جلال وأمل (فراق بلا موعد ولقاء بلا فراق)
جلال شاب يمني يعمل في بقالة بعد ان توقف راتبه الشهري بفعل الحصار الاقتصادي والحرب الضالمة الذي تفرضه قوى العدوان السعودي.
جمعته علاقة حب طاهرة بفتاة هي أمل ابنة عمه حيث كانت حلمه الوحيد وفارسة احلامه كما يرها وتره بنفس الشعور..
تزوجا قبل بضعة اشهر بعد قصة حب دامت لسنوات طويلة، كان زوجها يعمل في محل بقالة بسيط،
أحبها بشغف جعلها تحب الحياة بصحبته،
ذات يوم خرج زوجها الى العمل مبكراً كعادته.
ودعته بقبلة دافئة « وهي لا تعلم أنها قبلة الوداع الأخيرة » وعدها زوجها أنه سيحمل معه الفاكهة عند عودته
سألها كعادته عن أي فاكهة تريدين يا جبيبة قلبي.
وكالعادة اجابتها واحدة " ما تريد يا حبيبي فكل شيء من يديك هنيئٌ وطيّب منك ومهما كانت سأقبلها وأقبّلُها..
والأهم من ذلك انك تنبته لنفسك يا عمر الأمل.
يعلم الله انني خائفة لا قدر الله يصير لك مكروه خاصة مع التحليق المكثف للطيران وبعلوٍ منخفظ.
يقول لها ماعليك لا تقلقي انتهبي لطفلنا علاء الذي ما يزال في احشاءك.
انا لست في جبهة قتال لتخافي عليّ وانما في سوق يرتاده عامه الناس حتى منهم في صف العدوان!!!
وفي قوانين الحرب حسب ميثاق الأمم المتحدة يمنع استهداف الاسواق والأحياء المدينة،
وبالررغم هذا نرى العدوان يستهدف كل شي في اليمن بلا حسيب وبلا رقيب.
استودعك الله لاتأخريني.
يلوّح بيديه يميناً وشمالاً كأنه يداعب طفل.
هي بنفس الاشارة تبادله ودعواتها تملؤ بيتها بأن يحفظ الله زوجها وكل ابناء اليمن من غدر العدوان السعودي وجبروته.
مضي الزواج لسبيله و الى عمله وترك زوجته منشغلة باعمال المنزل،
حتي انتهت منه وفتحت الراديو وبدأت تستمع الى الزوامل الحماسية والمفضلة لديها تداهمها في هذه اللحظان أحلام وردية بأن تُرزق بطفل تسعد به زوجها واطفال يلمؤن عليها البيت سعادة وأمل وضجيج.
وبينما كانت تغوص في غمرة الحلم دوىّ انفجارٌ كبير أهتزت لوقعه المنطقة وتهشم زجاج المنزل
ما الذي حدث يا تري!!
اهو لصاروخ.
او قنبله موقوته (عبوة ناسفة) زرعتها الجماعات الارهابية. امعقول ان يكون هذا الانفجار الظخم لانتحاري فجرّ نفسه بين جموع الابرياء وفي هذه المدينة الصغيرة،
قالت في نفسها لا شئ بالتأكيد.
ربما تكون قنبلة من مخلفات الحرب أو غيرها،
لاشيء مهم في عالمها الصغير الملون البسيط.
وعاودت الى سماع الى زواملها المفضلة خاصة تلك الحماسية.
وتنتظر حاجيات السوق التي تاخرت هذا اليوم كثيراً
وليس من طبيعة زوجها التأخير في مثل هكذا ظروف.
هنا طُرق الباب.
فرحت الزوجة واستعدت لتعاتب زوجها على تأخير المصروف كل هذا الوقت،
اسرعت الى الباب لتتفاجأ بان الطارق ليس زوجها..?
بل الجيران
صرخوا بها قائلين انتي جالسة هنا والسوق يحترق بفعل النيران الملتهبة والانفجارات تهز المدينة.
لقد تحول السوق الى محرقة بشرية وكأنكِ عائشة في عالم آخر.
عشرات الضحايا من الابرياء.
تحول الباعة والمتسوقين الى قطع من اللحم المتناثر بأرجاء السوق.
