الجمعة، 16 أبريل 2021

نص المحاضرة الرمضانية 1442هـ الأولى للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

 المحاضرة الرمضانية الأولى لقائد الثورة السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي 

01 رمضان 1442هـ
13 أبريل 2021م

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
نفتتح المحاضرات الرمضانية بالحديث ابتداءً عن الغاية العملية من الصيام، والتي يترتب عليها بقية النتائج المهمة، والمكاسب الكبيرة التي وعد الله بها على الصيام، سواءً فيما هو عاجلٌ في الدنيا، أو آجلٌ في الآخرة.
الله "سبحانه وتعالى" قال في كتابه الكريم، وهو يحدِّثنا عن هذه الفريضة العظيمة والمهمة: فريضة صيام شهر رمضان، قال "جلَّ شأنه": {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: الآية183]، هذه الآية المباركة التي تضمَّنت الأمر من الله "سبحانه وتعالى" بصيام شهر رمضان، وباعتباره فريضةً إلزاميةً، لولم يلتزم الإنسان بصيامها من دون عذرٍ شرعيٍ؛ فإنه يعتبر عاصياً، ومخلاً بركنٍ من أركان الإسلام، ومرتكباً لذنبٍ من كبائر الذنوب والمعاصي والعياذ بالله.
هذه الفريضة العظيمة، المهمة، الإلزامية، لها غايةٌ عمليةٌ، تتعلق بك أنت كإنسان، على مستوى الفرد كفرد، أو على مستوى المجتمع، والإنسان عادةً هو في إطار مجتمع في كل شؤون حياته، فالله "سبحانه وتعالى" عندما قال في هذه الآية المباركة: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، هو يخبرنا بأنَّ لهذا الصيام غايةً عمليةً، تتعلق بما هو ذو أهميةٍ كبيرةٍ جداً بالنسبة لنا نحن؛ لأن الله "سبحانه وتعالى" هو الغني عنا، وعن أعمالنا، وعن طاعاتنا، لكنه يرشدنا ويأمرنا إلى ما هو خيرٌ لنا، وبما فيه خيرٌ لنا وصلاحٌ لنا، فيما يتحقق لنا به من النتائج الإيجابية والجيدة، فيما نحقق من خلاله لأنفسنا من الخير العظيم، وفيما ندفع عن أنفسنا من خلاله ومن خلال الالتزام به الشرور الكبيرة.
عندما قال الله "سبحانه وتعالى": {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، هو يبين لنا أنَّ الصيام يعتبر وسيلةً عمليةً تساعدنا على تحقيق التقوى، والتقوى مسألة مهمة بالنسبة للإنسان، الإنسان هو مفطورٌ (في فطرته) مفطورٌ بالمحبة لما يقي نفسه، ولكل ما يمكن أن يكون وقايةً له من الشرور، من العذاب، من الخزي، من الشقاء، من الهوان، من كل النتائج السليبة التي يمكن أن تحدث عليه، في حياته هنا في هذه الدنيا، وفي مستقبله الأبدي في الآخرة.
فالله "سبحانه وتعالى" يوضِّح لنا في هذه الآية المباركة، ويبين لنا، أنَّ الصيام هو وسيلة عملية لتحقيق هذه الغاية العملية، التي هي منسجمة مع فطرة الإنسان، ذات أهمية كبيرة بالنسبة للإنسان (كفردٍ، وكمجتمع)، الإنسان في أمسِّ الحاجة، وهو في العادة يعطي أهميةً كبيرة لما يدفع عنه أي شر، أو أي خطر، أو أي ضر، أو أي مصائب، أو أي عواقب سيئة جداً، تؤثر على شؤون حياته، في أي جانبٍ من جوانب حياته، وكثيراً ما يتجه الإنسان لأعمال كثيرة، أو اهتمامات كثيرة، يرى فيها أنها تحقق له هذا الهدف، فإذا عرف عن شيءٍ معين، أو ظن وتوقع في شيءٍ معين، أنه يقي عنه خطراً معيناً، أو شراً معيناً، أو سوءاً معيناً، أو ضرراً معيناً، فإنه يحرص على أن يهتم بذلك الذي ظن فيه وقايةً له، ودفعاً لشرٍ، أو خطرٍ، أو سوءٍ، أو فقرٍ، أو ضنكٍ، أو شقاءٍ، عنه، يلحظ الاهتمام بذلك، هذه هي فطرته، هذه هي فطرته، وواقع حياته يشهد بذلك؛ إنما مشكلة الإنسان أنه يخطئ في كثيرٍ من الأمور: يرى فيها خيراً لنفسه، ويرى فيها أنها تقيه من أشياء كثيرة، أو شرور كثيرة، أو شقاء، فيتجه إليها، وقد يكون الكثير منها سبباً لشقائه، أو سبباً لهلاكه، أو سبباً لجلب الشر إليه.
ولذلك عندما نلحظ في واقعنا كأمةٍ مسلمة تنتمي للإيمان، فإنها من خلال إيمانها لها هذه الصلة بالله "سبحانه وتعالى"، صلة عظيمة جداً، تحظى من خلالها برعايةٍ من الله، رعاية في جانبٍ مهمٍ من شؤون الحياة: هو جانب الهداية من الله "سبحانه وتعالى"، أن تأتينا التعليمات من ربنا العظيم "سبحانه وتعالى"، التي يبين لنا ما يشكِّل خطورةً علينا، وما يشكِّل وقايةً لنا بالفعل.
وإذا تأملنا في: ما هي علاقة الصيام بالتقوى، وبما يقينا من كلما نحن مفطورون على الحرص بأن نقي أنفسنا منه، من الشقاء، والعذاب، والهوان، والخزي، فالمسألة تتضح لنا عندما نعرف مصدر الخطر علينا، أين هو مصدر الخطر علينا؟

في البداية علينا أن نتذكر أنَّ الله "سبحانه وتعالى" أنعم علينا كبشر بوجودنا في هذه الحياة، فوجود الإنسان منذ بدايته هو برحمةٍ من الله، وبفضلٍ من الله، وبنعمةٍ من الله "سبحانه وتعالى"، وهيَّأ الله لنا في وجودنا في هذه الحياة كل أسباب ولوازم الخير والاستقرار والاستقامة لحياتنا، هيَّأ لنا ما يكفل لنا الحياة الطيبة، وما يمكن من خلال ذلك أن نضمن لأنفسنا وأن نحقق لأنفسنا- بهداية الله، برحمته، بتوفيقه "جلَّ شأنه"- السعادة الأبدية في الآخرة أيضاً؛ لأن الإنسان هو مخلوقٌ لحياتين: للحياة الأولى، وللآخرة، وما الموت إلَّا فاصلٌ قصيرٌ ما بين الحياتين، وكلا هاتين الحياتين مترابطتان أو مترابطتين، هناك ارتباط كبير ما بين هذه الحياة الأولى بالنسبة للإنسان، والحياة الآخرة، فاستقامة الإنسان في هذه الحياة، هي لصلاح حياته الأولى، وهي أيضاً لصلاح حياته الآخرة، يمتد ذلك إلى صلاح حياته الآخرة الأبدية.
فالله "سبحانه وتعالى" أنعم علينا في هذه الحياة ابتداءً من خلقنا، هو "جلَّ شأنه" خلقنا، وأحيانا، ووهبنا هذا الوجود، وعندما خلقنا فهو خلقنا كما قال "جلَّ شأنه": {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: الآية4]، حتى في خَلقِنا، خَلَقَنا كبشر في أحسن تقويم، هذه نعمة وتكريمٌ في نفس الوقت، فالله "سبحانه وتعالى" أحاطنا برعايته، بنعمته، بفضله، وأيضاً بتكريمه.
هو "جلَّ شأنه" ذكَّرنا بعظيم نعمه علينا في كتابه الكريم، عندما قال "جلَّ شأنه": {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ}[البقرة: من الآية28]، يعني: هو الذي وهبنا هذه الحياة، هو الذي أحيانا وخلقنا، {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: 28-29]، نعمه علينا واسعة وعظيمة، كلما في هذه الأرض هو مسخَّرٌ لمصلحة الإنسان، ولحياة الإنسان، وله أثر إيجابي في حياة الإنسان، وعلاقة باحتياجاته المتنوعة والواسعة والمتعددة.
فالله "سبحانه وتعالى" هو ولي كلِّ هذه النعم، هو الذي أنعم بها علينا، هو "جلَّ شأنه" قال في كتابه الكريم: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان: من الآية20]، نعم كثيرة جداً، ونعم واسعة جداً، ونعم تدخل في كل شؤون حياة الإنسان واحتياجاته المتنوعة، هو "جلَّ شأنه" قال في كتابه الكريم: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[إبراهيم: من الآية34]، نعم الله واسعة جداً وكثيرة، إلى درجة أنه لا يمكن عدها ولا حصرها، إذا أتيت لتعمل عملية حصر لنعم الله؛ فلن تستطيع أن تحصيها، وأن تحصيها بأرقام معينة؛ لأنها واسعة جداً جداً جداً، فوق الحصر، وفوق إمكانية الإحصاء؛ لكثرتها وتنوعها، وهي واسعةٌ جداً جداً في كل محيط الإنسان على الأرض، وفي السماوات، وهي على نحوٍ عجيبٍ جداً، وفيها- بكلها- تكريمٌ لهذا الإنسان، ولهذا قال الله "سبحانه وتعالى": {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: الآية70]، مع كونها نعمة على الإنسان، هي نعمة بتكريم، بتكريم لهذا الإنسان، حتى عندما قال "جلَّ شأنه": {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، أن يهيئ الله للإنسان الوسائل التي يستخدمها لتنقلاته براً وبحراً، وفي المراحل هذه من الحياة جواً أيضاً، كلها جزءٌ من التكريم، نعم وتكريم للإنسان، وتكريمٌ في خلقه، وفي النعم عليه، وفي رزقه، {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}، رزق الله البشر من طيِّبات الرزق، ما خلقه لهم من رزق، هو كله في إطار الرزق الحلال من الطيبات، من الطيبات، كله طيبٌ في شكله، في مذاقه، في لونه، في أثره في حياة الإنسان، فيما يغطيه من احتياج لهذا الإنسان، على نحوٍ طيبٍ وراقٍ وعظيمٍ وسامٍ، وفيه كله تكريمٌ ورحمةٌ ونعمة.
ثم يقول: {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، فضَّلهم في النعم، فضَّلهم في الدور، في طبيعة دورهم في هذه الحياة، دور أساسي واستخلاف على الأرض، وفضَّلهم برعايته الواسعة، بهديه العظيم، فضَّلهم بما هيَّأ لهم أيضاً من الارتقاء في الكمال الإنساني، والكمال الإيماني، وعظيم المنزلة عند الله، تفضيل واسع على كثيرٍ ممن خلق من مخلوقاته الكثيرة جداً.
هكذا هو واقع الإنسان، وهكذا منذ بداية خلقه وإلى الآن يعيش في نعم الله "سبحانه وتعالى" في جوٍ من الرحمة والنعمة والتكريم، فالله "سبحانه وتعالى" هو مصدر الخير، والرحمة، والفضل، والتكريم، والإنسان هو عبدٌ لله "سبحانه وتعالى"، هو مخلوقٌ من مخلوقاته الكثيرة، وهو يعيش في عالم الله "سبحانه وتعالى"، في مملكته الكونية الكبرى، وهو لا يخرج عن إطار سلطان الله "سبحانه وتعالى" وملكوته؛

ولذلك وجوده في هذه الحياة بكل ما فيه من نعمةٍ ورحمة، وبكل ما يتعلق به من دورٍ ومسؤولية؛ لأن وجوده في إطار رحمة، ونعمة، وتكريم، وفي نفس الوقت يرتبط به دورٌ معين، ومسؤولية معينة في هذه الحياة، هو مستخلف في هذه الأرض، الله استخلف الأياالبشر في هذه الأرض، واستخلافهم يتعلق به مسؤولية واسعة، ومسؤولية مهمة، ومسؤولية كبيرة، ويفتقر دائماً في إطار هذه المسؤولية التي هو فيها، وفي إطار مسيرة حياته في هذه الأرض، وفي النعم التي هو فيها، يفتقر دائماً إلى توجيهات الله "سبحانه وتعالى"، وإلى تعليماته، ومنذ الوجود البشري وإلى اليوم أتى أيضاً جانبٌ آخر يرتبط بحياة الإنسان بشكلٍ أو بآخر.
هذا الإنسان في وجوده في الأرض، في إطار هذه المسؤولية الكبيرة، في إطار هذا التكريم الإلهي الكبير، في إطار هذه الرحمة الواسعة، والنعم السابغة، له عدوٌ (عدوٌ مبين)، يتواجد معه على كوكب الأرض، ويتجه بشكلٍ عدائيٍ جداً لاستهداف هذا الإنسان، لاستهداف هذا الإنسان، ولكن طريقته في الاستهداف لهذا الإنسان، هي طريقة تختلف عن طبيعة الصراع البشري (فيما بين البشر أنفسهم مثلاً)، الشيطان هو ذلك العدو المبين للإنسان، والشيطان يعتمد في عدائه لهذا الإنسان بشكلٍ أساسي على مدخل خطير من خلال الإنسان نفسه، وهي الرغبات، هذا المدخل يتمثل في الرغبات لدى هذا الإنسان، فيما تهواه نفسه، في شهواته ورغباته، ويحاول دائماً أن يقدِّم للإنسان فكرة خاطئة، وتصوراً غير صحيح، لكنه يلامس هذه الرغبة، يلامس رغبات هذا الإنسان، فيدفع بالإنسان من خلال ذلك إلى العصيان لله "سبحانه وتعالى"، إلى الانحراف عن تعليمات الله وتوجيهاته، التي لا يمكن للإنسان أن يتحقق له الخير إلَّا بالالتزام بها، والإتِّباع لها، والتمسك بها.
انحراف الإنسان عن تعليمات الله، عن هديه، يسبب له الشقاء، ويسبب له العذاب، ويسبب له الخزي، ويوقع به في الشر، فمصدر الخطر على الإنسان: هو انحرافه عن تعليمات الله وتوجيهاته؛ لأن الله "سبحانه وتعالى" عندما خلق الإنسان أنعم عليه بهذه النعم العظيمة، استخلفه في هذه الأرض، جعل له دوراً ومسؤوليةً معينة، وأتى بشكلٍ مستمر بتعليمات، وهداية، وتوجيهات، يلتزم بها الإنسان في إطار مسؤوليته هذه، في إطار دوره كمستخلفٍ في الأرض، يلتزم بتلك التعليمات، ويهتدي بذلك الهدى الذي يرشده إلى كيف يتعامل بشكلٍ صحيح في واقع حياته، كيف يتحرك بشكلٍ صحيح في مسيرة حياته، كيف يعمل في إطار هذا الدور وهذه المسؤولية، وفيما استخلفه الله فيه، كيف يتصرف، كيف يعمل، وهدى الله "سبحانه وتعالى" وتعليماته هي التي تضمن للإنسان الحياة الطيِّبة، وتستقيم بها حياته في الدنيا، وتضمن له وتكفل له الحياة السعيدة الأبدية في الآخرة.
ولذلك الشيطان- العدو المبين للإنسان- هو يدخل على الإنسان من خلال: رغباته، وأهوائه، وشهواته، فيحاول أن يضله: بأن يقدِّم له آمالاً خادعة، أن يستغل فيه الرغبات والشهوات لآمال وأماني مخادعة وكاذبة، وفي كثيرٍ من الأحوال وهمية، لا يمكن أن يصل إليها الإنسان، والبعض منها إذا وصل إليه الإنسان فهو على حساب ما هو أهم، ما يحقق له السعادة الحقيقية، ما يحقق له الحياة الطيِّبة، فتكون خسارته كبيرة.
فالله "سبحانه وتعالى" يبيِّن لنا، أننا في هذه الحياة، بمثل ما أحاطنا بنعمه، وبرعايته، وبتكريمه، وبرحمته، في موقع المسؤولية تجاه تصرفاتنا وأعمالنا، وأننا نحتاج إلى هدايةٍ منه، إلى كيف نعمل، وكيف نتصرف، كيف نؤدِّي مسؤولياتنا في هذه الحياة بشكلٍ صحيح، كيف نتصرف بشكلٍ صحيح، كيف نعمل بشكلٍ صحيح، فيما استخلفنا الله فيه، وإلَّا إذا انحرفنا عن ذلك؛ وقعنا فيما هو شر، فيما هو خطر، واستغل عدونا الشيطان ذلك، فأوقعنا فيما فيه هلاكنا، فيما فيه شقاؤنا، فيما فيه خسارتنا، فيما له التبعات والنتائج السيئة والسلبية علينا في شؤون حياتنا.
إضافةً إلى ذلك: أنَّ هناك الجزاء، هناك الجزاء، عندما ننحرف عن منهج الله، عن تعليماته، عن هديه، نحن ننحرف عما هو خيرٌ لنا، في نفس الوقت نوقع أنفسنا في المعصية، التي يترتب عليها- بشكلٍ حتمي- الجزاء والعقوبة، ما لم نتب ونرجع فوراً إلى الله "سبحانه وتعالى".
ولذلك ولأن أعمال الإنسان لها نتائج وآثار في واقع هذه الحياة تعود عليه هو، يقول الله "سبحانه وتعالى" في القرآن الكريم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: الآية41]، فما نعمله له نتائج: إما نتائج جيدة تعود لصالحنا، إن كان عملاً صالحاً، وفق توجيهات الله "سبحانه وتعالى" وتعليماته، وإما نتائج سيئة وخطرة، تعود علينا (على واقعنا)، هذا يأتي بالنسبة للإنسان كشخص في إطار حركته في الحياة، وكمجتمع، وكأمة في إطار تحركها الجماعي، مواقفها الجماعية، أعمالها الجماعية، مسؤولياتها الجماعية، إذا أخلت بها.
فهكذا نجد العلاقة ما بين الصيام والتقوى، لماذا؟ لأن الصيام هو وسيلة مساعدة لنا للسيطرة أولاً على أهوائنا، على رغباتنا، وضبط غرائزنا، التي يدخل الشيطان من خلالها لإثارتها فينا بما يستدرجنا به إلى الانحراف، إلى العصيان، هذه السيطرة على الرغبات والشهوات تساعدنا في مسألة الالتزام والانضباط بتوجيهات الله "سبحانه وتعالى"، وفق تعليمات الله "جلَّ شأنه"، هذه مسألة مهمة جداً، ونكتسب من خلال ذلك قوة العزم، قوة الإرادة، فنحن نحتاج إلى قوة العزم، إلى قوة الإرادة، إلى هذه السيطرة على الشهوات، على الرغبات، مقترنةً بتعليمات الله وتوجيهاته وهديه، ومن خلال ذلك نقي أنفسنا، نقي أنفسنا من الشرور، من العذاب، من الشقاء، الذي يسعى عدونا الشيطان لإيقاعنا فيه، من خلال استغلال رغباتنا وشهواتنا، ومن خلال تضليلنا بتقديم آمال وأماني مخادعة، وتضليلنا من خلال تصورات باطلة، يتخيل للإنسان أنه من خلالها يحقق لنفسه الحياة الطيبة والسعيدة، فهنا نحد العلاقة ما بين الصيام وما بين تحقيق التقوى.
في القرآن الكريم قصة مهمة جداً، هي قصة أبينا آدم "عليه السلام"، وهي تلخِّص لنا الأهمية الكبيرة لأن نمتلك العزم وقوة الإرادة، وأن نستحضر دائماً التعليمات الإلهية، والتوجيهات الإلهية، وأن نلتزم بها، وخطورة التفريط في ذلك، كيف يشكل ثغرةً خطيرةً ينفذ من خلالها الشيطان؛ للإضلال لنا، والإيقاع بنا فيما يسبب لنا الشقاء.
يقول الله "جلَّ شأنه" في القرآن الكريم: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: الآية115]، الله يخبرنا في هذه الآية المباركة أنه عهد إلى آدم، أخبره مسبقاً بما يحقق له الخير، والسعادة، والحياة الطيبة، وما يشكل خطورةً عليه، فيمكن أن يخرجه من تلك النعمة، ومن تلك الحياة الطيبة، وما عليه أن يلتزم به، وما عليه أن يحذر منه، وهذا هو هدى الله، هذا هو هدى الله، يخبرنا الله "سبحانه وتعالى" في هديه بما يحقق لنا الحياة الطيبة، ويبين لنا ما يشكل شراً وخطورةً علينا، وما فيه الخير لنا.
المشكلة لدى أبينا آدم "عليه السلام"، كما ذكرها الله "سبحانه وتعالى"، هي تتلخص في قوله "جلَّ شأنه": {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: من الآية115]، النسيان، لم يستحضر تلك التعليمات من الله "سبحانه وتعالى"، ذلك العهد الإلهي، الذي أكد الله عليه فيه، وبين له فيه، ما يمثل خيراً له، وما يشكل شراً وخطراً عليه.
{فَنَسِيَ} حالة النسيان، حالة الغفلة، قد تكون أحياناً عاملاً يساعد الشيطان على الإيقاع بالإنسان، أنه حتى فيما قد عرف، فيما قد وصل إليه من بيانٍ من الله "سبحانه وتعالى"، كذلك من هديٍ واضحٍ مؤكدٍ، وتعليمات واضحة ومؤكدة من الله، لكنه ينسى ذلك، يغفل عنه، تمتلئ ذهنيته، وتتجه به رغباته، إلى شيءٍ آخر.
{وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}: فقد العزم، وقوة الإرادة والسيطرة، والاهتمام اللازم، فأصبح في حالة فقد فيها قوة العزم والإرادة، أصبح ضعيفاً، يسهل الإيقاع به.
ثم تأتي التفاصيل لتبين ذلك، {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}[طه: 116-117]، ولاحظوا أن الله "سبحانه وتعالى" كرَّم آدم "عليه السلام"، كرمه، وهي تكرمه للإنسان بشكلٍ عام، من خلال أمر الملائكة بالسجود لآدم.
{فَسَجَدُوا}: الملائكة سجدوا تكريماً لهذا الإنسان، لهذا المخلوق.
{إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى}: إبليس امتنع أشد الامتناع من السجود، وعصى أمر الله "سبحانه وتعالى" بدافع الكبر، وامتلئ عداءً شديداً لآدم، وللإنسان، وللبشرية بشكلٍ عام.
الله "سبحانه وتعالى" وضح لآدم وبين له ما يشكله الشيطان من خطورة عليه، وعلى حياته الطيبة، على سعادته، وبين له ما يهدف إليه الشيطان، {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}، الشيطان عدوٌ مبينٌ لآدم "عليه السلام"، ولزوجه حواء، في نفس الوقت هو عدوٌ للإنسان بشكلٍ عام، للمجتمع البشري، لبني آدم، وهو يسعى إلى الإيقاع بالإنسان في الشقاء، يريد أن يشقى هذا الإنسان.
{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى}، في تلك الجنة التي أسكنه الله فيها، ليبدأ دوره في الاستخلاف في الأرض، {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}[طه: 118-119]، يعني: تتوفر لك كل متطلبات حياتك الأساسية: المواد الغذائية المتنوعة اللازمة؛ فلا تجوع، والملابس والكسوة الكافية؛ فلا تعرى، والماء والمشروبات التي تقيك من الظمأ، والرفاهية في الحياة التي تقيك من العناء الشديد في الكد وطلب المعيشة، {وَلَا تَضْحَى}، لا تحتاج إلى أن تتعب نفسك كثيراً في مشقة الشمس والكد والعناء.
الشيطان لا يريد أن يستقر آدم في حياة فيها هذا الاستقرار، فيها هذه المتطلبات المتوفرة، والاحتياجات المتوفرة له، التي تؤمن له رفاهيةً في حياته، فماذا عمل؟
{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ}، الشيطان يستخدم أسلوب الوسوسة؛ للإيقاع بالإنسان، مع أن الله ما يقدمه إلينا هو الهدى الواضح المؤكد البين، لاحظوا في مقابل {وَلَقَدْ عَهِدْنَا}؛ لأن (عَهِدْنَا) فيها توضيح مؤكد، وتبيين لا لبس فيه، وبطريقة واضحة جداً، وبطريقة كافية لدى الإنسان في أن تكون المسألة له في غاية الوضوح.
{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ}، الشيطان يستخدم أسلوب الوسوسة للإنسان، {قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}[طه: الآية120]، لاحظوا، الشيطان حاول أن يوقع بآدم "عليه السلام" وزوجه حواء في المعصية، من خلال ماذا؟ المدخل كان هو الرغبة، وهذه الرغبة تلخصت في قوله، عندما قال: {عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}، أتى بطموح كبير لآدم "عليه السلام"، قال: هذه الشجرة إذا أكلت منها تخلد، يعني: تبقى حياً ولا تموت، تبقى حياً للأبد، وتقيك من الموت نهائياً، لا تموت، إضافةً إلى ملكٍ متجددٍ دائمٍ، {وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} تتوفر لك فيه كل متطلبات حياتك، ولكن كملك، وليس فقط كمواطن عادي، كملك، {وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}.
{فَأَكَلَا مِنْهَا}، وهي تلك الشجرة التي كانت فقط محرمةً عليهم بين بقية ما قد أحله الله لهم في تلك الجنة، أحل الله لهم رغداً واسعاً، وعيشاً هنيئاً، وأحل كلما في الجنة لهم، شجرة واحدة فقط استثنيت، هذا هو الاختبار، هنا تقع المسؤولية على الإنسان في ضبط تصرفاته فيما استخلفه الله فيه، فيما هو حلال، وفيما هو حرام، وفيما علينا أن نعمل، وفيما علينا أن نترك، ولاحظوا يعني، هناك سعة، سعة كبيرة في الحلال، سعة كبيرة فيما هو خيرٌ للإنسان، تغنيه عمَّا هو محرمٌ عليه.
{فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا}[طه: 121-123]، فنلاحظ أن إبليس استخدم في إغوائه لأبينا آدم "عليه السلام" جانب الإضلال، يعني: قدم فكرة خاطئة، فكرة غير صحيحة أبداً عن تلك الشجرة، لقد قدم فكرة عن تلك الشجرة أن من أكل منها يخلد، يعني: يبقى حياً، فلا يموت، ويحظى بملكٍ لا يبلى، وهي فكرة لا أساس لها من الصحة، ولكنها تلامس رغبةً لدى الإنسان، لامست رغبةً لدى أبينا آدم، قابلها ماذا؟ قابلها نسيان وغفلة لتلك التعليمات من الله "سبحانه وتعالى"، وحتى غفلة عن ذلك التحذير من الشيطان نفسه، أنه عدو، لا ينبغي أن تصدق وساوسه، وأن يقبل منه الإنسان ما يقدمه؛ إنما هو تضليل، فلا يقبله منه.
فقابل هذا التضليل والإغراء والإغواء من إبليس، حالة من النسيان وانعدام العزم: السيطرة على الإرادة، الضبط للغرائز، السيطرة على الشهوات والرغبات، وهذه الحالة ساعدة على الوقوع في المعصية، والنتيجة ما كانت؟ النتيجة كانت هي الشقاء، هي الشقاء، خسر آدم كل تلك الحياة المرفهة، والحياة الطيبة في تلك الجنة، وخرج منها حتى بدون الملابس، لم يبق له حتى الملابس، أخذت عنه حتى ملابسه، وبدأ مشواره بعناء وكد، والله أراد له أن يبدأ مشواره بطريقة مريحة، مشواره في الاستخلاف على الأرض؛ لأنه خلق للاستخلاف على الأرض أصلاً.
وجود البشر على الأرض ليس عقوبة، لم يكونوا في جنة المأوى، في جنة الآخرة، ثم أخرجوا إلى الدنيا وإلى الأرض عقوبة، لا، وجود الإنسان على الأرض هو نعمة، هو تكريم، هو لدورٍ مهمٍ ودورٍ عظيم، هو في إطار حياةٍ أنعم الله فيها عليهم غاية النعم، نعم لا تحصى ولا تعد، ولكن الله أراد لأبينا آدم "عليه السلام" أن يبتدئ مشواره في الاستخلاف على الأرض في إطار حياةٍ مريحةٍ، وليس في إطار عناء من أول لحظة، لم يرد له أن يخلق، ثم يأخذ بالمعول ويبدأ يحرث، ويشتغل، ويتعب، من بعدما ينفخ فيه الروح، كد من أول لحظة، لا، أراد له أن يستقر في تلك الجنة، وهي جنة يستقر فيها، ويبدأ استقراره فيها حتى يأتي له ذرية، ثم يبدأ انتشاره في بقية الأرض، من واقع حياةٍ مريحة، ويبدأ بفترة مريحة، لا يبدأ من بعدما ينفخ فيه الروح، يذهب إلى الكد الشديد والعناء الكبير في هذه الحياة، لكنه خسر تلك الحياة المريحة، بفعل الإغواء من جانب إبليس، وإبليس استخدم ماذا؟ حالة الرغبات والتضليل.
إذاً نحن نحتاج إلى هداية من الله، تعليمات من الله "سبحانه وتعالى"، نستحضرها، ونحذر أن نغفل عنها، في كل مقام من مقامات الحياة، في كل مجال من مجالات الحياة، في كل ظرف من ظروف الحياة، أمام كل تحديات من تحديات الحياة، في مسيرة الحياة في كل مجالاتها، نحتاج إلى هذه التعليمات من الله "سبحانه وتعالى"، وأن نلتزم بها، وأن نستحضرها، وأن نذكر أنفسنا بها، ونحتاج إلى قوة العزم، إلى قوة الإرادة، للالتزام بها، وإلى ضبط غرائزنا وشهواتنا.
ولهذا في شهر رمضان المبارك، بصيامه، الصيام يحقق هذه النتيجة العملية، إذا ركزنا على الاستفادة من الصيام لتحقيقها، وهي: قوة الإرادة، والصبر، والتحمل، وضبط الغرائز، ونحتاج إلى هدى الله "سبحانه وتعالى"، وشهر رمضان كما قال الله عنه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: من الآية185]، فالقرآن الكريم هو هدى الله "سبحانه وتعالى"، بما فيه من الهداية الواسعة، والتعليمات المهمة، مع امتلاك هذه الإرادة، والعزم، والصبر، من خلال ذلك كله نستطيع أن نعيش في هذه الحياة بحياةٍ طيبة، بحياةٍ مستقرة، أن نقي أنفسنا من الكثير من الشرور، من العذاب في الدنيا، ومع ذلك العذاب في الآخرة، عذاب الله الأكبر في الحياة الأبدية الدائمة، التي هي ذات أهمية كبيرة جداً.
الإنسان كلما استوعب وأدرك، وآمن وأيقن، أن للمخالفات لتوجيهات الله، نتائج سيئة جداً عليه في حياته في الدنيا، وفي مستقبله في الأبدي في الآخرة، كلما وعى ذلك جيداً، وأيقن به واستحضره، وتذكره أنه يشكِّل ثغرةً للشيطان عليه؛ كلما ساعده ذلك على الاهتمام والالتزام بجديةٍ كبيرة، وبذلك يحقق لنفسه الوقاية من عذاب الله، الوقاية من الشقاء، الوقاية من الخسران المبين الرهيب.
نكتفي بهذا المقدار في محاضرة اليوم.
ونسأل الله "سبحانه وتعالى" أن يوفقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام، والقيام، وصالح الأعمال، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

نص المحاضرة الرمضانية 1442هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

نص المحاضرة الرمضانية الثالثة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1442هـ 

ُـعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.

اللهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.

اللهم اهدنا وتقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

أيُّها الإخوة الأعزاء

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ؛؛

في سياق الحديث عن العلاقة مع القرآن الكريم، وعن الصلة ما بين شهر رمضان المبارك والتقوى والقرآن الكريم، تحدَّثنا بالأمس بعضاً من الحديث، واليوم نستكمل، ولو أنَّ الحديث عن القرآن الكريم هو حديثٌ واسعٌ جداً، ويمكن أن يستغرق الكثير والكثير من المحاضرات والدروس، والإنسان عندما يقرأ في القرآن نفسه، هو يقرأ الكثير من آيات الله، التي تتحدث عن أهمية القرآن، وعن عظمة القرآن، وعن العلاقة مع القرآن الكريم.

مشكلتنا إلى حدٍ كبير كأمةٍ مسلمة في العالم الإسلامي بشكلٍ عام: أننا لا نستوعب بالقدر الكافي أهمية القرآن الكريم وعظمته، وكذلك لا نستوعب طبيعة العلاقة معه، كيف ينبغي أن تكون، ومشكلة العرب في المقدمة: أنهم لم يدركوا ولم يستوعبوا أهمية القرآن، وعظمة القرآن، والحاجة إلى القرآن، ونعمة الله الكبرى على عباده بالقرآن الكريم.

ولذلك الله “سبحانه وتعالى” أخبرنا في القرآن الكريم عن نبيه “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” في شكواه عندما قال: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}[الفرقان: الآية30]، إلى هذه الدرجة: حالة هجرٍ للقرآن، واتخاذه كمهجور، يعني: أكثر من مجرد الهجر، بل اتخاذه كمهجور، وكأنه مما ينبغي الإعراض عنه، ومما يفترض ألَّا يلتفت الإنسان إليه، وألَّا يهتم به، يتخذه مهجورا، فهو يعتبره قليل الأهمية، قليل الفائدة، أو حتى عديم الأهمية، وهذه حالة خطيرة جداً، أفقدت الكثير من الناس الاستفادة من هذه النعمة الكبرى، التي يتوقف على الاهتداء بها: النجاة، والفوز، والفلاح.

الله “سبحانه وتعالى” قال أيضاً مذكِّراً في القرآن الكريم: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[الأنبياء: الآية10]، القرآن فيه الذكر، ما يذكِّرنا بهدايةٍ كاملة إلى كل ما فيه الخير، والفلاح، والنجاة، والفوز، والعزة، والكرامة، والسعادة، والخير للناس في الدنيا والآخرة، وفيه الشرف الكبير أيضاً، الشرف الكبير لمن يهتدي به، تسمو به نفسه، يتحقق له به السمو، والمجد، والخير، والعزة، والكرامة، والشأن الرفيع في الدنيا وفي الآخرة.

ولذلك تعتبر خسارة كبيرة جداً عندما لا يهتدي الناس به، لا يعرفون عظمته، وقدره، وقيمته، فيعرضون عنه، ويبحثون- في أكثر الأمور- عن بدائل، سواءً- كما قلنا بالأمس- من خارج الساحة الإسلامية، أو من داخل الساحة الإسلامية، إنتاج بدائل، بدائل من الضلال، من الضياع، بدائل ليس لها أهمية كبيرة، بدائل لا يمكن أن تساوي القرآن الكريم في أشياء كثيرة.

عندما ندرك أهمية القرآن الكريم، ونعي كيف يجب أن تكون علاقتنا به من خلال هذا المفتاح المهم: استشعار عظمته، أهميته، قيمته، فائدته، ما يترتب على الاهتداء به، والتمسك به، والإتِّباع له، وأنَّ علينا أن نُقْبِل إلى تلاوته، إلى التدبر لآياته، إلى التثقف بثقافته، إلى أن نستبصر ببصائره، إلى أن نحمله وعياً، ومعرفةً، وفهماً، ومفاهيم نتحرك على أساسها في كل شؤون ومجالات هذه الحياة، هذه مسألة مهمة جداً.

 

الله “سبحانه وتعالى” قال في كتابه الكريم: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: الآية24]، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}، من الخطأ الكبير أن تكون علاقة الإنسان بالقرآن- في الحد الأقصى- علاقة تلاوة عادية، قراءة عادية، ومن دون تأمل، من دون تدبر، من دون استفادةٍ من هديه العظيم، هذه حالة خطيرة جداً.

الله “سبحانه وتعالى” أيضاً قال في آيةٍ أخرى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص: 29]، فنحن معنيون أن تكون علاقتنا بالقرآن الكريم علاقة تأمل، وتدبر، واهتداء، واستبصار، واستيعاب لما فيه من المفاهيم، لما فيه من النور، لما فيه من الإرشاد، لما يدُّلنا الله عليه في كل مجالات هذه الحياة ومختلف شؤونها، هذا هو المطلوب، لا أن تكون العلاقة- في الحد الأقصى- مجرد تلاوة، قراءة عادية، أو البعض يزيدون أكثر من ذلك في الاهتمام مثلاً بالتجويد، ويقفون عند هذا الحد، أو معرفة بعضٍ من المفردات.

يجب أن تكون علاقتنا بالقرآن من واقع حياتنا، من واقع حياتنا، في كل مجالات هذه الحياة، وفي المواقف والولاءات، والقرآن- كما قلنا بالأمس- هو يفصلنا كلياً عن التبعية للضالين، والمستكبرين، والكافرين، والمفسدين في الأرض، ويصلنا بالله “سبحانه وتعالى”، وهذا ما يحقق لنا الاستقلال التام كأمةٍ مسلمة.

من أكبر المشاكل التي تعيشها الأمة الإسلامية: أنَّ كثيراً من حكوماتها، وأنظمتها، ومن مكوناتها الفاعلة في الساحة، من أحزاب واتجاهات سياسية مختلفة، علاقتهم بالقرآن ضعيفة جداً، وعلاقتهم بأعداء الأمة الإسلامية من الكافرين، والضالين، والمفسدين في الأرض، والمستكبرين، علاقة تبعية، تبعية، يتَّبعونهم في كثيرٍ من الأمور، يرتبطون بهم في كثيرٍ من القضايا، يتصلون بهم في كثيرٍ من الشؤون (شؤون الحياة)، ويعتمدون على ما يأتي من عندهم من سياسات، وتوجيهات، ونظم، وخطط، ورؤى، وأفكار، وكما قلنا بالأمس: بإعجابٍ وانبهار، هذه قضية خطيرة على الأمة الإسلامية.

يجب أن يكون من أول ما ندركه ونعيه جيداً: أنَّ القرآن الكريم هو يصلنا بالله، ويصلنا بهديه، بتوجيهاته؛ وبالتالي برعايته، الله “سبحانه وتعالى” لم ينزل هذا القرآن ليكون مجرد توجيهات نعمل بها، توجيهات إيجابية وانتهى الأمر عند هذا الحد، لا، هو مع كتابه، هو مع كتابه، فعندما نتَّبع كتابه، هذه هي صلة برعاية الله الواسعة، بنصره، بتأييده، بالبركات من عنده، بالتوفيق، بالهداية في كل مجالات الحياة، بالرعاية الواسعة الشاملة في الدنيا، وبعد الدنيا، وفي الآخرة: الجنة، ورضوان الله “سبحانه وتعالى”، والسلامة من عذاب الله “جلَّ شأنه”.

أما بالإعراض عن هديه، وبالإتِّباع لبدائل من عند الآخرين، فالنتيجة خطيرة جداً في الدنيا وفي الآخرة، هذه المسألة إذا حُسمت في الساحة الإسلامية يترتب عليها إيجابيات كبيرة جداً، يترتب عليها تقبّل لما يأتي من هدى الله “سبحانه وتعالى”.

الآن لا يزال الكثيرون من أبناء أمتنا- وحتى في أوساط شعبنا- لا يزالون بعيدين عن حالة التقبل لما يأتي من القرآن، من هدى الله “سبحانه وتعالى”، عندما تقدَّم لهم رؤية واضحة من هدى الله، من كتابه المبارك، في أي مجال من المجالات، في أي موضوع من المواضيع، يفترض أن يكون ذلك كافياً، وأن يكون هو المطلوب ابتداءً، أن يكون ما نعتمد عليه في أمور حياتنا هو هدى الله، ولكنهم لا يزالون بعيدين، وغير متقبلين، بل البعض ينزعج من مثل هذا الكلام، ويتبنى مواقف معاكسة، واتجاهات مختلفة.

ويتجه- في نهاية المطاف- ليتصدى لأي عمل، لأي تحرك ينطلق على أساس الإتِّباع للقرآن الكريم، والاهتداء بالقرآن الكريم، وهي حالة الإعراض، حالة الإعراض التي حذَّر الله منها، وتوعَّد عليها، وقرأنا بالأمس عنها، عن خطورة الإعراض عن القرآن الكريم، وأيضاً قرأنا من مثل قول الله “سبحانه وتعالى” في مناسبات متعددة: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}[السجدة: الآية22].

الإعراض: عندما يأتي التذكير بآيات الله “سبحانه وتعالى”، ويقدَّم ما فيها من هدى في أي موضوع من المواضيع، في أي قضيةٍ من القضايا، في أي مجالٍ من المجالات؛ لأنها للحياة، لأنها نورٌ لنا في هذه الحياة، في كل مجالات هذه الحياة، فعندما يأتي التذكير بآيات ربنا “سبحانه وتعالى”، وفيه ما يبين موقفاً محدداً، أو توجهاً محدداً، رؤيةً محددة، أوامر معينة، فالشيء الصحيح الذي ينسجم مع انتمائنا للإسلام: أن نقبل، وأن يكون هذا هو الذي نريده، وليس أن نعرض، وأن نبحث عن بدائل أخرى، وأن نتجه لتشويه ما يقدَّم من رؤى، لتشويه ما يقدَّم من أوامر، من توجيهات، أتت من خلال كتاب الله “سبحانه وتعالى”.

هناك أيضاً نصٌ مهمٌ عن الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، يبين لنا الحاجة الماسة إلى القرآن الكريم، والأهمية الكبيرة للقرآن الكريم، سيما والأمة ستواجه حتى في واقعها الداخلي الكثير من الفتن، فتن قال عنها النبي “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” في أحد النصوص المروية عنه: كقطع الليل المظلم، تُلَبِّس على الكثير من أبناء الأمة، تشتبه عليهم الأمور إلى حدٍ كبير، يلتبس عليهم- بسبب تلك الفتن- الحق من الباطل؛ لأنها تأتي العناوين من الجميع، يأتي العمل حتى لخدمة الباطل تحت عنوان الحق، يأتي العمل لإضلال الناس حتى تحت عناوين دينية، من شخصيات قد تكون منظورٌ إليها بأنها شخصيات دينية، فعند الفتن يحتاج الناس إلى نور، إلى هدى ينقذهم من الفتن.

عن أمير المؤمنين عليٍّ “عليه السلام” قال: قال رسول الله “صلى الله عليه وآله”: (ألا إنها ستكون فتنة)، هذا إعلان، إعلان عام، (ألا إنها ستكون فتنة)، وهو “صلى الله عليه وعلى آله وسلم” يتحدث عن مستقبل الأمة، وهذا أمر مؤسف جداً، أمر مؤسف، هذه الأمة التي أنعم الله عليها بالقرآن والرسول “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، وقدَّم الله إليها الهداية الكاملة الكافية، مستقبلها ستعاني فيه من الفتن، الفتن، وخطورة الفتن: الضلال، أنها تُضِل الكثير من الناس، ويَضِل بها الكثير من الناس، وتشتبه الأمور فيها على كثيرٍ من الناس.

(ألا إنها ستكون فتنة)، هذا الإعلان من النبي “صلوات الله عليه وعلى آله” فيه إنذار، فيه تحذير للأمة؛ حتى تكون متنبِّهه، الإمام عليٌّ “عليه السلام” بين الحاضرين، هو عنده اهتمام بالنقطة المهمة: ما دام وأنه سيكون هناك فتن في مستقبل الأمة، فالذي يجب أن نركِّز عليه هو: ما الذي ينقذ من هذه الفتن؟ ما هو المخرج من هذه الفتن؟ ما الذي يقي ويحمي من ضلال الفتن، ومن مضلات الفتن؟

فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ هذا السؤال مهم جداً، سؤال مهم جداً، هو يفيد اهتمام الإمام علي “عليه السلام” بما فيه انقاذ الأمة، بما فيه حماية الأمة من الوقوع في ضلال الفتن ومضلات الفتن، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: (كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحَكَمُ ما بينكم).

كتاب الله هو المخرج، هو الذي يمكن أن يقي الإنسان من مضلات الفتن، ومن الالتباس عند الفتن، ومن الاشتباه للأمور عند الفتن، لماذا؟ لأن القرآن فيه كل هذه المواصفات التي ستأتي:

أولها قال: (فيه نبأ ما قبلكم)، القرآن يخبرنا عن الأمم الماضية، وبطريقة فيها الكثير من الدروس والعبر المهمة، التي تصنع لدى الإنسان الوعي، والبصيرة، والفهم الصحيح، والإدراك للسنن الإلهية، والمعرفة عن الاختلاف في الواقع البشري، وعن الأساليب التي تأتي من كل فئات الضلال، هذا بحد ذاته- نبأ الذي قبلنا من الأخبار، أخبار الأمم المتقدمة والسالفة، وأخبار الأنبياء وأممهم- فيه دروس كثيرة ومهمة جداً تجاه الفتن، تفيد الإنسان تجاه الفتن.

يلحظ من خلال ذلك تقييماً شاملاً لكل المراحل المهمة البارزة، التي قدِّمت عنها نماذج مهمة في القرآن الكريم، ودروس وعبر كافية في أن يكون لدى الإنسان الوعي العالي جداً، والبصيرة الكبيرة، والفهم العميق الصحيح، فيكون هذا- بحد ذاته- الوعي من خلال النماذج التي قدَّمها القرآن الكريم عمَّا قبلنا من الأمم والأجيال والأحداث، يكون هذا- بحد ذاته- عاملاً مهماً في أن يكون لدى الإنسان بصيرة وفرقان وفهم صحيح؛ فيبتعد عن حالة الالتباس، التي يعيشها الكثير من الناس.

(فيه نبأ ما قبلكم)، والذي هذا النبأ، هذا الخبر من الأمم الماضية، متضمناً الدروس والعبر الكافية والمهمة جداً، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[يوسف: من الآية111].

(وخبر ما بعدكم)، خبر ما سيأتي، كيف ذلك؟ هل عن طريق السرد الإخباري، على شبيه ما يأتي في بعض الملاحم: [سيأتي في عام كذا، أو آخر الزمان حدث كذا وكذا، ويأتي كذا، ويفعل البعض كذا]؟ لا، ليس عن طريق السرد الإخباري، في القرآن الكريم بعض الأخبار عمَّا يأتي في آخر الزمان، كمثل ما حكاه عن يأجوج ومأجوج وغير ذلك، ولكن المقصود هنا ليس السرد الإخباري، هو يخبرنا في القرآن الكريم: عن الأعمال وعن نتائجها، وعن الأسباب وعن نتائجها، وعن السنن التي رسمها الله في واقع هذه الحياة في أعمال الناس ونتائجها، وهذه طريقة مهمة جداً جداً، فيستطيع الإنسان أن يعرف من خلال سلوك معين، من خلال تصرفات معينة، مسيرة عملية معينة، لأمة، لقوم، لشخص، لمجتمع، أنَّ نتائجها الحتمية هي بالتحديد كذا وكذا، نتائج جيدة، أو نتائج سيئة.

عوامل تصل بالأمة إلى حالة الانهيار، عوامل تسمو بالأمة، وترتفع بالأمة، أسباب للعزة، للفلاح، للنجاح، وللنهضة، أسباب للسقوط والانهيار، وهذا هو مهم، هذا من أهم ما تحتاج إليه الأمة، من أهم ما نحتاج إلى الوعي عنه، أن نعي الاتجاهات الخطيرة، وأين مآلاتها، وأين يمكن أن تصل بالأمة، والاتجاهات الصحيحة، وكيف هي نتائجها، وكيف يمكن أن ترتقي بالأمة، فيصبح هناك أيضاً تقييم من خلال الواقع العملي، من خلال نتائج الأشياء، تقييم حتى للتوجهات الصحيحة، للأفكار الصحيحة، للمواقف الصحيحة، بقياس آثارها ونتائجها في واقع الحياة، وهذا مما يغيب عن أي طرحٍ آخر خارج القرآن الكريم، عن أي أطروحات، أفكار، ثقافات، مفاهيم، مقروءات وعلوم تقدم من خارج القرآن الكريم، هي لا تعطي ما يعطيه القرآن الكريم فيما يتعلق بهذا الأمر.

الآن من خلال القرآن الكريم تستطيع حتى أن تقيم فكرة معينة، أو حتى عقيدة معينة، أو مقولة معينة قدمت باسم الدين، عندما طُبِّقَت كيف كانت نتائجها، كيف كان آثرها في واقع الحياة، هل سلباً، أم إيجاباً، جيداً، أم سيئاً، وهكذا مما يفيده القرآن فيصنع الوعي تجاه الفتن، والفتن يترتب عليها نتائج كبيرة جداً، لها مخرجات كثيرة، الفتن يبتني عليها عقائد، الفتن يبتني عليها: أفكار، وثقافات، ومفاهيم، الفتن ينتج عنها: توجهات، وولاءات، ومواقف، فالقرآن الكريم هو الذي يقيس من خلال ما يربطنا به في واقع الحياة، ويكشفه لنا من النتائج في واقع الحياة، يقيس لنا الأمور الصحيحة، والتوجهات الصحيحة، والمواقف الصحيحة، والعقائد الصحيحة، والمفاهيم الصحيحة.

(وحكم ما بينكم)، في القرآن ما يحكم، ما يفصل، عند الاختلاف، الاختلاف في كل الأمور، في كل المسائل، الأمور العقائدية، المفاهيم الدينية، المفاهيم العامة، يأتي القرآن الكريم ليقدم الحق، ويقدم لنا ما هو صحيح في المسألة، فيكون فصلاً، لكن يحتاج هذا إلى الرجوع إليه.

(هو الفصل، ليس بالهزل)، القرآن ما يقدمه هو فصل، وأمور جادة، ومؤكدة، ويجب أن نتعامل معه بجدية، لا نتعامل معه بالهزل، فما فيه هو حقائق فاصلة، ليس فيه أي هزلٍ.

(من تركه من جبارٍ قصمه الله)، من تركه، النتيجة أن يقصمه الله حتى لو كان جباراً، بإعراضه عن القرآن، وابتعاده عن القرآن، وإن كان ينتمي للإسلام وهو جبارٌ مُعرِضٌ متكبرٌ، ويرى أنه في غنىً عن القرآن الكريم، وعن هديه، عن تعليمات الله فيه، في النهاية يقصمه الله ويخسر.

(ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله)، وهذا نص مهم جداً، (ومن ابتغى الهدى)، إنسان يريد الهدى، ويطلب الهدى، ويسعى للحصول على الهدى، ولكنه لا يريد أن يعتمد على القرآن الكريم في ذلك، قد تكون عنده نظرة خاطئة تجاه القرآن يستنقص القرآن يعجب بكتب أخرى، بمصادر أخرى، ويرى أن فيها الهداية الكافية، ويكون تعامله مع القرآن الكريم إما تعاملاً ثانوياً هامشياً، أو بالإعراض التام، النتيجة: أن يضل، وأن يضله الله، فلا يهتدي أبداً، حتى وهو حريصٌ على الهدى، لكنه لم يأت للهدى من قناته الصحيحة، من القرآن الكريم.

(وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم)، هو حبل الله الذي إن تمسكنا به أنقذنا الله بذلك، وارتفع بنا من وحل الضلال، من وحل الشقاء، من الحضيض الذي يسقط إليه الناس عندما يبتعدون عن القرآن الكريم، فهو الحبل الذي دلاه الله لنا لينقذنا به، وليرفعنا به من وحل الضلال والشقاء والخسران والعياذ بالله.

(المتين): الذي لا ينقطع، لا ينفصل، موثّق وقوي، (وهو الذكر الحكيم)، فقوله: (حبل الله)، هو يصلنا بالله “سبحانه وتعالى”، يصلنا بالله، إذا أردنا أن ينقذنا الله من دون أن نستمسك بحبله هذا، لن نحصل على الإنقاذ؛ لأنه قد قدم لنا وسيلة الإنقاذ إلينا، والخلاص لنا، فإذا لم نأخذ بها، لا ننجو.

(وهو الذكر الحكيم)، كل ما فيه حكمة، ويهدي إلى ما هو حكمة، إلى المواقف الحكيمة، الرؤى الحكيمة، الأعمال الحكيمة، الأقوال الحكيمة…إلخ.

(وهو الصراط المستقيم)، الذي إن سرنا على ضوء هديه، يصل بنا إلى الغايات العظيمة، والتي من آخرها وأهمها: رضى الله، والجنة، والسلامة من عذاب الله.

(هو الذي لا تزيغ به الأهواء)، مهما أتى الآخرون من ذوي الأهواء ليتقولوا عليه، وليقولوا عنه ما ليس فيه، من مفاهيم باسم تفسير خاطئ، أو باسم كذلك حديث خاطئ، ليس صحيحاً، يحسب على أنه معنى لآية، أو مفهوم لنصٍ قرآنيٍ معين، فمهما أتى هذا التلبيس، وأتى في واقع الأمة بشكل كبير، لكن القرآن يبقى في أصله سليماً، وعند العودة إليه من خلال قرنائه، يتضح لنا بطلان كل ما حُسِبَ عليه من تفاسير غير صحيحة، أو مفاهيم غير صحيحة، يبقى أصله سليماً.

(ولا تلتبس به الألسن): المتقولون الكثيرون، الذين يخدمون الباطل، ويفترون على الله الكذب، وكذلك هو الحال، كمثل ما قال: (لا تزيغ به الأهواء)، (لا تلتبس): يبقى القرآن في أصله سليماً لمن عاد إليه، وعندما يقدم من خلال قرنائه، تتضح الحقائق التي تعبر عن مفاهيمه الصحيحة.

(ولا يشبع منه العلماء)؛ لأنه بحرٌ من العلوم، والمعارف، والمفاهيم، لا يمكن أن ينفد، ولا أن ينضب معينه، ولا أن يدرك قعره، ولا أن يستكمل الإنسان كل ما فيه من المفاهيم والهدى، الله قال: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}[لقمان: من الآية27]، حتى لو أصبح الإنسان عالماً كبيراً، لا يمكن أن يكون قد استكمل القرآن، وفرغ من كل ما فيه من الهدى، وأحاط بكل ما فيه من المعارف، لا يصل إلى ذلك أبداً، ولا يزال بحاجة إلى المزيد والمزيد، ولا يزال عطاء القرآن واسعاً جداً جداً، هذه النظرة غابت.

غابت حتى عند الكثير ممن هم يتحركون باسم علماء، أو باسم طلاب علم، لم تعد نظرتهم إلى القرآن الكريم هذه النظرة، وجعلوه هناك على جنب، مهمشاً إلى حدٍ كبير، واستغنوا عنه بأشياء أخرى لا تغنيهم، لا تفيدهم، وأعطوها كل الجهد، وكل الاهتمام، وكل الوقت، واستغرقت منهم كل اهتمامهم، وكل جهدهم، وكل جدهم، وكل عنايتهم، مع تعظيمٍ لها يكاد يكون أكثر من تعظيم القرآن الكريم.

(ولا يخلق على كثرة الرد): لا يبلى، لا يبلى، كلما عاد الإنسان إليه، كلما تأمل فيه، كلما استزاد منه، من معارفه، من هديه، من نوره، لا يبلى، يتجدد عطاؤه بشكلٍ مستمر، ويواكب كل الأحداث، كل الأزمنة، كل المتغيرات، كل الظروف، فيعطي المزيد والمزيد والمزيد، وهكذا.

(ولا تنقضي عجائبه)، عطاؤه فيما يعطي من هدى، ونور، وحكم، ومعارف، كلها عجيبة، كلها ثمينة، كلها ذات أهمية، لا تقول أنه: لم يعد يعطي إلا حثل، وإلا معارف عادية، أو نفدت منه الحكم العجيبة، الهدى العظيم، الدلالة العجيبة جداً، المعارف العجيبة، لا، بشكل مستمر، عطاؤه عطاء نفيس وعظيم ومتميز.

(هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ}[الجن: 1-2])، هؤلاء الجن الذين عندما سمعوه قالوا هذا القول، هم أدركوا أهمية القرآن وعظمته، فقالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}، عرفوا أنه ليس كتاباً عادياً، وليس شيئاً عادياً، هو شيء عظيم، شيء عجيب ومتميز، {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ}، عرفوا وظيفة القرآن الأساسية، وهي الهداية إلى الرشد.

(من قال به صدق، ومن عمل به أُجِر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه فقد هدى إلى صراطٍ مستقيم): عندما تتحرك على أساس القرآن، عندما تكون مسيرتك قرآنية، تقول به، تركز على أن تقدم هديه للناس، وأن تتحدث من خلال آياته ومعارفه، تقدمها إلى الناس، فأنت تصدق؛ لأن كل ما فيه صدق، هذا يبعدك عن تقديم مفاهيم خاطئة، وأفكار خاطئة، وروايات غير صحيحة، ومقولات غير صحيحة، من أقوال الناس، فالتركيز على القرآن الكريم، والتمحور حول القرآن الكريم، فيما يقدم إلى الناس، لتعريفهم بالدين، لتوعيتهم، لتبصيرهم، يجعل الإنسان يقدم حقائق.

(ومن عمل به أُجِر): عندما تعمل به فيما يدعو إليه، فيما يوجه الله فيه إليه، تحصل على أجرك من الله “سبحانه وتعالى” في الدنيا والآخرة، لذلك ثمرة عظيمة في عاجل الدنيا وفي آجل الآخرة.

(ومن حكم به عدل): عندما تحكم به فأنت تعدل وتقيم القسط؛ لأن مضمونه وما فيه مما يفصل بين الناس في كل اختلافاتهم هو العدل.

(ومن دعا إليه): دعا إلى القرآن، إلى اتباعه، إلى الاهتداء به، إلى التثقف بثقافته، إلى إعطائه أولوية على ما سواه مما يقدم باسم كتب، أو ثقافات، أو مفاهيم، إلى أن يكون هو المعيار الفاصل الحاسم، تجاه مختلف الثقافات والمقولات.

(فقد هدى إلى صراطٍ مستقيم): إلى الاتباع له، إلى التمسك به، إلى الالتزام به، (فقد هدى إلى صراطٍ مستقيم): لم يغش الناس، وقدم ما فيه هداية إلى الصراط المستقيم، الموصل إلى الغايات الكبرى والعظيمة.

هذا النص النبوي فيه ما يكفي ويفي أيضاً، إلى جانب الآيات القرآنية العظيمة، التي تحدثت لنا عن القرآن وعظمته، ليكون دافعاً لنا إلى أن نلتفت بكل جدية إلى الاهتمام بالقرآن الكريم، وإلى أن نؤمن به إيماناً متكاملاً، وأن نتحرك على أساس الاستجابة الكاملة، في مواقفنا، في ولاءاتنا، في حركتنا في هذه الحياة، في كل مجالاتها؛ حتى لا ندخل في محذور الإيمان ببعض والكفر ببعض، هذه حالة خطيرة جداً، عندما نقبل بعضاً من القرآن على المستوى العملي، ونرفض البعض الآخر على المستوى العملي، هذه الحالة الخطيرة التي حذر الله منها في قوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ}[البقرة: من الآية85]، نعوذ بالله، تحذير ووعيد شديد.

نكتفي بهذا المقدار.

ونسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يتقبل منا ومنكم الصيام، والقيام، وصالح الأعمال، ونسأله “جلَّ شأنه” أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.

والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ؛؛

فيديو المحاضرة الرمضانية الثالثة

الخميس، 15 أبريل 2021

نص المحاضرة الرمضانية الثانية 1442هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

نص المحاضرة الرمضانية الثانية للسيد عبدالملك الحوثي 1442 هجرية

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.

أيُّها الإخوة الأعزاء

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

وتقبَّل الله منا ومنكم الصيام، والقيام، وصالح الأعمال.

اللهم اهدنا، وتقبل منا، إنك أنت السميع العليم، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.
نواصل الحديث على ضوء الآية المباركة فيما يتعلق بالتقوى وعلاقتها بالصيام، ونأتي إلى موضوعٍ مهم، له علاقة أساسية بالصيام، وعلاقة أساسية بالتقوى، الله “سبحانه وتعالى” قال في كتابه الكريم عن شهره المبارك (شهر رمضان): {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: من الآية185]، شهر رمضان المبارك فيه أنزل الله كتابه العظيم: القرآن الكريم، في ليلة القدر منه ابتدأ نزول القرآن الكريم.
القرآن الكريم هو نعمة الله العظيمة على عباده، هو هديه، هو نوره لعباده، ونزوله في شهر رمضان المبارك، ثم أن يفرض الله “سبحانه وتعالى” صيام هذا الشهر، وأن يجعل هذا الشهر محطةً تربويةً عظيمةً، ومحطةً للتزود بالتقوى، ومحطةً للتزود بالهداية، يدل على عظم هذه النعمة، أنها نعمةٌ عظيمة، ولذلك كان شهر نزولها شهراً مباركاً، عظيم البركات، وواسع الخيرات، ومناسبةً مقدَّسة، وكذلك يدل على عظمة القرآن كذلك، أن يكون الوقت الذي ينزل فيه له خصوصية عن بقية الأوقات، سواءً على مستوى الليلة التي ابتدأ نزوله فيها، وهي ليلة القدر، أو على مستوى الشهر الذي هذه الليلة هي ليلةٌ منه، وهو شهر رمضان المبارك.
تبين لنا في حديث الأمس العلاقة ما بين الصيام في شهر رمضان والتقوى عند من يستشعر هذه العلاقة، يستوعبها ويدركها جيداً، ويسعى إلى تحقيقها، ويستشعر التجلد والصبر، ويكتسب قوة العزم والإرادة، فيصبح عنده الدافع القوي، والإرادة القوية، والعزم القوي، للعمل بما فيه وقاية له من العذاب، من الشقاء، من الخزي، من الهوان، من الخسران الكبير، والخسران المبين.

ما الذي نحتاجه لكي تتحقق لنا التقوى؟

وهنا نأتي إلى جانبٍ أساسيٍّ لتحقيق التقوى، إذا كنا سنكتسب من الصيام، ومن خلال استشعارنا لذلك، لهذه النقطة: لما هو عطاءٌ مهمٌ من عطائه، نكتسب منه قوة الإرادة، وقوة العزم، نروِّض أنفسنا على الصبر وعلى التحمل، نضبط غرائزنا، نسيطر على رغباتنا وأهوائنا وشهواتنا، فنحن حتى تتحقق لنا التقوى بحاجة إلى الهداية الإلهية، إلى ما الذي نعمله، ما الذي نلتزم به، ما الذي نتركه، ما الذي نحتاج إليه من الوعي، والبصيرة، والمفاهيم المهمة، والأسس، التي نبني عليها مسيرة حياتنا، فيما نعمل، وفيما نترك، في مواقفنا، في التزاماتنا العملية، هذه مسألة أساسية؛ لأنه لا يكفينا أن نكتسب قوة العزم والإرادة والصبر والتجلد والتحمل، ثم نتحرك مثلاً بطريقةٍ خاطئة، أو نوظِّف قوة عزمنا، ونسخِّر طاقتنا وقدرتنا وصبرنا وتحملنا في فعل ما هو خطأ، في تصرفٍ خاطئ، هنا لن تتحقق لنا الوقاية، لا بدَّ من أن نهتدي بالطريقة الصحيحة، للعمل الصحيح، للموقف الصحيح، الذي تتحقق لنا به تلك الغايات الكبرى، التي وعد الله بها عباده المتقين.
هناك وعود وعد الله بها عباده المتقين، فيها:

أنهم سيقون أنفسهم بما سلكوه من أسباب التقوى، فيما عملوه مما يحقق التقوى، بما التزموا به فيما فعلوا وفيما تركوا مما يحقق التقوى، يقون أنفسهم بذلك من عذاب الله، من جهنم، من المصير الأبدي المخزي المهين، الذي هو أكبر خسران.

أنهم سيقون أنفسهم في هذه الدنيا من الذلة والهوان.

أنهم سيحظون في هذه الحياة برعايةٍ من الله “سبحانه وتعالى”، ومن عزته، ومن تأييده، ومن نصره، ومن توفيقه، ومن ألطافه.

وأنه سيحيطهم برحمته الواسعة.

أنه ستتحقق لهم الكثير من المكاسب المهمة في أنفسهم، فيما يَسمُون به، فيما تتحقق لهم من كمالاتٍ إنسانية، وأيضاً على مستوى واقع حياتهم، في شؤون حياتهم.

فلتحقيق التقوى لا بدَّ من الهداية الإلهية، من البرنامج العملي الذي نتحرك فيه بشكلٍ صحيح، من الهداية إلى الأعمال التي تتحقق بها تلك النتائج العظيمة التي نرجوها لأنفسنا، فنزول القرآن الكريم، ووظيفته الأساسية، ودوره الأساسي الذي أراده الله لعباده في علاقتهم منه، هو الهداية، فقال “جلَّ شأنه”: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.
فعندما نتأمل في هذه الآية المباركة، وندرك علاقة الصيام والقرآن في تحقيق التقوى، ندرك أننا نسعى لأن نمتلك العزم، وقوة الإرادة، والصبر، والتجلد، والسيطرة على شهواتنا ورغباتنا وأهوائنا، من أجل أن نتَّبع هذا القرآن، من أجل أن نهتدي به، من أجل أن ننفِّذ ما فيه من أوامر الله “سبحانه وتعالى”، من أجل أن ننتهي عمَّا نهانا الله فيه، ونستفيد من الصيام فيما يتعلق بتزكية النفس، وصفاء النفس، الصفاء النفسي والوجداني، ونقاء المشاعر، الذي يساعدنا على الاستقبال لهذا الهدى، والاستيعاب له، والفهم له بشكلٍ أفضل.
الصيام من حيث هو قربة إلى الله “سبحانه وتعالى”، لمن يستشعر هذه القربة، ويتقدم في أعماله بكلها إلى الله “سبحانه وتعالى”، وينوي بذلك القربة إلى الله “جلَّ شأنه”، ومن حيث بركة هذا الصيام كقربة، عندما تمارسه كقربة، بركته وأثره النفسي والوجداني في تصفية المشاعر والنفسية، في تخليص الإنسان من كثيرٍ من الكدر، حتى عملية الامتناع عن الشهوات والرغبات في الصيام، والسيطرة على النفس في ذلك، والشعور بأنَّ هذا من أجل الله “سبحانه وتعالى”، وابتغاء مرضاته، له أثر في الجانب الروحي للإنسان، يستشعر القرب من الله “سبحانه وتعالى” أكثر، هذا له أثر في تهيئة الإنسان لحسن استقبال القرآن الكريم، هدايته المباركة، مفاهيمه العظيمة، نوره المبارك.

القرآن الكريم النعمة العظمى.. كيف تكون علاقتنا به؟

عندما نعود إلى الآية المباركة لندرك أهمية هذه النعمة العظيمة، التي هي نعمة القرآن الكريم ككتاب هداية، وكيف يجب أن تكون علاقتنا من واقع حياتنا به.
الله “جلَّ شأنه” قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، مما ينبغي أن نستذكره، وأن نستحضره دائماً: هو أنَّ هذا القرآن هو كتاب الله، ومن الله “سبحانه وتعالى”، هو كلماته هو، آياته “جلَّ شأنه”، من نوره، لم يوكل عملية تأليف هذا الكتاب وإنشاء هذا الكتاب إلى أحدٍ من خلقه، لا من ملائكته المقربين، ولا من أنبيائه المرسلين، فليس نتاجاً لمخلوقٍ من مخلوقات الله في أي مستوى من المستويات، لا، هو من الله “جلَّ شأنه”، وهذا يدلنا على أهمية هذا الكتاب العظيم، على عظمته؛ لأنه من الله “سبحانه وتعالى”، أنزله إلينا هدايةً لنا، وهو من علمه، برحمته، ومن منطلق رحمته بنا، هو “جلَّ شأنه” قال عنه: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت: الآية2]، فكلما في هذا الكتاب من هداية، من توجيهات، من أوامر، هو من منطلق رحمة الله بنا، ليس فيه شيءٌ من هدايته، أو ما فيه من الأوامر والتوجيهات، خارجٌ عن إطار رحمة الله “سبحانه وتعالى”، ونحن في أمسِّ الحاجة إلى رحمة الله “سبحانه وتعالى”، ولكن نحصل على هذه الرحمة، نصل إلى هذه الرحمة، تتحقق لنا هذه الرحمة، نتلمس آثار هذه الرحمة في  واقع حياتنا، من خلال اهتدائنا بهذا الكتاب، من خلال اتِّباعنا لهذا الكتاب، من خلال تمسكنا بهذا الكتاب، وهذه هي المشكلة التي نعاني منها حتى في واقعنا كأمةٍ مسلمة: النقص الكبير في اتِّباع القرآن الكريم، والنقص الكبير في الاهتداء به، ترك في واقع حياتنا ثغراتٍ كبيرة، وآثاراً كبيرة، ونقصاً كبيراً، وابتعاداً كبيراً عن أسباب رحمة الله “سبحانه وتعالى”، فكان لذلك آثار سيئة في واقع حياتنا، ونحن كأمةٍ إسلامية من نجني على أنفسنا عندما نترك شيئاً من القرآن، عندما لا نهتدي بالقرآن في أشياء مهمة جدًّا في شؤون حياتنا، وفي مجالات ذات أهمية كبيرة في حياتنا، نخسر من رحمة الله “سبحانه وتعالى”، الرحمة التي تتجسد بتلك التوجيهات الرحيمة، والرحمة التي تأتي إضافةً إلى ذلك من خلال الرعاية الإلهية الواسعة، التي تأتي نتيجةً لاتِّباع كتاب الله، والاستجابة له “سبحانه وتعالى”.
فعندما ندرك أنَّ هذا الكتاب كلما فيه هو رحمة؛ تتغير نظرتنا إلى تشريعات الله “سبحانه وتعالى”، إلى توجيهاته، وبالذات في الأمور التي ننظر إليها نظرةً سلبية، نعتبرها تشكِّل خطورةً علينا، أو نعتبرها ذات مشقة كبيرة في واقع حياتنا، فنتهرب عن الالتزام بها، أو القيام بها، أو النهوض بها؛ نتيجةً لهذه النظرة الخاطئة، هذا مما يجب أن نصحح من خلاله نظرتنا إلى القرآن الكريم، وبشكلٍ كامل، فكلما فيه من أوامر وتوجيهات، وكلما فيه من هداية، هو خيرٌ لنا، ومن منطلق رحمة الله بنا، وهو أرحم الراحمين، هو أرحم الراحمين، والثمرة التي تتحقق لنا من خلال التمسك بكتاب الله، والاهتداء به، والاستبصار به، ثمرة مهمة لنا نحن: رحمةٌ في الدنيا، ورحمةٌ في الآخرة، رحمةٌ في الدنيا: التمسك بهدى الله “سبحانه وتعالى” والاهتداء به يتحقق لنا به كأمة، الخير، والعزة، والكرامة، والحرية بمفهومها الصحيح، العزة بمفهومها الصحيح، الاستقلال، الخير، البركات، الرعاية الإلهية الواسعة في شؤون حياتنا، القوة، المنعة، الغلبة في مواجهة أعدائنا، كم وعد الله “سبحانه وتعالى”، الرحمة دائرتها واسعة، تمتد إلى كل مجالٍ من مجالات حياتنا، وإلى كل شأنٍ من شؤون حياتنا.

القرآن كتاب حكيم ولا قيمة لما خالف القرآن

القرآن الكريم أيضاً هو كتاب الله الحكيم، وكلما فيه يتصل بأسمائه الحسنى كافة، كل أسماء الله الحسنى، نرى ما يشهد لها، وما هو نتاجٌ لها ومرتبطٌ بها في القرآن الكريم، والله هو أحكم الحاكمين، “سبحانه وتعالى” هو مصدر الحكمة، {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ}[البقرة: من الآية269]، فكلما في القرآن الكريم من هداية، من توجيهات، من أوامر، كلما يقدمه لنا من التزامات عملية، هو من حكمته “سبحانه وتعالى”، ولذلك لا يمكن أن ننظر إلى أي رؤية، أو فكرة، أو مقترحات، أو تنظيرات، أو تصورات، أو مفاهيم، مقدَّمة من عند أي أحد، تخالف القرآن الكريم في أي مجال من مجالات الحياة، على أنها حكمة، أبداً، كلما يأتي وهو مخالفٌ للقرآن الكريم ليس بحكمة، الحكمة نجدها في القرآن الكريم، وأيضاً هذه من المشاكل الكبيرة في الساحة الإسلامية: أنهم يتجهون ابتداءً في مجالات كثيرة من شؤون حياتهم إلى إنتاج بدائل عن القرآن الكريم، وعمَّا يقدِّمه القرآن الكريم.
فعندما نأتي إلى الشؤون السياسية، والتي تتصل بمجالات حياة الناس، بتنظيم شؤون حياتهم، يبحثون عن بدائل، إما من خارج الساحة الإسلامية بكلها، بدائل من عند الكافرين بالقرآن، ممن لا يؤمنون بالقرآن، ممن لا يؤمنون بالله ورسله وأنبيائه، فيأتي البعض ليبحث ماذا قدَّموا من آراء، من أفكار، من تصورات، من مفاهيم، تتعلق بالجوانب السياسية لحياة الناس، ثم يرى ذلك أنه هو الأجدر بالإتِّباع، والأنسب للحياة، والأكثر واقعيةً لحياة الناس، وأنه الأفضل، الذي يجب الالتزام به، فتأتي شخصيات تتبنى ذلك، أحزاب تتبنى ذلك، تيارات، اتجاهات تتبنى ذلك، وبإعجاب وانبهار أحياناً، انبهار بما هو من عند الآخرين، مما أنتجه الآخرون من أفكارهم القاصرة، وما قدَّموه من تصورات خاطئة، نتيجةً للإعجاب به، ونتيجةً للانبهار به، يقدَّم في الساحة الإسلامية وتتحرك لفرضه أحياناً، أو للترويج له في أحيان أخرى، حركات، أحزاب، توجهات، ويأتي من يتعصب له بشدة، ويأتي من يسعى إلى إقناع الآخرين به بكل إعجابٍ واغترار، وهذه مشكلة جلبت لنا الكثير من المشاكل في ساحتنا الإسلامية، وساهمت في الإعراض عن القرآن الكريم.
على المستوى الاقتصادي مثلاً، تأتي كذلك الكثير من الرؤى والمفاهيم من خارج الساحة الإسلامية، والتنظيرات والأفكار من خارج الساحة الإسلامية، وفيها ما يتعلق بكثيرٍ من الأمور في المسألة الاقتصادية: السياسات الاقتصادية، النظم الاقتصادية، الخطط الاقتصادية، ثم تأتي المصائب والكوارث الكبيرة علينا في الساحة الإسلامية نتيجةً لذلك، تصبح تلك التنظيرات الاقتصادية، والسياسات الاقتصادية، والنظم الاقتصادية، هي السائدة في حياتنا في الساحة الإسلامية، والتي تبنى عليها حياتنا في واقعنا الاقتصادي، في المجال الاقتصادي.
أكثر من ذلك: تمتد هذه المسألة إلى الجوانب الاجتماعية، إلى جوانب كثيرة في شؤون حياتنا، حتى تصبح مسألة التبعية لأعدائنا، والتبعية للكافرين بديننا، والكافرين بكتاب الله، والكافرين بالله ورسله وأنبيائه، تصبح مسألة التبعية لهم، التأثر بهم، التقليد لهم، ممتدة في كل شؤون حياة الناس، يصبح ما يأتينا من جانبهم حتى على مستوى الأزياء، على مستوى الملابس، على مستوى الشكليات، حتى في الأشياء الشكليات، من الأساسيات إلى الشكليات، تصبح مسألة التبعية لهم، والتأثر بهم، والإعجاب بما هم عليه، وما يأتي من عندهم، تصبح هي السائدة لدى الكثير من الناس، وتصبح هي الموضة، وتصبح- بنظر الكثير من الناس- هي ما يعبِّر عن الحضارة والرقي، وما ينبهر به الكثير من الناس، هذه مشكلة كبيرة علينا في ساحتنا الإسلامية.
ولذلك يجب أن نعي وأن ندرك ماذا تعنيه هذه المفاهيم المهمة: مفهوم أنَّ القرآن الكريم هو كتاب الله الحكيم، وكلما فيه هو الحكمة، ما يرشدنا إليه هو الحكمة، يعني: لا أصوب منه، ليس هناك رؤية أرقى ولا أسمى ولا أكثر حكمةً مما يقدِّمه الله لنا في القرآن الكريم، وأنَّ هذه الحكمة لا تختص بمجال في حياتنا دون سائر المجالات، الحكمة في المجال السياسي، الحكمة في المجال الاقتصادي، الحكمة في نظم أمورنا الاجتماعية، الحكمة في كل مسيرة حياتنا، في كل مجالاتها وشؤونها، ولذلك يجب ألَّا ننبهر بأي شيءٍ يخالف القرآن، ألَّا ننظر إليه نظرة الاغترار به، ولذلك الله “سبحانه وتعالى” قال عن القرآن الكريم: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[الزمر: الآية1]، ووصفه بأنه القرآن الحكيم، وصفه بالحكمة أتى كثيراً في القرآن الكريم.
القرآن الكريم هو تنزيل الله “سبحانه وتعالى”، تنزيل ربنا الملك، رب العالمين، ملك السماوات والأرض، قال “جلَّ شأنه”: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، تنزيل من الله العزيز العليم، {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[غافر: الآية2]، {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت: الآية2]، قال “جلَّ شأنه”: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: الآية9]، أي كتابٍ، وأي اطروحات، أو رؤى، أو أفكار، تقدم إلى الناس، يمكن أن تكون في مستوى كتاب الله؟ الذي أنزله “سبحانه وتعالى” عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم السر في السماوات والأرض، الذي هو العليم بمصالح عباده، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}[الملك: الآية14]، العليم بنفوسهم، بأمورهم، باحتياجاتهم، بما هو الأصلح لهم، بما هو الخير لهم، بما فيه صلاح حياتهم في كل مجالاتها، هو “جلَّ شأنه” العليم.
وهو الملك، نحن ملزمون باتباع كتابه، هو دستوره لعباده، هو دستوره لعباده، وأنزله ليتبع، أنزله حجةً على عباده ليتبع، أنزله، وإنزاله له إلى عباده جزءٌ من تدبيره الواسع لشؤون مملكته الكونية الكبرى، ولذلك قال “جلَّ شأنه”: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}[الإسراء: من الآية105].
إذا كنا قد ننظر إلى ما يأتينا من البعض إلى أنه من شخصيات مشهورة بمنزلتها العلمية، أو مكانتها العلمية، أو مشهورة بأنها تمتلك الرؤى والتصورات الحكيمة، أو مشهورة أنها ذات تخصص ومعرفة واسعة في مجال من المجالات، فهذا لا يقارن أبداً بالنسبة إلى علم الله، وحكمته، ورحمته، هذا شيء لا يقارن أبداً، ليس هناك أي مقارنة، فلا يساوي شيئاً ما يقدم من الناس، مهما كانت مكانتهم العلمية، مهما كانت تخصصاتهم، عندما يأتي منظر في المجال الساسي، أو يطلق عليه خبير في المجال السياسي، أو خبير في المجال الاقتصادي، فما يقدمه وكان مخالفاً للقرآن فلا يساوي شيئاً، ليس له أي قيمة نهائياً، لا شك في أنه خطأ، لا شك في أنه لا يصلح لحياة الناس أصلاً.
الله قال عن القرآن الكريم: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}، أنزله بالحق، مقتضى ملكه لعباده، قيامه بأمر عباده، بأمر مملكته، بشؤون خلقه، يقتضي أن يقدم لهم منهجاً ونظاماً لحياتهم، لمسيرة حياتهم، لشؤون حياتهم، تعليمات واضحة، منهج واضح.

لكي تستقيم مسيرة الحياة لا بد من اتباع القرآن

{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأنعام: الآية155]، كتابٌ أنزله الله لكي نتبعه، نتبعه وتكون كلما لدينا من الثقافات، من المفاهيم، من الأفكار، على أساسه، ومن هديه، ثم تكون منطلقاتنا العملية على أساسه.
{فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا}، اتقوا في اتباعه، لا تفرطوا في اتباعه، لا تقصروا في اتباعه، لا تنحرفوا عن اتباعه.
{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}: هكذا يعلمنا الله أن نبني أساس حياتنا، مسيرة حياتنا، في أعمالنا، في شؤوننا، في نظامنا، في التزاماتنا العملية، في أفكارنا، في منطلقاتنا العملية، على أساس الاتباع لكتابه المبارك.
يقول “جلَّ شأنه”: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت: من الآية42]، فكلما في القرآن حكمة، وكلما فيه كذلك ينسجم مع مكارم الأخلاق، ليس فيه ما إن اتبعته يمكن أن تكون غبياً، أو يمكن أن يشوهك، أو أن يمس بك في كرامتك الإنسانية، في أخلاقك، في قيمك، لا، كلما فيه عظيم، يسمو بك، تشرف به.
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: من الآية9]، وهدايته هداية واسعة في كل مجالٍ من مجالات الحياة، وهداية راقية وعظيمة، {لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، فهو يهدينا في المجال السياسي إلى أقوم ما تستقيم به الحياة في مجالها السياسي، يهدينا في المجال الاقتصادي إلى أقوم وأرقى وأسمى وأعظم ما تستقيم به حياتنا في المجال الاقتصادي، في الشأن الاجتماعي، في كل التفاصيل ذات الصلة بالشأن الاجتماعي: في شؤون الأسرة، في شؤون المجتمع، في علاقات المجتمع، في قضايا المجتمع، المشاكل الاجتماعية، يهدينا إلى ما هو أقوم ما تستقيم به حياتنا في مجالها الاجتماعي، وهكذا في بقية المجالات.
فليس هناك ما يمكن أن يكون بديلاً عنه، فيهدي إلى ما هو أفضل، وليس فقط إلى مستوى أنه ينافس ما لدى الآخرين، ولكنه دائماً يقدم الأرقى، الأقوم، الأفضل، الأحسن.
{وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}[الشورى: من الآية52]، لا يمكن أن تنال هداية الله إذا لم تكن مرتبطاً بكتابه، مهتدياً بكتابه، هو يهديك، هو يتدخل في هداية عباده، لكن هذه الهداية تأتي مع التمسك بكتابه.
{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}[المائدة: من الآية16]، السلام من الضلال، السلام من الشقاء، السلام من الخزي، السلام من النار، السلام من عذاب الله في الدنيا والآخرة، السلام من الهوان، السلام من كلما نحن مفطورون على أن نبتغي لأنفسنا السلام منه.
ولهذا نجد أنه لا مبرر لنا في المقدمة كمسلمين في أن نبحث- وبشكل عجيب يعني في الساحة الإسلامية- عن بدائل من خارج القرآن في كل مجالات الحياة، معظم من يهتمون بالشأن السياسي ينطلقون من منطلقات بعيدة عن القرآن، ومفاهيم بعيدة عن القرآن، معظم من لديهم اهتمام بالشؤون الاقتصادية يتجهون بعيداً عن القرآن، الشؤون الاجتماعية، حالة من الابتعاد والإعراض حالة خطيرة جدًّا في الساحة الإسلامية.
يقول الله “سبحانه وتعالى”: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: من الآية1]، النبي “صلوات الله عليه وعلى آله” أنزل الله إليه القرآن ليتحرك به عملياً، لإخراج الناس، وفق هذا القرآن، مفاهيمه، نوره، هديه، {مِنَ الظُّلُمَاتِ}؛ لأن الناس في ظلمات: ظلمات الجهل، ظلمات العمى، ظلمات الأفكار الظلامية، المفاهيم الظلامية، التصورات الظلامية، العقائد الظلامية، التي تحجب الناس عن معرفة الحق كما هو، بنقائه وصفائه، الحق كاملاً، ظلمات تحجب الناس عن إدراك الحقائق، عن إدراك ما هو خيرٌ لهم بالفعل، هذه الظلمات يكشفها القرآن الكريم، {إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}.

الإعراض عن القرآن ونتائجه الخطيرة

فالقرآن الكريم، وهو كتاب الله، بعلمه، وحكمته، ورحمته، وهدايته الواسعة الشاملة في كل مجالات الحياة، لا يوجد مبرر للإنسان بأن يعرض عنه، بأن يبتعد عنه في مسيرة حياته، لا كفرد، ولا كمجتمع، ولا كأمه، والإعراض عنه، والانطلاقة على أساس بدائل أخرى، لها نتائج خطيرة جدًّا على الإنسان، وزر كبير، وذنب عظيم.
قال الله “جلَّ شأنه”: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}[طه: من الآية99]، يخاطب نبيه محمداً “صلى الله وسلم عليه وعلى آله”، {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} القرآن الكريم، {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا}[طه: 100-101]، من أعرض عنه فهو سيتحمل التبعات الكبيرة لإعراضه، ما هو الإعراض عن القرآن الكريم؟ هو الإعراض عن الاهتداء به والاتباع له، هذا هو الإعراض، لا يكفي أن نتلوه، لا يكفي أن نقتنيه في المنازل، لا يكفينا الإقرار فقط بأنه من عند الله، ثم لا نتبع ولا نهتدي، يجب أن نعود إلى الاهتداء به، أن يكون عندنا اهتمام، حرص، سعي، للاهتداء به، وسعي للالتزام به، سعي للعمل به، للاتباع له، وإلا فالحالة هي حالة إعراض، وهي حالة خطيرة جدًّا.
{مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ}: أياً كان هذا المعرض، بأي صفة، بأي دور، بأي اسم، {فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا}، نعوذ بالله! ذنباً عظيماً وفظيعاً يخلِّده في جهنم! {خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا}، سيكون حملاً سيئاً، حملاً يكفي بأن يصل بالإنسان إلى قعر جهنم، حملاً ثقيلاً، يبعد الإنسان عن رحمة الله “سبحانه وتعالى”، فلا ينال ذرةً من رحمة الله “جلَّ شأنه”، هذا أمر خطير جدًّا جدًّا، كافٍ لنا جميعاً في أن نتجه بكل جدية إلى الاهتداء بالقرآن الكريم.
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}[طه: 124-126]، فالإعراض له أثر في الدنيا هو الشقاء، الشقاء، وليس فقط الشقاء مثلاً بقلة الإمكانات الاقتصادية، يمكن أن يشقى حتى من لديهم الثروة الهائلة، الإمكانات المادية الهائلة، فلا يرتاحون بها، ولا ينعمون بها، يمكن أن يكونوا في حالة شقاء هم أيضاً، الشقاء حالة واسعة، وأشكالها متنوعة، قد يأتي الشقاء إلى الفقراء المعرضين عن كتاب الله، ويأتي الشقاء إلى الأغنياء المعرضين عن كتاب الله، ويأتي الشقاء لمن لديهم قدرات، أو إمكانات وخبرات، في هذه الحياة، ولكنها اتجهت بهم بعيداً عن هدى الله، فيكونون في حالة شقاء.
أما في الآخرة فهو العمى والخسران المبين، وفوات رضوان الله والجنة، والدخول إلى النار- والعياذ بالله- الخسارة الرهيبة الأبدية الكبيرة، ولذلك نجد خطورة الإعراض عن القرآن الكريم، الإعراض عنه في مقام الاهتداء به، وفي مقام العمل، في مسألة المواقف، في مسألة الاتباع العملي، الآن الكثير من المسلمين لا يفكرون أن تكون ولاءاتهم، توجهاتهم، مسيرتهم في هذه الحياة، على أساس القرآن الكريم، وفي كل مجالات الحياة، الإنسان بحاجة إلى قرار حاسم، وتوجه صادق، يبني عليه هذه العلاقة مع القرآن الكريم؛ للاهتداء به، والاتباع له، والتمسك به.

نكتفي بهذا المقدار في هذا اليوم، ونكمل- إن شاء الله- في المحاضرة القادمة حديثنا عن القرآن الكريم، وعن العلاقة به إن شاء الله.

نسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.

والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

الأربعاء، 7 أبريل 2021

وترجون من الله ما لا يرجون

✍ أبو يحيى الجرموزي ــــ 

( وَلَا تَهِنُوا۟ فِی ٱبۡتِغَاۤءِ ٱلۡقَوۡمِۖ إِن تَكُونُوا۟ تَأۡلَمُونَ فَإِنَّهُمۡ یَأۡلَمُونَ كَمَا تَأۡلَمُونَۖ وَتَرۡجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا یَرۡجُونَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمًا ) 
معركة حقٍ وباطل ( خيرٌ وشر ) نتاج ذلك عزٌّ في الدنيا والآخرة او ذلة وشقاء هنا وهناك وهو مصيرٌ محتوم جنة أو نار بخلود دائم في ظل ممدود بالخير والنعمة أو ظل من يحموم لا بارد ولا كريم.
ومن هذا المنطلق ومن مُجمل الآية الآنفة الذكر 
كان لزاماً وحقاً على البشرية ووفق إرادة الله وهي سنة من سُنن الله في الكون فيما بين مخلوقاته صراعٌ أزلي بين طرف وآخر بين حقٍ وباطل بين صغير وكبير ضعيف وقوي وكلٌ يسعى جاهداً بكل عزيمة وإصرار لئن يتغلّب على الآخر مهما كانت النتائج.
وجميل أن يجعل الإنسان من نفسه وحياته ومماته في موقف الحق والصراط المستقيم الذي فيه الفلاح والنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة
ولهذا خرجنا نحن أبناء اليمن شرفاء بعزّة الجهاد نقاوم ونقارع المعتدين والمستكبرين ومن لّف معهم كخائن متعربد أو مرتزق منافق وعبدٌ رخيص لا قرّ لقراره ولا فصل لقوله وهو العبد الأجير الطامع في الذل والانحطاط بدوافع مقيتة شيطانية خبيثة لا تُغني ولا تسمن
عاصفة حزم انتظرنا نصفها أو ثُلُثها أو حتى رُبع عُشرها ضد الكيان الإسرائيلي المغتصب الأرض والمقدسات الإسلامية في فلسطين العروبة 
لَكِنَّنَا تفاجأنا بتلكم العاصفة وبلا هوادة ضد شعب الحكمة  والإيمان لعناوين ليست في قوانين الله والإنسانية في شيء ومنذُ الغارة الأُولى تبيّن لنا حقد العاصفة ومن يقودها ويمولّها وهي تُشنّ على النساء والأطفال والمدنيين في كل محافظات اليمن
لنشاهد أبشع صور المعتدين وفظيع جرائمهم بحق عامة أبناء اليمن
فكان لزاماً علينا ومن واجب المسؤولية الدينية والوطنية ومهما كانت دواعي الحرب أن نقاتلهم دفاعاً عن الأرض والعرض والمستضعفين لنعيش واقع الجهاد والاستشهاد في سبيل الله وإن تلعثمت الألسن وخارت الحروف وتدحرجت الكلمات 
بلا وهن واجهناهم وابتغاءً لرضوان الله كنّا حاضرين للتضحية التي فيها وبها سبيل العزة والكرامة
ولا مفر من الهزيمة والخذلان إن نحن صمتنا عن جرائمهم وصبرنا على همجية عدوانهم وبغيهم اللّا محدود.
شنوا عدوانهم في سبيل البيت الأبيض من يتخذونه قبلة من دون الكعبة 
نقاتلهم في سبيل الله وما دون الله هيّنٌ وضعيف وليس بجدير أن تسقط قطرة عرق من جبين الأحرار والشرفاء غيارى الدين والوطن والعقيدة والحمية العربية القومية المجاهدة.
ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون 
حربٌ وقودها الناس والحجارة
ضحاياها هم البشر سواءً المعتدين أو المعتدى عليهم
ظالمين ومظلومين 
وبالنسبة لنا كيمنيين هي حرب دينٌ ودولة
حرب كيان ووجود حرب شعب وحدود عقيدة وهوية نكون أو لا نكون 
ولقد اخترنا بعد ان خيّرنا المعتدين والمستكبرين بين الذلة والسلة ان نكون كما أرادنا الله أعزاء كُرماء وأقويا لنحظى بحب الله بنصر وتأييده ولنحظى بتوفيقه والسلام الذي وضّح معالمه وأسبابه سبحانه وتعالى 
لقد اخترنا الجهاد عن الخضوع والانحناء لطواغيت العصر وشُذّاذ الانحطاط
خرجنا جهاداً نقاتل ونُقتل نصرٌ بالله أو شهادة في سبيله ليحق الله بنا الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمين والمعتدين .
 وبما أن المصير هو القتل أو الموت فقد أخترنا ان الحياة الدائمة عند الله مع الأنبياء والصادقين شهداء او حياة بسعادة الدنيا وعزة الجهاد 
وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً 
خرجنا لنقاتل من اعتدى علينا بغى واستكبر
وتعربد وللأمريكان سجد سبّح و حمد في سبيلهم بكرة وعشيا وللحج منع وأفتى بوجوب الولاء لليهود والنصارى.
وما كان خروجنا إلاّ لله في سبيله وإعلاءٌ لكلمته ونصرة لعباده المستضعفين لنبتغي بذلك الأجر والثواب من الله ونرجو من الله العزة والفلاح والنصر والتمكين للعروبة والدين والفوز برضوان الله ونعيمه الخالد والسعادة في الدنيا والآخرة
ولسنا كمن خرج معتدياً ظالماَ خائناً يرتجي الذل والانحطاط والخسة تحت أقدام وفي سبيل من ضُربت عليهم الذلة والمسكنة ولُعنوا في كتاب الله على لسان أنبياءه والصالحين 
نقاتل من اعتدى علينا ويسعى جاهداً لإعادتنا للتبعية والوصاية لليهود والنصارى صهاينة وأمريكان
وهو ما لا نرضاه ولا يرضاه الشرفاء والأحرار في كل مكان من كوكب الأرض
ومهما كانت التحديات وعواقب الحرب والحصار حتى لو فُنينا من هذه الحياة إلاّ أننا نحتسبها ربحٌ في سبيل الله ودفعٌ للضر والشر وحتى لا نكون في موقف يغضب الله تعالى
وبإذنه لن نخسر شيئاً ما دُمنا لله وفي سبيله وعلى هداه وطريقه المستقيم الذي ما ظل من اعتمد عليه وركن بركنه القوي والعظيم وإن الله على نصرنا لقدير ..

قناة صدق الكلمة

✍ أبو يحيى الجرموزي ــــــ
قناة المسيرة قناة صدق الكلمة والموقف والرؤى قناة كل الأحرار من شعبنا اليمني وأُمتنا العربية والإسلامية ومحور المقاومة المناهض للإستكبار والعربدة والثقافة المعوجّة والتمييع الأخلاقي
لتبقى المسيرة هي القناة الرائدة والمحافظة والسبّاقة بقوة لمواجهة التطرف والإنحلال الثقافي والأخلاقي التي تنغمس فيه الكثير من القنوات المحسوبة على العروبة والدين على حساب ثقافة وقيم الدين الاسلامي الحنيف.
تسعة أعوام هي العمر الذهبي والمديد بعون الله لقناة المسيرة التي تحتفل اليوم بالذكرى التاسعة لتأسيسها وإنطلاقتها بصدق الكلمة وواحدية الموقف الموّحد لشعوب محور المقاومة لتشكل بذلك باكورة أمل وشمس تشرق بالعزة والحرية يومياً وإن رغمت أُنوف وتكالب منحطي الثقافة والقيم لتشويه المسيرة كأُمة والتشويش على المسيرة كقناة فضح الله بها كل ادعياء الإنسانية والحقوق وحرّية الرأي التي تكفله قوانين السماء والأرض.
ولو تحدثنا عن الحرب العدوان والحصار على اليمن فقد كانت المسيرة حاضرة برجالها بكوادرها وبطاقمها الفني والإعلامي المجاهد لتوثيق كل صغيرة وكبيرة بلا كلل وبلا ملل وبتوفيق من الله لقد كانت في الموعد والمكان ومع كل عملية عدائية سعودية أمريكية أو دفاعية يمنية مجاهدة لها الحق في الدفاع وكبح جماح العدوان ورفع الحصار
لقد حضرت المسيرة كقناة ناشئة وقفت بحزم وجهاد كشفت الزيف والتضليل والإفساد وعالجت المفاهيم المغلوطة وتغلّبت على المنظومة الإعلامية العالمية وكان لها الفضل بعد الله في الثبات والصمود والإنتصار اليمني أمام صلف العدوان السعودي الأمريكي لستة أعوام مضت وسابع عامٌ أطل علينا بأمل التوفيق من الله بمواصلة العطاء والفدى والصمود حتى تحقيق الإنتصار ونيل الحرية والسيادة الوطنية والدينية.
تسعة أعوام منذو الإطلالة الأولى لقناة المسيرة قناة الثورة والشعب التي كانت في طليعة الثوار تصدراً للمشهد الثوري والتصعيد الذي توجّ ثورته بالإنتصار والتقدم نحو الأُفق الجميل وتكللت الثورة بالنجاح على مختلف الأصعدة 
ومع الشرارة الأُولى للعدوان على اليمن كانت المسيرة حاضرة من اللحظات الأولى كاشفةٌ للحقائق الدامغة بتبعية دول العدوان للكيان الإسرائيلي التبعية المباشرة وما شُنّ العدوان إلاّ خدمة للمشروع الصهيوني والذي بحول الله وقوته سيفشل ويُهزم.
وبالرغم من نشأتها إلاّ أنها كانت الإبرز وتفوقت على كثيرٍ من القنوات والماكينات الإعلامية وما كان سيتحقق هذا الإبداع إلاّ بفضل الله ثم بجهود كوكبة إعلامية كانت وما تزال تعمل كخيلة نحل للرقي بالأعلام والمحافظة على تعاليم الدين واقيم العربية اليمنية بعيداً عن الحضارة الغربية الدخيلة على ديننا ومجتمعنا العربي والمسلم. 
لقناة المسيرة إدارة وعاملين وموضفين شكراً لجهودكم الطيبة والمخلصة شكراً لعطائكم المستمر جهاداً صادقاً في الإعلام العربي الحر والمقاومة
نتمنى لكم التوفيق والسداد .



الأحد، 21 مارس 2021

بروفات ما قبل العاصفة

✍ أبو يحيى الجرموزي
ــــــ بروفات بدائية وعمليات إستباقية وأعمال إرهابية طالت كل اليمن وأستهدفت كوادره السياسية والثقافية والخطبائية والعلمائية المجتمعية والقبلية بطرق شتىّ تفجيرات وأعمال تفخيف وزراعة العبوات والإغتيالات مداهمات واقتحامات جعلت اليمن اليمن تعيش على فوهة بركانية وعلى شفاء جُرفٍ من السقوط والإنهيار والذي ما كادت لتقوم له قائمة 
اعمال خُبث أستهدفت كل الإنسان اليمني ولو توفر حتى النساء والمساجد والمدارس وفيها ومن خلالها جس نبض الشارع اليمني ومدى قابليته للخنوع والإستسلام لهيمنة الوكلاء وقبوله بتدخل الأسياد والممولين لتلك الجماعات الإجرامية التي عاثت الفساد والافساد أسرفت بالقتل والتدمير والتي طال حتى مؤسسات الدولة العسكرية والقيادية 
من صنعاء العاصمة إلى عدن وحضرموت إلى إب وسيؤون إلى تعز وذمار إلى حجة وشبوة إلى عمران إلى لحج والبيضاء إلى مارب وأبين إلى الجوف وعمران والضالع إلى المحويت إلى كل اليمن بدوه وحضره مُدنه وريفه كانت خلاياء الإرهاب تمشي وفق المشروع والقرار ( الصهيوسعوأمريكي ) 
اعمال إجرامية وتفجيرات واغتيالات وثقافات مغلوطة كانت تُمارس ضد هذا الشعب وعلى يد شرذمة محسوبة على اليمن الذي عاش عصر الموت والذي سبق عاصفة الإجرام الأُم والمربية لتلك الجماعات المتطرفة والتي أنسلخت من القيم والمبادئ العربية والإسلامية والقبلية .
إرهاب لم يرعوي ولم يتورّع وهو يثخن جراحات غائرة في الجسد اليمني المغلوب على أمره لسنوات إن لم نقول لعقود من الهيمنة الزعامة المكذوبة
إرهاب أستهدف رجال الأمن ومؤسسا الجيش ولم تسلم منه حتى وزارة الدفاع والتي اقتحمها عناصر الإرهاب السعودي الأمريكي وقت الضهيرة قتل وتصيفة مباشرة لعسكريين مدنيين وأطباء مستشفى العرضي دكاترة ممرضين أمراض ومسعفين ومرافقين وفي ميدان السبعين اهتزت العاصمة لتفجير إرهابي استهدف عرض عسكري قتل المئات من قوى الجيش والأمن إلى سيؤون ووادي حضرموت ومحافظتي لحج وأبين اعمال إرهاب وتقطعات لمدنيين وعسكرين ذُبحوا على الطريق العام أمام مرأى ومسمع العالم وقيادة الدولة والتي باتت حينها عاجزة من حماية نفسها.
وفي غمرات القتل الممنهج عاشت معظم محافظات اليمن حلقات متسلسله لعمليات إغتيال لشخصيات بارزة سياسية وعلمائية وخطبا مساجد لعل أبرزها تلك التي كانت تُنفذ بحق ابناء عدن وبأشكال يومية
إلى صنعاء تفجيرات طالت هذه المرة جامعي بدر والحشوش والبليلي وجامع الإمام الهادي بصعدة إلى محافظتي إب وذمار وتفجيري المركز الثقافي ومبنى المحافظة ( دار الضيافة) وأيضاً ان للمدارس في صنعاء وذمار وصعدة وعمران والحديدة ومارب لم تنجوا من الإرهاب ومع تساقط كوادر اليمن وقيادته العسكرية والأكاديمية وكذا التدمير الممهنج للأمكانات العسكرية والأمنية والتي كان أبرزها سقوط أكثر من سبع طائرات حربية في العاصمة صنعاء وهيكلة الجيش والأمن وسحب وتدمير اسلحة الدولة والجيش وقدراته الدفاعية الهجومية والجوية والصاروخية وخيانات بالجملة قد تجري بكل مؤسسات الدولة نتج عنها خنوع مُعلن وضعف من أعلى هرم إلى أصغر فرد .
ومع وأثناء وبعد هذه العمليات الممنهجة عاشت اليمن حالة التبعية والوصاية السعودية الأمريكية ورهن الأمر والشور لهم في كل صغيرة وكبيرة وباتوا هم المتحكمين بالقرار اليمني في الداخل والخارج.
وفي خظم الربيع العربي وثورة فبراير التي سرقتها الأدوات الرخيصة كان لزاماً على شرفاء اليمن تغيير الواقع المخزي ليثور الشعب مجدداً في 21 سبتمبر 2014 لتكون بذلك ثورة شعب قولاً وعملاً وتمويلياً وإدارةً
نجحت الثورة وهرب الاقزام وفرّ الإرهاب بقواعده وألياته وتوارت الجماعات التكفيرية وتضعضع الباطل أمام صحوة الحق 
حينها ومع الفشل السعودي الأمريكي وقطع يد الوصاية بات لزاماً على قوى الشر والإرهاب ان تزّج بنفسها لتدافع عن مشاريعها الهدّامة وفي ليلة غادرة شُنّ الحرب على اليمن تحت مباشرة من كان يموّل الإرهاب الذي زعزع اليمن لسنوات وهو يقتل ويدمر يفجر ويفخخ ولم تحقق شيئاً ومع فشل الأدوات وصحوة الشعب وقيادة الثورة اعلنت السعودية ومن امريكا بالحرب وما كانت تلك العمليات الإرهابية إلاّ مقدمة لحرب كبرى وبروفات إستباقية وكأنها مشاهد قبل المونتاج وما قبل العاصفة وما هي إلاّ تهيئةٌ لهذه الحرب والعدوان والحصار.
بعد ست سنوات ماضية سابعة ستأتي اثبت الصمود اليمني وبفضل الله فشل المعتدين وعجزوا من تحقيق نتائج شنوا عدوانهم لتحقيقها وها نحن اليوم سنطوي صفحة ستة اعوام من الحرب لنفتح صفحة سابعة سنخوضها على ثقة بالله وتوكل عليها وسيُهزم الجمع ويولّون الأدبار ثم لا يُنصرون ..

اليوم الوطني للصمود

✍ أبو يحيى الجرموزي ـــــ 
من بين الركام نهضنا ومن بين الأنقاض وعلى وقع القصف والدمار أشتدت عزائمنا الجهادية الإيمانية , ومن وسط النار والحصار أزددنا بأساً وقوة أصبحنا نصنع وننتج نجاهد نقاوم ونقارع ننتصر نتقدم على طول وعرض الجبهات العسكرية الداخلية وفي الحدود وفي العمق السعودي وكامل جغرافيا مملكة الرمال ( السعودية ) ولقيطة الصحراء (الإمارات ) كانت صواريخنا تفتك ومسيّراتنا تدمرّ وتحرق وتستهدف شركات النفط والطاقة والقواعد العسكرية وتصنيفاتها في كل شبرٍ سعودي نراه ممولاً وعاملاً مساعداً لتمويل وإطالة العدوان.
ونحن على أعتاب العام السابع من الصمود اليمني في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي يجب علينا ان نحمد الله ونشكره ونزداد قرباً منه وإليه على ما أمدنا بالعزيمة والثبات والصمود ومقارعة المعتدين رغم فارق الإمكانات والتسليح والعُدة والعتاد وليكُن شعارنا ولنزداد ثقة بالله ان كمّن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.

سادس عام صمودٍ وجهاد هجومٍ ودفاعٍ وإستشهاد وحربُ وحصار نقابله كشعب يمني بعزّةٍ وكرامة سيُخلّدها التاريخ في أنصع أوراقه أن تحالف عالمي أُممي وعربيّ صهيوني وأمريكي بكل قواه وقوامه وعتاده العسكري ودعمه وإسناده اللوجستي وجحافل جيوشه ومرتزقته هُزموا في اليمن وولّوا الأدبار منكسرين وأمام ضربات يمانية حيدرية تمرمطوا ولهم عُقبى الخزي والذل في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم
الذكرى السادسة لسنوية العدوان على اليمن
جعلتنا نعيش ستة أعوام نجاهد الطغاة والمستكبرين والمنافقين في الداخل اليمني والخارج العربي المنطبح للامريكان والمطبّعَ مع إسرائيل وهنا كلمة السر التي بها وبفضل الله صمد اليمنيون انتصر وأنتصروا على المعتدين غزاة ومحتلين ومرتزقة رخاص مأجورين باعو دينهم لدنيا الأمريكان الزائفة ووعودهم الشيطانية وأمانيّهم الخبيثة والتي تلاشت بفضل الله ثُمّ بفضل صحوة أحرار اليمن وهبّتهم للدفاع عن اليمن الأرض والإنسان والعقيدة والحرية الإيمانية والكرامات.
 و بالتالي فإنّنا سنخوض العام السابع من الصمود على ثقة بالله بأقوى عزيمة وبأس شديد وسيكون عاماً إستثنائياً بكل المقاييس وبإذن الله سيكون عام النصر والإنتصار والغلبة على اعداء الله وشرار البشرية.
وستكون قدراتنا العسكرية والدفاعية أقوى منذِ قبل ستؤلم العدو أكثر في كل مواقعه الحيوية والعسكرية ومراكز قراراته وستحدث شرخاً في منظومته العسكرية والقبلية والمجتمعية .
اليوم الوطني للصمود هو يومٌ يستذكر فيه اليمنيون الشرارة الأولى للعدوان واولى جرائمه بحق المدنيين في صنعاء العاصمة حي المطار واللتي راح ضحيتها ما يزيد عن ثلاثين شهيد وعشرات الجرحى جلهم من آل الجرموزي وآل الريمي واللتان استشهد جُل الأسرتين وكذا مجرزة البقع وجرائم أخرى. 
سادس عامٌ مضى وسابع سيأتي لم تفصلنا عنه سوى أيام وتحلّ علينا ذكراه الذي يصادف 26 مارس 2015م 
عام سابع سيحل علينا فيه يجاهد اليمنيون فيه يثبتون وينتصرون بعون الله بفضله وبقوّته التي لا تقهر ولا تضعفها أي قوة مهما كانت وفيه يُغاث اليمنيين ويستردون حقهم الملسوب وسيادتهم المنتهكة من قبل أراذل البشرية والمستكبرين. 
سبعة أيام رأها تحالف العدوان أيام حربه على اليمن وإعادته للوصاية وتحت الهيمنة السعودية الأمريكية
فكان إن خضنا فيه ستة إعوام نواجه فيها تحالف عربيٌ وعالمي بصبر وثبات وبصمودٍ مُنقطع النظير لا يتضعضع وبمعنويات لا تنكسر وهامات عالية لرجال لا تتزحزح مكفولٌ لها العزة والغلبة مهما مكر الأعداء وتعربد الأقزام فهم إلى الخسة والإنهزام ونحن إلى العزة والإنتصار ولن نُخذل ما دُمنا في خطّ الله نسير. 
وها نحن نودّعُ سادس أعوام العدوان والصمود الوطني متوكلين على الله واثقين به ومعتمدين عليه وأن الفضل له والمنّة له على أمل الدخول في العام السابع توالياً ونحن بأقوى عزيمة وبأساً وأشد تنكيلاً بالأعداء ونسأله الثبات والعون والمدد والرحمة والتأييد وسيكون عامٌ مختلفٌ عن الأعوام الماضية ولن نكون للأعداء إلاّ عذاباً من بأس الله نُعذّبهم ومن قوة الله لن نرأف بهم إن استمروّا في عدوانهم 
ان جنحوا للسلم جنحنا له وإن عادوا عُدنا وعاد الله معنا ولينصرنّ الله من ينصره .. 

الجمعة، 12 مارس 2021

توازن الردع السادسة لن تكون الأخيرة ولن تتأخر السابعة

✍ أبو يحيى الجرموزي
ــــ ـــ رعبٌ سادس كعادة توازن ردعه يطال السعودية كنظام مُعتدٍ ستهدف عمقها وأقصى شرقها في مدينة الدمام إلى الظهران ومواقع عسكرية وحيوية في مختلف مُدن مملكة الرمال والقوة الديكورية والزجاجية
عملية عسكرية يمانية مشتركة تحت مُسمى عملية توازن الردع السادسة نفذها سلاح الجو المسيّر بـ 14 طائرة وبـ 8 صواريخ باليستية جاء الإعلان عنها من قبل المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية متوعداً النظام السعودي بعمليات أقوى إن هو أستمر في تماديه وتعدّيِه وحصاره بحق الشعب اليمني 
و إلى رأس التنورة توازن الردع السادسة لن تمون الأخيرة في الوقت الذي لن تتأخر السابعة والثامنة وتاليها كما قلنا وأكدناها وسنؤكدها تأديباً لقوى العدوان هكذا قالها العميد سريع سنؤدب النظام السعودي ومن يقف في صفه متحالفاً حرباً وحصاراً وتمييعاً لليمن الأرض والإنسان والهُوية . 
قُصف الميناء في رأس التنورة واستطاعت القدرات اليمنية تسيير وإطلاق طائراتها المسيّرة وصواريخها الباليستية لمسافة خيالية تزيد عن 1400 كيلومتر تجاوزت الحدود والعمق السعودي والوسط وتخطّت دويلات ومحميات الخليج وتساقطت حُممٌ باليستية على منشأة طالما درّت نفطاً للأمريكان الذي أزعهم الإستهداف.
مسافة كبيرة ليس بحسبان النظام السعودي أن تطاله اليد اليمنية والتي كان لها كلمة الفصل رأس التنورة أحرق والضرع الذي يشعقه الأمريكان بات هزيلاً حيث لم يعُد كما كان مُدرّاً جرّا الإستهداف الذي أحرق أرامكو التنورة لتتوقف الصادرات ومعامل الإنتاج وأُخرجت بعض الصهاريج عن الخدمة.
وتزامناً مع استهداف ميناء رأس التنورة ليلتها لم ينام النظام السعودي وزبانيته ومنافقيه حيث تعرضّت مطارات أبها وجيزان وخميس مشيط لعمليات من هذا النوع الذي كان بمثابة الرادع والقوة التي أبكت تحالف العدوان وحتى مرتزقته المحسوبون على اليمن وأدانوا الأستهداف حسب زعمهم وظهروا مدافعين عن السعودية أعظم دفاعاً من المرأة عن زوجها وهو ما يدلّ عن خليط نجس جمع ألسُن هولاء المرتزقة رغم اختلافاتهم إلاّ أنهم توحدّوا مع هذ الاستهداف توحدوا بوحدة لن تُجديهم نفعاً إلاّ ما أضرتهم.
نعدُ النظام السعودي بالمزيد والمزيد من هذه العمليات الرادعة حتى يرعوي عن غيّه وجرائمه بحق الإنسانية في اليمن وافتعاله الأزمات في الوسط العربي والإقليمي 
وإن أستمر وظل متعربداً فلن يفلت من العقاب والردع السابع والثامن حتى المئة وها نحن في المراحل الأولى من عمليات الوجع الكبير والتي سيتأذى منها العدو نظير عدوانيته وهي التي بفضل الله ستؤدبه كثيراً وستطال شظاياها كل من له بصمة في الحرب والحصار على اليمن الذي يتوّعدهم وهو أهلٌ للفعل قبل القول.
يجب عليه أن يتدارك الأمر بجديّة أن أراضيه ومُدنه وشركاته النفطية والحيوية ومطاراته أصبحت تحت اليد اليمنية وستُصفع كيف ومتى واين شاء اليمن وعليه ويتفهم الأحداث ويوقف حربه وحصاره قبل ألّا ينفعه الدم ولن يقيه الأمريكان بشيء ممّا وعدوه فهم ليس محل ثقة فقد تخلّوا عن عملاء سابقين وتركوهم يعانون المواجهة لوحدهم وهو ما ينتظر النظام السعودي وأنظمة الخليج إن آثروا عبودية اليهود والنصارى عن الله جل في علاه قاصم الجبارين ومُبير الظالمين وهو الغالب على أمره .
وها نحن بفضل الله وبفضل ثقتنا به واعتمادنا عليه نسير طريق التحرر والاستقلال حتى نيل سيادة القرار والعمل وجهادنا في مواجهة أئمة الكفر والنفاق وكذا التضحية وقوافل الشهداء وهمة الرجال المجاهدين الصادقين هو السلام الحقيقي وهو الذي سيتكفل بتحرير اليمن من الأنجاس ومرتزقتهم الأقزام ..

هل يعي النظام السعودي الخطر القادن

هل يعي النظام السعودي الخطر القادم ✍ أبو يحيى الجرموزي  النظام السعودي ومن خلال المراوغة والهدنة القاصرة يبدوا انه استغل التواضع والحكمة ال...