه عملياً باتجاهٍ آخر، وكأنه لم يسمع شيئاً من هدى الله ومن توجيهاته، تعتبر هذه حالة خطيرة جدًّاوالعياذ بالله.
والإنسان إذا عود نفسه على الاستهانة بالتوجيهات، وعلى المخالفة تزداد هذه الحالة عنده حتى يصل إلى وضع سيء جدًّا، والعياذ بالله يصل إلى هذه الحالة:(شَرَّ الدَّوَابِّ).
نكتفي بهذا المقدار ... ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

الخميس، 14 مايو 2020

أفي سلامة من ديني

أفي سلامة من ديني

رجل بحجم وعلم ومكانة الإمام علي عليه السلام يقولها مستغرباً( أفي سلامة من ديني) يا رسول الله
نعم في سلامة من دينك يا علي إذاً لا أبالي أوقعت على الموت أو وقع الموت عليّ ,
لا أبالي ما دُمت على الصراط السوي الذي جئت به يا رسول الله 
هذا هو الإمام علي حينما بشرّه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين , بإنّ لحيته ستتخظب من دم رأسه الشريف
لم يسأل سلام الله عليه ولم يهتم لأمر حياته 
لم يقل (كيف ولماذا ومن ومتى ) فأول وأهم ما حرص عليه وخاف عليه هو الدين الذي فيه النجاة وفي العزة والكرامه
الدين الذي لو لا سيف عليٌ ومال خديجة ما قامت قائمته ولا أشتد بنيانه وترابطت صفوفه
إنّه علي بن ابي طالب
زوج الطهر البتول
إنّه الأذن الواعيه فاروق الحق والباطل قسيم النار والجنة
حبه إيمان وبعضه شرك ونفاق
لن يجتمع في قلب إمرأء حب علي وحب ما عادا علي وأقصاه وكن وأضهر له العداء.

بشرّه الرسول الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار بإنه سيُقتل في محرب مسجده غدراً وخيانة
سيقتله أشقى الأمة وبقتله علي سيجلب للأمة الشقاء والمعاناة والتيه والظياع وسيجعلها أنة تتسابق الاعداء لإبتلاعها ولن تستطيع إيقاف العربدة إلاّ إذا عادت إلى علي وأحيت فكره وأرست حبه وإقتفاء سيرته ونهجه الذي أنتقاه من مدينة علم المصطفى عليه وعلى آله وخلفيه السلام والتحية والإكرام.

من قهر عتاولة الإجرام وقضى على صناديد عرب الجهالية يهود ومشركين ومنافقين وقبائل حاربت الاسلام 
جندل الكفر وجندل الأبطال وباتت كل الغزوات تعرفه وتعرف شجاعته وإيمانه الذي استمده من الرسول صلوات الله عليه وآله الطاهرين
عليٌ ومن مثل علي مبيد الظالمين ضرباته وتراً لا تمهل العدو لحضة واحدة
ففي بدر قتل ثلثي قتلى المشركين
وفي الخندق خرج الاسلام كله لمواجهة الكفر وبضربة علي قضي على رأس الشر
فكيف لا نحبه
وكيف لا نواليه
وكيف لا نعتبره خليفة روسول الله وأمير المؤمنين
كيف لا نعشقه حتى الثمالة وصفاته نتاطح السحاب
كيف لا نمجدّه وهو ربيب المصطفى قرين القرأن باب مدينة علم المصطفى
يحق لنا ان تفتخر بعلي وهو محل فخرٍ وأعتزاز
بحب علي وتوليّه يمشي المرء ولثق الخطى لا تشوبه شائبه.
ومع مقامه الشريف والذي حاز منزلة أنه لرسول الله كمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه ليس بني.
صولاته وجولاته تحكي اسطورة ملائكي بأمر الله يقتل ويضرب.
ضُرب عليه السلام في منبر مسجده بالكوفه
لم يأن لك بتوجع لم يصرخ اسعفوني ولم يقل لقاتله لماذا قتلتني
بل قالها بملء الفم " فُزتُ وربّ الكعبة " 
وودّع الدنيا حملاً ثقيلاً على أمةٍ فرطّت به وبعلمه وهو الذي كان يقول سألوني قبل أن تفقدوني
فو الله أني اعرف القرأن حقاً اعرف كل آية كيف ولما ومتى ولمن وفيمن أُنزلت ,, 
عليه سلام الله يوم ولد بفناء طهر الكعبة ويوم آزر رسول الله ووقف معه وقاتل قتاله واحتمى بحمى رسول الله يوم كان يتهدده الخطر 
وعليه سلام الله ما طلعت الشمس والقمر وتعاقب الليل والنهار ويوم استشهد ويوم يبعث حياً ,,


✍أبويحيى الجرموزي
https://t.me/abuyahyea



الثلاثاء، 12 مايو 2020

المحاضرة التاسعة عشرة بعنوان معركة بدر الكبرى .. للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

المحاضرة التاسعة عشرة

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وتقبَّل الله منَّا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.
اللهم اهدنا وتقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
نواصل الحديث على ضوء الآيات المباركة في سورة الأنفال، التي عرضت لنا غزوة بدرٍ الكبرى مضمِّنةً لها الدروس والعبر المهمة التي تحتاج إليها الأمة إلى آخر أيام الدنيا.
ومرَّ بنا الحديث بالأمس عن البعض ممن خرجوا مع النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- إلى تلك الغزوة وهم كارهون، ومجادلون للنبي -صلوات الله عليه وعلى آله-، مع أنه قد اتضح لهم أنه خرج بالحق، وأنَّ الخروج هو الحق، وأنه في موقف الحق، البعض من الناس مهما كان الحق واضحاً وجلياً، فهذا لا يكفي في أن يدفعوا، في أن ينطلقوا، في أن يتحركوا في ذلك الموقف الحق، العوامل النفسية التي تؤثِّر على الإنسان، والمخاوف الكبيرة التي تضغط على نفسيته وعلى مشاعره، قد تجعله: إمَّا يتراجع، أو يتردد في تحركه.
وفي القرآن الكريم وفي تربية الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- ما يعالج هذه الحالة، وما يعزز في نفس الإنسان روح الاستجابة لله -سبحانه وتعالى-، والرغبة في الانطلاقة في موقف الحق، الذي فيه مرضاة الله -سبحانه وتعالى-، ولكن يحتاج الإنسان إلى أن يتفاعل إيجاباً مع هذه التربية من الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-، وأن يفتح قلبه لنور الحق، وأن يلتفت إلى القرآن الكريم التفاتةً واعية، بتقبلٍ وتفهمٍ واستفادةٍ تعالج في واقعه النفسي مثل هذا الخلل.
يقول الله -سبحانه وتعالى-: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}[الأنفال: الآية9].
تاريخياً عند الوصول إلى وادي بدر، المنطقة فيها وادٍ، منطقة بدر هذه، ووصل المسلمون مساءاً إلى الضفة الأقرب إلى جهة المدينة، الناحية من الوادي والضفة من الوادي التي إلى جهة المدينة المنورة، وصلوا مساءاً واستقروا، كان قد سبقهم الأعداء، وهم في الضفة الأخرى في الناحية الأخرى على حافة الوادي، وقد سيطروا على آبار المياه الموجودة في الوادي وبالقرب منه، وهم معسكرون في تلك الجهة، وصل المسلمون مساءاً واستقروا وعسكروا في حافة الوادي الأقرب إلى المدينة، وبقوا ليلتهم تلك استعداداً للمعركة في النهار، في نهار تلك الليلة، في صبيحة تلك الليلة، عندما وصلوا واستقروا وعسكروا في تلك الجهة في حافة الوادي الأخرى، كانوا يعيشون الوضع النفسي القلق تجاه المعركة المقبلة، ولكنهم توجَّهوا إلى الله -سبحانه وتعالى-، والتجأوا إليه، واستغاثوه، وطلبوا منه النصر، وطلبوا منه المعونة والتثبيت، وهذه هي الحالة الإيجابية الصحيحة، هي تربية القرآن، وهي تربية الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-، التي نتعلم فيها أن نلتجئ دائماً إلى الله -سبحانه وتعالى-، فالتجأوا إلى الله بالاستغاثة، وطلب النصر منه -سبحانه وتعالى-، وهم يرجون منه النصر، هو ربهم، هو رب العالمين، هو الرحيم، هو العظيم، {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}، عندما استغاثوا الله -سبحانه وتعالى-، عندما التجأوا إليه، عندما طلبوا منه النصر استجاب لهم، فقال -جلَّ شأنه-: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}، استجاب لهم -جلَّ شأنه- بهذا المدد من ملائكته، الذين وصلوا كتعزيزات؛ ليقوموا بدورٍ مهمٍ في تلك المعركة.
{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: الآية10]، الله -سبحانه وتعالى- جعل هذا المدد والذي وصل إلى المسلمين والمجاهدين في تلك الغزوة خبره عن طريق الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-، جعل الله هذا المدد بشارةً لهم بالنصر، وطمأنةً لقلوبهم، وإشعاراً لهم بأنهم ليسوا لوحدهم في ميدان المعركة، أنَّ الله معهم، وأنه قد أمدَّهم بملائكته، وأنها قد وصلتهم هذه التعزيزات التي هي بعدد يفوق عددهم أضعافاً مضاعفة، عدد المسلمين كان لا يزيد على ثلاثمائة شخص إلَّا عدداً قليلاً، تختلف الروايات عن: ثلاثة عشر، سبعة عشر… أو كم كان هذه الزيادة كم كانت، فكان لهذا تأثير معنوي إيجابي كبير في نفوسهم يساعدهم على الاطمئنان.
وعندما نعود إلى الدروس المستفادة من هاتين الآيتين المباركتين، نجد أنَّ من أهم لوازم المعركة ولوازم الصراع عموماً في المعركة، وما قبل المعركة، وفي كل ميدان من ميادين الصراع: الالتجاء الدائم إلى الله -سبحانه وتعالى-، لا بدَّ من هذا: من الالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى-، أولاً: من واقع الشعور بالضعف والحاجة إلى الله -سبحانه وتعالى-، والإنسان بحاجة دائمة إلى الله -سبحانه وتعالى-، والأمة بحاجة إلى أن تلتجئ إلى الله ليمدها بنصره، بمعونته، بألطافه، بتأييده، ليرعاها برعايته، وعندما يعيش الناس هذه الثقة بالله، وهذا الأمل، وهذا الرجاء، فهذا يساعدهم للتحرك في ميدان الصراع والنزول إلى ميدان المعركة بمعنويات عالية، بطمأنينة، بثبات، بأنهم ليسوا في واقعهم سيخوضون هذا الصراع فقط بمستوى ما يمتلكونه من إمكانيات، إنما أيضاً بما يأمِّلونه ويرجونه من معونة الله، من تأييد الله -سبحانه وتعالى-، وعندما لا تبقى الحسابات ضيِّقة والتقديرات محدودة، أننا نواجه بهذا العدد، بهذه الإمكانات فقط، بل تعدى ذلك: هذا الأمل، وهذا الرجاء المفتوح في فضل الله، في تأييده، في معونته، في نصره، والاعتداد بمعيته، أنه -جلَّ شأنه- معنا إن صبرنا، إن ثبتنا على الموقف الحق، إن بذلنا ما بوسعنا، وأدينا ما علينا، فأنه -جلَّ شأنه- معنا ينصرنا، يعيننا، يؤيدنا، فهذا له أهميته، وفي نفس الوقت له نتيجته، الله -جلَّ شأنه- يقول هنا: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}، عندما نكون في موقف الحق، عندما نتحرك في مسؤولياتنا وواجباتنا في هذا الموقف الحق، ونلتجئ إلى الله -سبحانه وتعالى-، ونرجوه، ونأمل فضله ونصره وعونه، هو -جلَّ شأنه- الكريم العظيم، وهو الذي قدَّم الوعود المؤكَّدة في كتابه، ولا يمكن أن يخلف وعده، فهو يتدخل، هو يستجيب، هو يأتي بمدده، تأتي منه الرعاية الواسعة المتنوعة، يأتي منه التدخل الواسع الذي يغيِّر به الكثير والكثير من الأمور، ويصنع به الكثير والكثير من المتغيرات التي تساعد على الانتصار في المعركة، التي تدفع عن عباده المؤمنين الذين استجابوا له، وتحرَّكوا على ضوء توجيهاته وتعليماته، وتمسَّكوا بالحق، وثبتوا على موقف الحق، تأتي منه الرعاية الواسعة التي تمثل دعماً لهم، وتساعدهم في الواقع، وتصنع لهم الكثير من المتغيرات التي تساهم في انتصارهم وفي ثباتهم.
وهنا قدَّم المسألة موجَّهةً إلى المؤمنين، لو بقي الحديث هنا كله موجهاً إلى رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله-، إلى نبي الله محمد -صلوات الله عليه وعلى آله-، لقال البعض: [هذا أمرٌ يخص النبي]، لكن يأتي الحديث هنا موجهاً إلى المؤمنين: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}، ويأتي الحديث أيضاً بالتوصيفات التي تعبِّر عن طبيعة الانتماء، وعن طبيعة السلوك، وعن طبيعة الموقف، سواءً في اتجاه المؤمنين باعتبار انطلاقتهم الإيمانية وموقفهم الحق، الحق عنوان، والإيمان عنوان، وفي المقابل هناك الإجرام والمجرمون عنوان آخر، الكفر والكافرون عنوان آخر، النفاق والمنافقون عنوان آخر، وهذه العناوين هي التي تجري وتأتي على مصاديقها في واقع الناس عبر الزمن.
الله سبحانه وتعالى يؤكِّد على نقطةٍ مهمةٍ هنا: أنه جعل هذا المدد من ملائكته بشارةً، طبعاً البشارات في القرآن الكريم كثيرة، منها آيات الله -سبحانه وتعالى-، ومعنى ذلك: أنَّ الله يهيئ أيضاً بشارات في الواقع، ومؤشرات تعزز الأمل بالنصر، ويحصل في واقع الناس الكثير من هذا عندما يتحركون في موقف الحق، يلحظون في الواقع نفسه مؤشرات وبشائر يؤملون من خلالها النصر، وتقدِّم لهم البشرى بأنَّ النصر الكبير آتٍ.
{وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}؛ لأن اطمئنان القلوب والعامل المعنوي هو من أهم العوامل الرئيسية في تحقيق الانتصار، وفي الثبات قبل ذلك، اطمئنان القلوب مسألة مهمة جدًّا، لها تأثيرها الكبير على مستوى الثبات من جانب، وعلى مستوى الأداء العملي في الميدان من جانبٍ آخر.
الإنسان إذا عاش حالة الارتباك، واستبد به القلق، وسيطرت على ذهنيته ونفسيته المخاوف؛ يسوء أداؤه، تكثر أخطاؤه، لا تتفرغ ذهنيته، ولا يسلم تفكيره نحو المواقف الصحيحة، والأداء الصحيح، والتصرفات الصحيحة، فذهنه مشوش، ونفسيته مضطربة، ومشاعره مضغوطة، في جوٍ كهذا تتأثر قراراته سلباً، وتتأثر تصرفاته سلباً، ويتأثر سلباً في تعامله مع المواقف والمجريات والأحداث، فتكون النتيجة في نهاية المطاف هي الهزيمة، مع الارتباك تصدر قرارات خاطئة، تصرفات خاطئة، تعاملٌ خاطئٌ مع بعض المواقف والظروف.
لكن عندما يعيش الإنسان حالة الاطمئنان في قلبه ومشاعره، ويعيش حالة الشعور بمعية الله، أنَّ الله معه، وأنه مع الله، وأنه في موقف الحق؛ سيكون أسلم في تفكيره، وأقدر وأنجح في تصرفاته، وأدق في كيفية تعامله مع المواقف والمستجدات التي تأتي في ثنايا الأحداث، وفي واقع الميدان والمعركة، فاطمئنان القلب مسألة مهمة جدًّا، ويأتي من الله -سبحانه وتعالى- الدعم المعنوي الذي يساعد على هذا.
ثم يؤكِّد على حقيقةٍ مهمةٍ جدًّا، يقول -جلَّ شأنه-: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، النصر هو من عند الله فقط، لا يمكن أن تراهن على التعزيزات، ولا على الإمكانات، ولا على القدرات… ولا على أيِّ شيءٍ آخر، هي كلها وسائل، هي مهمة كوسائل، وعليك أن تعدَّ فيها ما تستطيع، وأن تقدِّم فيها الممكن والمتاح، لكن لا تراهن عليها هي، لا تعلِّق عليها أملك، لا توجِّه إليها رجاءك. ليكن أملك بالله، رجاؤك في الله، توكلك على الله، اعتمادك على الله، التجاؤك إلى الله؛ لأن البعض من الناس عندما تصل إليهم مثلاً تعزيزات، أو تصل إلى أيديهم وسائل معينة تساعد في الموقف العسكري: أنواع معينة من السلاح، إمكانات معينة، قدرات معينة، قد يطمئنون إليها بأنها هي ستساعدهم على حسم المعركة وكسبها، فيقِل التجاؤهم إلى الله، ويضعف شعورهم بالاعتماد والالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى-، برهانهم على كثرة عدد، أو على توفير عدة، وتحصيل إمكانات، وتوفر قدرات، ضعف اعتمادهم على الله، وكبر اعتمادهم على تلك الإمكانات، أو تلك التعزيزات، أو تلك القدرات، أو تلك الخطط… أياً كانت، فأثَّر عليهم سلباً، فتكون النتيجة هي أن يخسروا المعركة، أن يتراجعوا وأن يفشلوا في تلك المهمة العسكرية، فلا بدَّ من أن يكون الالتجاء في كل الأحوال:
في الوقت الذي أنت تشعر فيه بقلة العدد، بقلة العدة، بضعف الإمكانات، بالظرف الصعب والحسَّاس، بكبر التحديات، في هذه الحالة تلتجئ إلى الله، وتعتد بمعيته، وتأمِّل فضله، وترجو نصره، وتبقى في حالة استغاثة ودعاء وعمل.
أو في الحالة التي توفرت لك فيها التعزيزات، وتوفرت لك فيها إمكانات وقدرات، وأعددت فيها الترتيبات التي تعتبرها ترتيبات عملية ناجحة، في هذه الحالة أيضاً لا بدَّ أن تبقى في حالة التجاء إلى الله، شعور بالافتقار إلى الله -سبحانه وتعالى-، شعور بالعجز، أنك لا شيء من دون الله، والقوة بالله -سبحانه وتعالى- وبتأييده وبنصره، فلا غرور عند توفر التعزيزات والإمكانات والقدرات، وعند استتمام واستكمال الترتيبات التي تعتبر ترتيبات يعوَّل عليها في النجاح، ولا انهيار أمام المخاوف، أمام الظروف الصعبة والمعاناة، أمام التحديات الضاغطة.
{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، فالنصر بيده -سبحانه وتعالى-، وهو -جلَّ شأنه- الذي يتخذ القرار بالنصر ويمد بالنصر، حتى ملائكته لا تمتلك ذلك من دونه أبداً، {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ومن عزته ومن حكمته أن ينصر عباده المؤمنين الذين هم في موقف الحق إذا استجابوا له، وأدوا ما عليهم، والتزموا بتوجيهاته، وأخذوا بأسباب النصر، فمن عزته أن ينصرهم، ومن حكمته أن ينصرهم.
{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}[الأنفال: الآية11].
تاريخياً وصل المسلمون مساءاً إلى منطقة بدر، وعسكروا في حافة الوادي الأقرب إلى المدينة، وفي مساء تلك الليلة أمسوا هناك، وكانوا بحاجة إلى أن يشعروا بالاطمئنان، وأن يأخذوا قسطاً من الراحة؛ ليستعدوا للمعركة في اليوم الثاني، فالله -سبحانه وتعالى- منحهم من السكينة ومن الاطمئنان ما ساعدهم على أن يحظوا بهذه الراحة المطلوبة، والتي توفرت لهم عن طريق النعاس الذي أمدَّهم الله به، وغشاهم به، عندما كان يغشيهم النعاس، كان يصحبه الشعور بالاطمئنان، بالأمن، فكانت عملية طمأنة إضافية تساعد على الراحة النفسية، والاطمئنان القلبي، وعلى اطمئنان النفس الذي يساعد على التهدئة من التوتر والاضطراب والقلق، وتهدئة الأعصاب، فهم استفادوا من هذا النعاس الذي كان يأتي كنعاس {أَمَنَةً}، يشعرون معه بالاطمئنان وبالأمن، النعاس: هو النوم الخفيف المتقطع؛ لأنهم في تلك الحالة لا يناسب أن يمنحهم الله نوماً كاملاً، وأن يغطوا في النوم ويخلدوا إلى النوم بشكلٍ كامل إلى الصباح، الميدان ميدان معركة، لا بدَّ فيه من الانتباه، ولا يناسب أيضاً أن يكونوا في تلك الليلة في حالة توتر شديد، ولا يحظوا بأي شيءٍ ولو بمقدارٍ بسيطٍ من النوم، وأن يبقوا مبحلقين ومستيقظين وفي حالة قلق وتوتر طوال الليل، فيذهبون إلى المعركة في اليوم الثاني ولا زالت أعصابهم متعبة نتيجة توترهم طوال تلك الليلة، فأتاهم النعاس من الله -سبحانه وتعالى-، الذي كان معه الشعور بالأمنة والاطمئنان، هذا من الدعم الإلهي، دعم خاص ومتميز، لا يمكن أن يحصل الإنسان عليه من أي طرفٍ آخر.
{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، والنعمة الأخرى التي أمدهم الله بها، ومثَّلت أيضاً جزءاً من هذا الإمداد، من هذه الرعاية، من هذه المعونة المتتابعة: نزل الملائكة، تغشية النعاس أمنة، أيضاً إنزال المطر، إنزال الغيث، نزَّل الله عليهم من السماء ماءً، وهذا الماء كانوا في أمسِّ الحاجة إليه؛ لأن الأعداء كانوا قد سبقوهم إلى آبار المياه، وكان لهذا الماء فوائد متعددة:
{لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، يستفيدون منه للطهارة، الطهارة للصلاة وللاغتسال وللنظافة، ولما يستفيدون به من الاغتسال بذلك المطر بذلك الماء من راحة الجسم، من حيويته، من انتعاشه بالاغتسال، فهذه الطهارة للصلاة، وهذه الحيوية والانتعاش التي تحصل بالاغتسال، وهذه النظافة لها فائدة مناسبة ومطلوبة وصحية.
{وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، رجز الشيطان: وساوسه القذرة؛ لأن الشيطان قد استغل حالة انعدام الماء، وسيطرة العدو على الماء؛ ليوسوس ويزرع المخاوف والهواجس: [أنكم قد تموتون عطشاً، من أين ستحصلون على الماء؟ قد سيطر العدو على الماء، كيف سيتوفر لكم الماء؟]، فهو يلعب من خلال هذه المشكلة ويستغلها، وهو يستغل- الشيطان- أي مشكلة أو أي ظروف؛ ليحاول التأثير من خلالها، فهو يحاول أن يستغل انعدام الماء وسيطرة العدو عليه؛ لإثارة الهواجس والخوف والقلق تجاه ذلك، فعندما أتى غيث الله، أتى الماء من السماء، ونزل الغيث، توفر الماء بشكلٍ كبير، واستفادوا منه، وعملوا الحياض التي احتوته؛ ليستفيدوا منه أيضاً في اليوم الثاني، وتوفر لهم ما يكفيهم من الماء، واحتلت هذه المشكلة.
والفائدة الأخرى: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}، وسيلةً أيضاً مع إذهاب وساوس الشيطان وسيلة للربط على القلوب، وفي المعركة يحتاج الإنسان وفي ميدان الصراع يحتاج إلى الربط على قلبه؛ لتبقى، ليبقى متماسكاً، ليبقى كذلك ثابتاً ورابط الجأش؛ حتى لا يعيش حالة الاضطراب والقلق في قلبه التي تؤثر عليه.
{وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}، فهذا الشد على القلب، وهذا الربط على القلب يساعد على بقاء التماسك والروح المعنوية العالية، والتي لها أهمية كبيرة جدًّا في المعركة، ويثبت به الأقدام، في ميدان المعركة، الميدان الذي سيلتقي فيه الجمعان في بدر كان منطقةً رملية، وكان القتال فيها صعباً؛ لأن المشاة، سواءً المشاة أولاً ثم الفرسان، لكن بالنسبة للمسلمين كانوا- تقريباً- بكلهم مشاة، ما عدا فرس واحد كان معهم فسيصعب عليهم القتال في منطقة رملية تنزل فيها أرجلهم، ويصعب عليهم التحرك الذي يستلزمهم القتال؛ لأن للقتال حركته المناسبة.
فالله -سبحانه وتعالى- من خلال ذلك المطر قدَّم هذه المساعدة الكبيرة التي تغير الوضع في ميدان المعركة نفسه، نفس هذا الميدان يتحول إلى مكان متماسك، مكان ثابت، مكان صُلب؛ نتيجةً للمطر، هذه كانت نعمةً كبيرة، فهيأ الله لهم حتى ميدان المعركة، ووفر لهم كل الظروف المساعدة على الانتصار، وحل لهم المشكلات التي تمثِّل ثغرةً عليهم يستغلها حتى الشيطان في وساوسه، ولها تأثيرات في الواقع لو لم يتوفر الماء وعانوا من العطش، كان هذا سيجهدهم حتى بدنياً، فكيف كانت هذه الرعاية الإلهية؟ كيف كانت الاستجابة من الله لمَّا استغاثوه وتوفر من خلالها هذا المدد المتنوع والمتعدد؟.
هذا فيه درسٌ مهمٌ لنا: أن الله -سبحانه وتعالى- يتدخل ويمنُّ برعاية واسعة، ويهيئ الكثير من الظروف والعوامل التي تساعد على الانتصار، والتي توفر من خلالها الظروف المساعدة للإنسان في موقفه.
يقول الله -جلَّ شأنه-: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}[الأنفال: الآية12]، بدأت المعركة، تاريخياً بدأت المعركة، والله -سبحانه وتعالى- يواكب هذه المعركة لحظةً بلحظة، وتبقى رعايته المستمرة مواكبةً لمجريات المعركة بشكلٍ مستمر، فأوحى الله -سبحانه وتعالى- وقد بدأت المعركة إلى الملائكة: {أَنِّي مَعَكُمْ} وهو يواكب المعركة -جل شأنه-، {فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} فالوظيفة الرئيسية والمهمة الأساسية للملائكة كانت هي: التثبيت للذين آمنوا في هذه المعركة، التثبيت للذين آمنوا عن طريق تعزيز الروح المعنوية، وحتى لو لم يشعروا أو يشعر الكثير منهم أو يدركوا أو يروا الملائكة، فحضور الملائكة بين أوساطهم، والطرق التي يمتلكها الملائكة، والتي يمكنهم الله من خلالها بالتأثير الإيجابي على المستوى النفسي والمعنوي على الإنسان سيكون لها الأثر الذي يساعد الإنسان على الثبات، فالملائكة لها وسائلها وطرقها التي يمكنها من خلالها أن تؤدي هذا الدور: أن تساعد على رفع الروح المعنوية للإنسان، حتى لو لم يرَ الملك إلى جانبه، أو لو لم ير الملائكة إلى جانبه، لكن لهم طريقتهم التي تمكنهم من رفع روحه المعنوية، من الاطمئنان، من الإحساس بأنه ليس وحده في المعركة، من العوامل التي تساعده، تمده بالنشاط أكثر، بالحيوية أكثر، بالقوة أكثر، وقد تأتي مساعدات في ظل ظروف المعركة والحركة القتالية تساعد الإنسان في بعض حركاته، في بعض أدائه، تساعده بشكل أو بآخر، الله أعلم كيف تفاصيل هذه المسألة، لكنها تثمر هذه النتيجة المهمة، وهي: التثبيت للذين آمنوا، والثبات هو المطلوب؛ لأن في الميدان حتى نصل إلى النصر لا بدَّ من الثبات أولاً، لا بدَّ من الثبات، فمع الثبات والالتجاء إلى الله يأتي النصر من الله -سبحانه وتعالى-، {فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}.
{سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}، وهذا الدعم الكبير العظيم الذي يأتي عندما يثبت الذين آمنوا، عندما يؤدون واجبهم، يتحركون في مسؤولياتهم، يأتي مع ذلك هذا الدعم والمعونة من الله -سبحانه وتعالى- بإلقاء الرعب في قلوب الأعداء، وهذه الحاسمة، هذه الضربة الحاسمة التي يأتي بها النصر.
الله سبحانه وتعالى يربط على قلوب المؤمنين في موقفهم الحق عندما يثبتون، وفي نفس الوقت يلقي الرعب في قلوب أعدائهم، وعندما يلقي الرعب لا يتماسكون، لا يثبتون، ينهزمون فوراً، تنهار معنوياتهم ويفشلون، فتصبح هزيمتهم حتمية، وهذا يأتي على ضوء هذه الخطوات العملية: الانطلاقة في موقف الحق، الأخذ بأسباب النصر، الاستغاثة والالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى-، الثبات. تأتي هذه الرعاية والتي في نهايتها يلقي الله الرعب في قلوب الأعداء، والله -سبحانه وتعالى- هو الذي يملك القلوب ويسيطر عليها، ويسيطر على أزِمّة النفوس، وهو الذي يستطيع أن يلقي الرعب إلى قلوبهم، وكأنها قذائف تصل إلى قلوبهم، فيشعرون بالرعب والخوف والفزع الشديد، فلا يتماسكون، ولا يستطيعون الثبات، وينهزمون، وهذا من أهم ما يقدمه الله -سبحانه وتعالى- من دعم وإسناد وتأييد لعباده المؤمنين في موقفهم الحق، ومهما كانت إمكانات الأعداء، إذا ألقي الرعب في قلوبهم لا يستطيعون الثبات، وتصبح نتيجتهم حتمية، مهما امتلكوا من السلاح، مهما امتلكوا من العدة والعدد، من الإمكانات والقدرات، من الخبرات والمهارات، كلها تضيع إذا ألقى الله في قلوبهم الرعب كل تلك الإمكانات والخبرات تتلاشى في تأثيرها، وفي تمكينهم من الثبات بها.
{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}، هذا توجيه للمؤمنين أن يضربوا ضربات مُنَكِّلة بالعدو؛ لأنها أيضاً من العوامل المهمة التي تساعد على تحقيق النصر، وطبعاً لو لم يكن في زمن السيوف، الضربات مطلوبة في ميدان المعركة التي تترك تأثيرها على العدو، يعني: في مقابل: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ}، هناك ضربات أيضاً تؤثر بشكل كبير على العدو، ضربات حساسة، ضربات استراتيجية، ضربات منكلة، ضربات موجعة للعدو تعزز الهزيمة، وتساعد على التنكيل به، وكذلك: {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} يقابلها الضربات التي تترك تأثيراً منكلاً بالعدو، وتؤثر عليه فلا يستطيع الاستمرار في المعركة، فمع الثبات، ليس مجرد ثبات وجلسة، لا، ثبات بتوجيه ضربات قوية لاستهداف العدو، وللتنكيل بالعدو، وضربات نوعية أيضاً، وضربات استراتيجية تساعد على التنكيل بالعدو، وهذه من الدروس المهمة في هذه الآية المباركة.
ولماذا كل هذا؟ لماذا يقف الله مع بعض عباده ضد بعض؟ أليسوا بكلهم من عبيده وخلقه؟ يقول الله -جلَّ شأنه-: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ}[الأنفال: 13-14]، لا يمكن أن يقف الله مع بعضٍ من عبيده ضد بعض لاعتبارات تخرج عن إطار الحق، لا لمنطقتهم، ولا لأي اعتبارٍ آخر، ولا لاسم، ولا لعنوان… ولا لأي شيء آخر مما لا يرتبط بالحق، هو -جلَّ شأنه- يقول هنا: {ذَلِكَ} يعني: السبب في أن يكون سخط الله عليهم إلى هذا المستوى، وأن يمنح عباده المؤمنين هذا النصر والتأييد، وأن يقدم لهم هذه التوجيهات بضربهم على هذا النحو، وأن يمكنهم منهم، وأن يلقي في قلوبهم الرعب، السبب في ذلك بكله: {بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.
كيف تكون مشاققاً لله؟ وما هي المشاققة هذه، المشاقَّة لله ولرسوله؟ عندما تقف في موقف الباطل ضد الحق، عندما تحارب الحق، عندما تخدم الباطل فأنت في مشاقَّة لله، عندما تقف مع الظالمين ضد المظلومين، عندما تقف مع المبطلين ضد أهل الحق، عندما يسعى العدو إلى محاربة من يريدون أن يبنوا أنفسهم وواقعهم على أساس منهج الله وتعليماته، عندما تكون المعركة من هذا النوع يأتي هذا التدخل الإلهي مع الأخذ بالأسباب، ومنها الأسباب المذكورة.
{وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، العقوبة من الله عقوبة شديدة، وهي التي ينبغي الخوف منها، في هذا درس مهم جدًّا للمؤمنين أولاً: أن يفهموا أن الله يقف معهم لموقف الحق، فلا ينحرفوا عن موقف الحق، وعليهم أن يحذروا ألَّا يشاقَّوا الله، عليهم أن يطيعوا الله، أن يلتزموا بمنهج الله، أن يسيروا وفق توجيهاته وتعليماته، ثم ليطمئنوا أن الآخرين الذين يحاربونهم لما هم عليه من الحق، ولتمسكهم بهذا الحق هم في الموقف الخطير الذي يشاقّون فيه الله ورسوله؛ وبالتالي هم محط سخط الله وغضب الله وعذاب الله وانتقام الله وعقوبة الله، فهم في الموقف الخطر، ونقاط ضعفهم كبيرة وخطيرة، وهذا درسٌ مهم. {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ}، عقوبة عاجلة في الدنيا؛ أما في الآخرة فالنار وهي أشد.
ثم تأتي التعليمات المهمة من الله -سبحانه وتعالى- على ضوء هذه الأحداث المهمة، كما هي عادة القرآن الكريم، وكما هي الطريقة في هداية الله -سبحانه وتعالى- لعبادة، يقدم الحدث ومعه الكثير من الهداية، الكثير من الدروس، والكثير من العبر.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الأنفال: 15-16]، لا بدَّ من التحرك للقاء العدو، عندما يأتي العدو، عندما يزحف العدو، عندما يتحرك العدو عسكرياً لا بدَّ من لقائه، لا بدَّ من التصدي له، وهذا التصدي يجب أن يكون بفاعلية، بثبات، بتوكل على الله سبحانه وتعالى-، في القرآن الكريم وفي تربية الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- ما يساعد الإنسان أن يتحرك بفاعلية عالية، بمعنويات كبيرة، بثبات، باستبسال، بصمود، فعندما يتم لقاء العدو والتصدي لزحفه، والتصدي لهجومه، والتصدي لعملياته العسكرية يجب أن يكون بثبات واستبسال وصمود، ولا يجوز أن يهرب الإنسان، لا يجوز للذين آمنوا أن ينهزموا، هذه تعتبر جريمة كبيرة جدًّا.
{فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} ينهزم ويهرب، {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، المنهزم الهارب من المعركة يغضب الله عليه غضباً شديداً، الله عزيز ولا يرضى لعباده الذين آمنوا في موقف الحق أن يكونوا انهزاميين، وأن يكونوا جبناء وأن يفروا، وأن يكون تحركهم في سبيل الله وفي موقف الحق تحركاً بضعفٍ نفسي وفشل (انهيار وتراجع وذلة) |لا| الله هو القوي العزيز، ويريد لأوليائه ولعباده المؤمنين في موقف الحق أن يتحركوا بقوة وثبات واستبسال، وقدَّم لهم في هديه ما يساعدهم على ذلك، ويمدهم في الميدان إذا أخذوا بأسباب النصر والتزموا بموقف الحق بكل ما يساعدهم على ذلك، ويمكنهم من ذلك، ويوفقهم لذلك، فإذا انهزموا فتعتبر جريمةً كبيرةً جدًّا عقوبتها النار، من يهرب فهو هرب وهو متحمل لهذا الوزر الرهيب جدًّا، فقد باء بغضبٍ من الله، هرب وهو يتحمل هذا الغضب من الله -سبحانه وتعالى-، يغضب الله عليه غضباً شديداً، ويكتب له عقوبته جهنم، فتكون مأواه، فهو كما لو هرب من المعركة إلى جهنم، نعوذ بالله، {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ}.
وطبعاً الغضب من الله يترتب عليه عقوبات في الدنيا، عقوبات متنوعة، قد يكون منها: أن يخذل الإنسان، أن يسلب التوفيق، أن يسلب من الله المعونة النفسية، فيعيش دائم الخوف والهواجس والقلق والاضطراب، أن تضرب عليه الذلة والمسكنة… أشياء كثيرة يمكن أن يعاقبه الله بها، ومأواه في الآخرة: {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، مأواه الذي يأوي إليه وكأنه هرب إليه والتجأ إليه {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، أسوأ مصير يصير الإنسان إليه، بهذا درس مهم وكبير جدًّا، هذا الغضب من الله، وهذا الوعيد بجهنم من الله هو لمن هو مؤمن، يعني: من الذين آمنوا، ينتسب للإيمان، وقد تحرك مجاهداً، وقد نزل إلى ميدان المعركة، لكنه انهزم، فكيف بالذي يعارض الجهاد أصلاً؟! كيف بالذي يثبط عن التصدي لأعداء الله، وهم في عملياتهم الهجومية التي يسعون فيها للسيطرة على الأمة؟! كيف بمن يعمل لخدمة أعداء الأمة؟! كيف بمن يقاتل في صف أعداء الأمة؟! هو في وضع خطير، كيف غضب الله عليه!.
عندما نتأمل في هذه الآية المباركة، وهذا الوعيد شمل حتى المعاصرين للنبي -صلوات الله عليه وعلى آله-، بل أنهم أول من خاطبهم الله بهذا، الصحابة الذين في عصره أول من خاطبهم الله بهذا، وتوعدهم بهذا، ثم يتلوهم بقية الأمة، بقية الذين آمنوا إلى آخر أيام الدنيا، لا يجوز أبداً أن يتحرك المؤمنون في موقف الحق بنفسية مهزوزة، بمعنويات ضعيفة بتردد، بتذبذب، لا بدَّ أن تكون الانطلاقة أصلاً انطلاقة جادة، انطلاقة قوية، يحصل الإنسان على هذا من خلال الإيمان، الإيمان الذي يساعدك وأنت تنطلق، ويساعدك في الميدان وأنت تلتجئ إلى الله، فيمدك بالسكينة، فيربط على قلبك، هذا أمرٌ مهمٌ جدًّا.
الهزيمة مسألة خطيرة جدًّا؛ لأنها تمكِّن العدو، تقدم صورة مشوهة عن الدين، عن الإسلام، عن الحق، وفي نفس الوقت تساعد العدو، الهزيمة تمثل عاملاً مساعداً ومساهمةً تساعد العدو على التمكن من السيطرة على الأمة، وتساعد أيضاً العدو في أن يرتكب الجرائم بحق الناس، تساعد العدو عندما يتمكن أن يمارس ما يمارسه من: ظلم، وفساد، ومنكر، وباطل… فالهزيمة دعم ومساهمة لصالح الباطل، المنهزمون هم ليسوا فقط ارتكبوا جرماً في حدود فعلتهم التي شوهوا بها الدين وشوهوا بها الحق، ولكنهم قدموا أيضاً مساهمة دعموا بها الأعداء، فكأنهم مكنوا الأعداء، وكأنهم أعانوهم، وكأنهم ساهموا معهم ومكنوهم، فهي خطيرة جدًّا، عقوبتها غضب من الله -سبحانه وتعالى- في الدنيا يترتب عليه الكثير من الأشياء، ثم المأوى جهنم وبئس المصير، والعياذ بالله.
كما قلنا المسألة خطيرة جدًّا، والاستثناء فيها لحالتين: {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ}، عندما تكون حركته القتالية فيها كر وفر، أو فيها انتقال من مكان إلى آخر ضمن تكتيك عسكري، واستراتيجية عسكرية، وخطة عسكرية يتحرك على ضوئها، فما كان ضمن الحركة القتالية والأداء القتالي، ليس للهروب، ليس للعزوف عن المواصلة في القتال، فهذا له استثناؤه.
وما كان أيضاً تحيزاً إلى فئة، عندما مثلاً: يستشهد رفاقك في المعركة، وبقيت أنت تريد أن تنتقل إلى فئة أخرى من المؤمنين لتواصل مشوارك معهم، أو كذلك في إطار جبهة معينة، أو موقع معين لم يبق إلا البعض الذين لم يصبح لوجودهم في ذلك الميدان، أو في ذلك الجهة أي تأثير في صد العدو، فأرادوا أن ينتقلوا إلى جانب اخوتهم المؤمنين؛ ليواصلوا مشوارهم، فهذا له استثناؤه: ما كان تحرفاً للقتال، ما كان تحيزاً إلى فئة.
أما الهزيمة، أما الهروب، أما العزوف عن القتال فهو من أكبر الكبائر، ومن أعظم الذنوب التي تسبب لغضب الله، والعقوبة عليها جهنم وبئس المصير، وهذا ما يجب أن يستحضره الإنسان وهو في ميدان المعركة؛ ليثبت، ليستعين بالله، ليحذر حتى لا يتورط في مثل ذنبٍ كهذا.
نكتفي بهذا المقدا .. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء , والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ


https://t.me/abuyahyea



الأحد، 10 مايو 2020

مايو والمرتزقة

22مايو والمرتزقة 

كيف ستحتفل حكومة المرتزقة بذكرى الوحدة 22 مايو 
إن هي أحتفلت
وكيف سيكون حال محافظة عدن عاصمة مرتزقة السعودية والإمارات 
وهل سيتغير حال الحذاء الإماراتية في الساحل الغربي المتمثلة بطارق عفاش ومن معه من عفافيش الإمارات الدولة الراعية لخونة ومرتزقة الهالك عفاش 
هل حكومة المرتزقة ستحتفل
وكيف وجهة نظر مرتزقة الإنتعالي
والى من سينظّم طارق عفاش ومرتزقته في جبهة الساحل الغربي 
هل لحكومة المرتزقة والدنابيع ام لمجلس إنتعالي الحمارات 
أيمام قليلة وتحل علينا ذكرى إعادة الوحدة اليمنية 22 مايو الخالدة والعظيمة 
دعو الأيام تخبرنا بما سيفعله السفهاء وأراذل البشرية وخدّام خدّام عبيد البيت الأبيض وتل أبيب 
الأيام حُبلى بالمفاجأت ولعل مفاجئة هذا العام لن تختلف عن الدروس اليومية التي يتفنن بإدوارها مرتزقة السعودية والإمارات



✍أبويحيى الجرموزي
https://t.me/abuyahyea





للمدعو ياسر العواضي

للمدعو / ياسر العواضي 

خذها نصيحه قبل يوقع فأس الحق برأس النفاق
 
أين كانت رجولتك يوم اقتحم الأمريكان منزلاً في يكلا وتم تصفية اسرة كاملة بينهم نساء وأطفال
ثم أين غيرتك يوم قتلت الجمعات الارهابية
عجوز وإمرأة وطفل في خط البيضاء

ثم لماذا الأن وفي هذا التوقيت تحرّكت فيك الغيرة
لمقتل إمرأة لم يتبين على يد من قتلت

أين كانت رجولتك وغيرتك أمس يوم انتهك العدوان كل المحرمات

اكيد كانت رجولتك تحت نعال تحالف العدوان 
وكانت غيرتك حبيسة دراهم وريالات السعودية والإمارات 

فلماذا تحرّكت فيك الان الغيره ومشاعر الإنسانيه 
ولم نعهدها أن تحرّكت فيك منذُ بداية العدوان

صدقني ان الدود الذي في رأسك ما يزال من إرث عفاش
وهو الذي ما يزال يشاغلك منذُ ديسمبر2017 
فلن تكون اقوى منه وحتى ان افترضنا ان لدين اتباع ومناصرين فسيتخلوا وقد كشفت حقيقتك الدامغة مع العدوان
المرأة التي قتلت ليست اغلا من أي يمنية قتلتها السعودية والقاعدة والمرتزقة والأمريكان
ان كان ذرة من رجولة ومن عروبة وقبيلة أهل البيضاء لاثبت ذلك سابقاً لكنك مجرّد ادة رخيصة بيد العدوان وحان وقت تحريكك علناً لهذا نصيحه انك تعيي ما تفعل وما تحرّض قبل يوقع الفأس بالرأس.

ونحن نثق بالله ان تماديت اكثر فلن يختلف مصيرك عن مصير من سبقوك فلك الخيرة بالمصير والنهاية التي تختارها أنت وبكيفك وحسب ما يمليه عليك أسيادك في دول العدوان


✍أبويحيى الجرموزي
https://t.me/abuyahyea




رمضانهم غير

رمضانهم غير


ونحن إذ نعيش ليالي وأيام شهر رمضان المبارك برفقة الأهل والأحبة والصاحب والولد نتنقل من مكان إلى اخر وبإريحيه تامة ننتقي افضل الأكل وأجود انواع القات 
ونعيش سهرات ليلية نتابع البرامج والمسلسات التي قد لا تفيدنا لساعة المشاهدة والسعيد منّا يستمع إلى محاضرات السيد القائد / عبد الملك بدر الدين الحوثي 
بينما نقضي نهار رمضان بالنوم في غرف مظلمه لا نكاد نرى البطانيات حتى ننام الى قبل وبعد العصر ومن بعدها نذهب للسوق لشراء الفطور والقات وهكذا تستمر حياتنا في رمضان ومع هذا وذك تجد الحكاية مختلفه تماماً على طول وعرض جغرافياء جبهات القتال في مواجهة المعتدين ( أقزام الغزاة) 
لنا رجالٌ ليسوا من ذوات المطامع الشخصية وليسوا من هوات حُبّ الدنيا 
فهم لله باعوا !!
وهبوه حياتهم ومماتهم وسخرّوا إمكاناتهم وكامل قواهم دفاعاً عن دينٍ هم أحوج الناس إليه لما فيه صلاحهم وعزتّهم وسعادتهم في الدنيا والأخرة !!
رجال صدقوا مع الله ولله وفي سبيل المستضعفين ودفاعاً عن الحُرمات 
رجالٌ بصدق الولاء والتضحية
عشقوا جبهات القتال وميادين النزال
يذودون عن الحمى عن الأرض والإنسان
ففي نهار رمضان وفي مختلف الجبهات تجدهم صوّامون قوّامون بالقسط يجاهدون أئمة الظلال والإضلال والمرتزقه
في نهار رمضان يتحملون عناء الصيام تحت أشعة الشمس وفي متارسهم ومواقعهم العسكرية (الجهادية) يرابطون وبالصبر والصلوات والابتهال الى الله يستعينون ويواجوهون قوى العدوان في مختلف الضروف وعلى إمتداد جغرافيا اليمن
يستبسلون يقدمون دروس من الولاء والطاعة لله ورسوله والمؤمنين وأعلام الهدى.

يعيشون رمضان بالتقوى بالعفة والإباء الإيماني
يصوّبون سهام دفاعهم وقنابل جهادهم المقدس الى نحور الأعداء ومرتزقتهم 
نهارهم صيام وجهاد
ليلهم دعاء ومن عبق هدى الله يسهرون ليلهم بنور الله وقبضاتهم على اسلحتهم ومع كل تسليحة يطلقون نيران بنادقهم وأسلحتهم وبنار الله يُحرقون يُقتلون يدمرون ويضربون كل بنان لقوى العدوان وأذنابهم المرتزقة المنحطين بذل الإرتزاق والمهانة التي ستطاردهم في الدنيا والأخره ولن يكون لهم ذكرٌ سوأ التشميت بهم عبر الأجيال المتعاقبه لسؤ إنخراطهم للقتال في صف المعتدين لدوافع مكذوبة وباطله.
وبما أن الحديث عن شهر رمضان الذي يقضوه مجاهدونا على قمم الجبال وفي السهول والوديان وعلى إمتداد الحدود 
نلاحظ معنوياتهم عاليه تناطح السحاب وتكسر هيبة عتاد وعدّة تحالف العدوان ومن هذا المنظور ومن خلال الإنتصارات التي يحقوقناه نجد رمضانهم أحلى
فهنيئاً لهم الصيام والقيام والجهاد والدفاع المقدّس والإستشهاد العظيم.
نسأل الله لهم الهداية والتوفيق والنصر والتمكين إنه تعالى جواد برّ رحيم ,,


✍أبويحيى الجرموزي
https://t.me/abuyahyea




الثلاثاء، 5 مايو 2020

صراع الادوات

صراع الأدوات لكسب الرضى الأمريكي 

عادت الأدوات , ومن جديد تتصارع فيما بينها ,, سباقاً في مضمار الولاء والطاعة لأسيادهم في تحالف العدوان السعودي الأمريكي !!
قتال المرتزقة بشقيّه الإنتعالي والإخوان وثالثهم العفافيش ( كلب الإمارات ) سينظمون الى مضمار التنافس ""
ستكون المنافسة على أشدّها وستبرز في الساحة وجوه جُلّها جديدة على الإعلام ..
كعكعة من باقي فظلات أقزام الخليج !!
رُميّ بها في برميل النفايات"" إرتزاقاً يستانفس المرتزقة
وكلٌ سيقاتل بجدّية لعل السعودية ترضى عنه ولعل الإمارات ترضى ولعل الأمريكي يُشرعن وطنيته مع ميلشة الأطراف الأخرى ..
كما تدين "" تُدان
وكل إناء بما فيه ينظح -
أهم شي انتظروا معركة حامية الوطيس!
معركة الخلاص يكونوا او لا يكونوا,,
لا فرق لدينا .
ولا فرق لدى السعودية والإمارات
فأربعتهم مرتزقة وأذناب عبيدٌ وخونة ,,
عفافيش كانوا إنتعالي او اخوان فكلاهما من إنتاج ماكينة الإرتزاق جيش وطني " خان وطنه " 
ومقاومة وطنية " باعت وطنيتها "
وحرّاس للجمهورية باعو الدين والوطن وسلموها لممالك لا تعترف بالجمهوريين "
أربعتهم كالذي ينعق بما لا ينفع ولا يظّر ,,
جميعهم أحذية لأحذيه.
كلاهم أدوات رخيصة " تعمل بالأجر البخس للسعودية والإمارات ,, 
قتلة بلاء أجر ..
لا دين ولا دنيا ولا اخره يقاتلون من أجلها 
لا دينٍ أبقوا " ولا دُنيا وفروّا ,, ولا شرفٍ او كرامة حافظوا "" 
جيشٌ خان قسمه الوطني وأبر بقسم الشيطان ,,
مقاومة تعين القاتل لتدمير الوطن والهوية "
حرّاس أقزام في رمال الساحل الغربي غارقون ,, 
إنتعالي يُخيّل له أن عمالته للإمارات ستوصله لسدّة حكم الجنوب !! فبعيد عليه وعلى رفقاء إرتزاقه وخيانته ..
لا حياة لمن تنادي فأربعتهم صغاراً في مواجهة عمالقة الجهاد " عمالقة ورجالٌ ,, صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى شهيداً مقبلاً في دفاعه عن الدين والأرض والإنسان والعقيدة ومنهم من ينتظر في ميادين الجهاد ينكل بلفيف المرتزقة ومجاميع المنافقين.
لن يفلح حثالة الارتزاق وما جمعه السعودي سيبور وستقتتل الادوات فيما بينها ولن ينتصر أحدهم على الاخر .. وإن كان فهو على حسب الأمر الصادر من البيت الأبيض عبر دويلة الامارات ودولة قرن الشيطان!!!!

أبويحيى الجرموزي 
https://t.me/abuyahyea



لماذا لا يتعض المرتزقة

أولم يرى المرتزقة أنهم كانو على مشارف صنعاء لخمسة أعوام عالقون في فرضة نهم كان بإستطاعتهم التقدم بإتجاه صنعاء ليصرخوا من وسط ميدان السبعين نحن هنا أين أنتم : 
فكان أن مكنّ الله جنوده مجاهدوا الجيش واللجان الشعبية وأفرغ عليهم الصبر والثبات وبفضل الله كانوا كالبنيان المرصوص يشدُّ بعضه بعض
وبالبصيرة والجهاد والذي يوافق أهله عامة ابناء اليمن الشرفاء ودعواهم سبحانك اللهم بنصرك وقدرتك جُد لنا ووفقنا وأنصر مجاهدينا على أقوام الإرتزاق ( صعاليك الأرض وشُذّاذ الآفاق. : 
إنه الله والحق المشروع والدفاع الصلب الذي بذله مجاهدوا الجيش واللجان الشعبية لما يفوق عن خمسة أعوام
وبحول الله وقوّته وإصطفافهم مع بعضهم كان أن الأرض لفظت المرتزقة من كامل جبهة نهم وشرّدتهم وجعلتهم أحاديث العالم ومزقّتهم كل ممزّق 
من نهم إلى الجوف الصحراء والحزم الى تخوم مارب المدينة وكوفل المعسكر : 
وجعلنا في الارض (الصحراء والجبل والسهل والوادي) مكامن الموت والمصائد التي قضت على أرتابهم وأحالت عتادهم العسكري الذي طالما تباهوا به الى قطع من حديد محترقة لا تقوى على شيء من بأس الله وقوته.
وأسقطنا عليهم من السماء أبابيل مسيرّة وصواريخ باليستية شُهبٍ ونجم وثاقب ونكال وسيوف فقاريه"" 
ومن خلال الأحداث والتطورات السريعة التي كانت لصالح مجاهدي الجيش واللجان الشعبية نرى أولئك المرتزقة لم يتعّظوا ولم يأخذوا الدروس والعبر والهزائم التي تطاردهم محمل جد في مواجهة رجال الله ليعودوا الى جادة صوابهم والى رشدهم..
ليعرفوا ان الله حق والحق لا يمكن ان يهزم خاصة إذا ما تحرك أهله والحق هو حق وما بعد الحق الاّ الظلال
والحق أحق أن يُتبّع ..
نأمل ذلك !!!
.

أبو يحيى الجرموزي
https://t.me/abuyahyea 



هل يعي النظام السعودي الخطر القادن

هل يعي النظام السعودي الخطر القادم ✍ أبو يحيى الجرموزي  النظام السعودي ومن خلال المراوغة والهدنة القاصرة يبدوا انه استغل التواضع والحكمة ال...