اختلطت الجثث ببعضها نساء رجال واطفال وكل السوق يحترق ومازال الطيران يحلق وبعلوٍ منخفظ ليمنع بذلك فرق وسيارات الاسعاف ورجال الدفاع المدني من الوصول الى المكان المستهدف لاسعاف المصابين وانتشال الجثث من تحت الركام.
يقولون لها هل اتصل بك زوجك..?
لا لا لم يتصل.
اين زوجي.
اين جلال.
مالذي حدث لجلال.
لم تتحمل اعصابها الاحداث التي تدور حولها،
فقدت وعيها وصار الحلم انياباً قاتلة غرست في أحشائها، وامتدت لتقتحم كل حواسها فانفجر الدم من الأنف وترنحت قليلاً لكنها لم تسقط بل هرعت الى السوق معهم،
وجدت نفسها كأنها في هيروشيما مصغرة،
مئات الناس الذين يشبهونها،
الصبية يبحثون عن آبائهم،
النساء !! الاباء !! الرجال،
كل يبحث عن قريب وصديق له.
كان الحريق كبيراً والدمار بشعاً.
اختلطت الاشلاء بالفواكه والخضار واللحم والسمك.?
بقالة زوجها وكل المحال التجارية أصبحت ركاماً وأثراً بعد عين.
حتى صالون الحلاقة المحاذية لـ بقالة زوجها اصبحت كومة من خراب.
بوفية السوق التي أعتادت شيءٌ من منتجاتها مع كل عودة لزوجها ( جلال)،،
كل شيء بدأ عالماً من الفوضى،
عالما من الدمار،،
اين جلال ،
اين زوجها ،
بل اين بقايا زوجها !!
لاتدري،،،
وعندها سقطت مغشياً عليها،
وبعد أن عادت الى رشدها،
علمت أن الناس جمعوا لها ما تبقي منه في كيس صغير،
حيث كان يمر زوجها بجانب احدى البنايات التي استهدفها طيران العدوان السعودي وهو يحمل بين يديه كيساً من الفواكه.
ولذلك لم يتمكنوا من العثور عليه،
ومرت ايام العزاء،
ثلاثة ايام،
لم تكن قد عادت الى رشدها..?
وكما يُخيّل لهم بانها في غيبوبة.
بل انها كانت في عالم اخر.
فقد كانت مع جلال في السوق تتجول تصف الفاكهة وترشها بالماء تغسل واجهة المحل بالماء كل صباح!!
وتعد له الطعام،
كانت تضحك عندما يغازلها ويسألها اى نوع من الفاكهة تفضلين،
فتقول أنا احب ما تحب،
فيجيبها بحب انتي فاكهتي المفضلة،
وتبكي عندما يناديها أيتها الامل لقد اصبحت بعيد عنك انا انتظرك.
اريد ان تكونين قريبة مني لنشكوا الى الله ضلم آل سعود بحق الانسانية.
هي تعرف نفسها لم ترفض له طلباً منذُ دخل الى حياتها حباً وشراكه زوجية،،
ها هي الان تخطو خطوات متسارعة لتنفذ طلبه.
في اليوم الثالث انتهى العزاء.
وفي اليوم الرابع رحلت الى بارئها لتلحق بفارس احلامها وفاكهة حياتها ومماتها.
رحلت أمل وعلى خدها دمعة فراق.
وعلى شفتيها ابتسامة لقاء في جنان الخلد الأزلي.
استشهد جلال وتوفيت الامل زوجته
لتبقى الجريمة شاهدة على بغي مرتكبوها.
دونت الجريمة في سجلات الامم المتحدة ضد مجهول دافع عن الشرعية المزعومة.
الجاني هو نفسه من يمولها بالنفط والمال.
لهذا لاغرابة ان نرى الصمت الدولي والاممي والتغاظي عن كل جرائم تُرتكب بحق الانسانية في اليمن من قبل تحالف العدوان السعودي..
انتهت القصة وما يزال هناك قصص كثيرة لم تُروى.
وحكايات مؤلمة لم تُسطرّ.
ومشاهدٌ فضيعة لم تُوثّق.
ومهما كانت الألام والاوجاع ستعاود اليمن النهوض وستقوى على الجراح وستبقى عالية في العلالي ولم تسقطها رماح وسهام الاحقاد وعقوق بعض ابناءها من ذوي الارتزاق.
انتظرونا في قصة أخرى تروي واقعاً مؤلماً من العبث السعودي الأمريكي في اليمن على مدى ثمان سنوات من الحرب والحصار ...،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق